أمن

بداية جديدة للعائلات العراقية العائدة من مخيم الهول السوري

خالد الطائي

وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق جابرو ومسؤولون عراقيون يتفقدون العائلات في مخيم الجدعة بالقرب من الموصل بتاريخ 22 شباط/فبراير. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]

وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق جابرو ومسؤولون عراقيون يتفقدون العائلات في مخيم الجدعة بالقرب من الموصل بتاريخ 22 شباط/فبراير. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]

تتلقى مئات العائلات العراقية التي أعيدت من مخيم الهول بمحافظة الحسكة السورية، الرعاية النفسية والدعم في مخيم الجدعة بالقرب من الموصل في محافظة نينوى العراقية، وذلك في إطار برنامج لإعادة التأهيل.

وستتم إعادة العائلات المؤلفة إلى حد كبير من نساء وأطفال إلى مجتمعاتها الأصلية، بعد إكمالها البرنامج بنجاح.

وقال مسؤولون عراقيون إن العائدين في مخيم الجدعة يتفاعلون بصورة إيجابية مع برنامج إعادة التأهيل والاندماج المجتمعي، وهو ما شجع الدولة على رفع وتيرة عملية إعادة المواطنين إلى ديارهم.

وفي 3 حزيران/يونيو، أعيد أقارب لعناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من مخيم الهول إلى الجدعة حسبما ذكر مسؤول عراقي لوكالة الصحافة الفرنسية.

عراقيات تمