أمن

مجموعة فاغنر تنخرط في أعمال خطرة في الساحل بالتزامن مع دعمها حرب روسيا

مصطفى عمر

جندي من ساحل العاج يؤمن الحراسة في حفل إطلاق خطة مساعدات واسعة للشباب في المناطق المتاخمة لمالي وبوركينا فاسو، حيث تحاول الجماعات المتطرفة تجنيد الشباب، وذلك في توغبو يوم 22 كانون الثاني/يناير 2022. [سيا كامبو/وكالة الصحافة الفرنسية]

جندي من ساحل العاج يؤمن الحراسة في حفل إطلاق خطة مساعدات واسعة للشباب في المناطق المتاخمة لمالي وبوركينا فاسو، حيث تحاول الجماعات المتطرفة تجنيد الشباب، وذلك في توغبو يوم 22 كانون الثاني/يناير 2022. [سيا كامبو/وكالة الصحافة الفرنسية]

نواكشوط، موريتانيا - قال مراقبون محليون إن حكومة مالي تفقد السيطرة على منطقة الساحل مع انخراط مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية في نشاط غير مشروع يهدد المنطقة.

وكانت جماعة المرتزقة قد ثبتت وجودها في منطقة الساحل في غربي وشمالي أفريقيا الوسطى الواقعة بين الصحراء الكبرى والسافانا السودانية، بحجة "مكافحة الإرهاب".

ولكن بات جليا أكثر فأكثر أن المجموعة التي يقودها رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين، لديها أجندة أخرى.

وفرضت الولايات المتحدة في 25 أيار/مايو عقوبات على رئيس مجموعة فاغنر في مالي إيفان ماسلوف، وذلك على خلفيات عدة من بينها دعمه للحرب الروسية ضد أوكرانيا.

صورة التقطت يوم 17 نيسان/أبريل لشاشة إعلانية تروج لمجموعة المرتزقة الروسية فاغنر على مبنى في موسكو، وكتب عليها شعار ʼمعا سننتصر!ʻ [ناتاليا كوليسنيكوفا/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة التقطت يوم 17 نيسان/أبريل لشاشة إعلانية تروج لمجموعة المرتزقة الروسية فاغنر على مبنى في موسكو، وكتب عليها شعار ʼمعا سننتصر!ʻ [ناتاليا كوليسنيكوفا/وكالة الصحافة الفرنسية]

وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مع رئيس النيجر محمد بازوم في نيامي بالنيجر يوم 16 آذار/مارس. وحذر بازوم مؤخرا من الخطر الذي تشكله مجموعة فاغنر على استقرار بلاده. [بوريما حماة/وكالة الصحافة الفرنسية]

وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مع رئيس النيجر محمد بازوم في نيامي بالنيجر يوم 16 آذار/مارس. وحذر بازوم مؤخرا من الخطر الذي تشكله مجموعة فاغنر على استقرار بلاده. [بوريما حماة/وكالة الصحافة الفرنسية]

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان "قد تكون مجموعة فاغنر تسعى للتعتيم على جهودها للحصول على معدات عسكرية لاستخدامها في أوكرانيا، بما في ذلك من خلال العمل عبر مالي ودول أخرى لديها موطئ قدم فيها".

وأضافت "من الممكن أن مجموعة فاغنر تسعى إلى شراء معدات عبر مالي لاستخدامها في أوكرانيا، وهي على استعداد لاستعمال أوراق مزورة في هذه الصفقات".

وتابعت "ثمة مؤشرات تدل على أن مجموعة فاغنر تحاول شراء أنظمة عسكرية من موردين أجانب ونقل هذه الأسلحة عبر مالي بصفتها طرف ثالث".

وأوضح البيان "على سبيل المثال، من الممكن أن موظفي مجموعة فاغنر يحاولون العمل عبر مالي لشراء معدات قتالية مثل الألغام والطائرات المسيرة وأنظمة الرادار والأنظمة المضادة للمدفعية لاستخدامها في أوكرانيا".

وأكد البيان أن "الولايات المتحدة تعارض جهود أي دولة لمساعدة روسيا من خلال مجموعة فاغنر".

قوة مزعزعة للاستقرار

وفي السياق نفسه، قال المحلل المالي محمد سيسي للمشارق إن الحكومة المالية تدعي أن مرتزقة مجموعة فاغنر هم مجرد "مدربين عسكريين"، لكنه اتضح لمراقبي منطقة الساحل عدم صحة هذه المزاعم.

وأضاف أن على باماكو تحمل مسؤولية "الخطأ الكبير" الذي ارتكبته والمتمثل في جلب مرتزقة فاغنر إلى منطقة الساحل.

ولفت سيسي إلى أن المنطقة تعاني بالفعل نتيجة وجود المتطرفين وتصاعد الصراعات العرقية وانتشار المجاعة وزيادة النزوح ولا يمكنها تحمل المزيد من التوتر.

وكان المسؤول في وزارة الخزانة براين نيلسون قد أوضح أن العقوبات الأميركية "ضد أكبر ممثل لمجموعة فاغنر في مالي تحدد وتعطل عنصرا رئيسا يدعم أنشطة المجموعة العالمية".

ولفت إلى أن "وجود مجموعة فاغنر في القارة الأفريقية يعتبر قوة مزعزعة للاستقرار لأي دولة تسمح بنشر موارد المجموعة في أراضيها السيادية".

إلى ذلك، اتهمت الولايات المتحدة مجموعة فاغنر أيضا بتأجيج الصراع في السودان عبر تزويد قوات التدخل السريع شبه العسكرية بصواريخ أرض-جو.

و"من حق جميع حكومات المنطقة بناء علاقاتها السياسية والعسكرية وفق مصالح شعبها شريطة ألا يكون لذلك تداعيات على أمن منطقة بأسرها"، حسبما ذكر سيد أحمد ولد أطفيل المحلل المتخصص بصراعات منطقة الساحل.

وتابع في حديث للمشارق "لكن حكام مالي العسكريين ساهموا بطريقة أو بأخرى في جلب عنصر تخريب إلى منطقة الساحل، وهم عناصر فاغنر".

وأشار إلى أن "عملية تهريب السلاح والمخدرات والممنوعات الأخرى كانت دائما نشطة في الصحراء الكبرى بمنطقة الساحل، حيث كان يصعب على حكومات المنطقة ضبطها".

ولكنه ذكر أنه نظرا للخبرة العسكرية لفاغنر، فإن دخولها على خط تهريب السلاح سيجعل العملية أكثر تنظيما وخطورة.

وقال إن تورط مجموعة المرتزقة في التهريب يثير أيضا احتمال أن تتدخل روسيا بقوة أكبر في شؤون مالي، "ما سيجعلنا أمام وضع غير قابل للسيطرة".

وقد يفتح ذلك المجال أيضا أمام المجموعات الإرهابية النشطة في المنطقة للحصول على أسلحة أكثر تطورا وفتكا، حسبما أضاف.

تزايد الخطر على منطقة الساحل

وكان زعماء بعض دول الساحل ومن بينهم رئيس دولة النيجر المجاورة لمالي، قد حذروا من الخطر المتزايد لمرتزقة فاغنر في المنطقة.

وفي حديث مصور مع مجلة جون أفريك يوم 26 أيار/مايو، حذر رئيس النيجر محمد بازوم من الخطر الذي تشكله المجموعة على استقرار بلاده.

واتهم بازوم عناصر فاغنر بالترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي لانقلابين عسكريين داخل النيجر كان آخرهما في شباط/فبراير الماضي، إضافة إلى محاولتهم تجنيد أفراد لخدمة أجندتهم في النيجر.

وقال إن "مجموعة فاغنر تسعى لتجنيد حصان طروادة في بلادنا وقد تم تحديد ومراقبة الأشخاص الذين تريد استخدامهم، كما اعتقلنا زعيم حزب سياسي سنقوم بمحاكمته قريبا".

وفي هذه الأثناء، تزداد الأوضاع سوءا في منطقة الساحل وسط انعدام الأمن وانتشار الفقر، ما دفع بالكثيرين إلى النزوح باتجاه حدود الدول المجاورة بحثا عن الأمان والغذاء.

وفي تقرير مشترك صدر في 29 أيار/مايو، شدد كل من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي التابعين للأمم المتحدة، على الحاجة الملحة لتدخل المجتمع الدولي لمساعدة سكان منطقة الساحل.

وذكر التقرير أن الغذاء غير متوفر بشكل كاف في منطقة الساحل، داعيا إلى مساعدة دول أخرى تعاني من أوضاع مشابهة، مثل السودان وهايتي.

ومن جهة أخرى، يشكل انعدام الأمن في مالي عامل قلق لقوات حفظ السلام المتمركزة في شمالي مالي، الأمر الذي دفع بعض الدول لاتخاذ قرار بسحب قواتها من بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما).

يُذكر أن مصر التي تعتبر ثالث أكبر مساهم بقوات البعثة، هي واحدة من الدول التي تقوم بسحب قواتها تدريجيا من مالي.

وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إلى أن الأمم المتحدة ومصر اتفقتا على الانسحاب التدريجي للكتيبة المصرية القتالية من مينوسما اعتبارا من حزيران/يونيو الجاري، ذلك أن هناك حاجة لإعادة تشكيل البعثة نظرا للوضع المتغير في مالي.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500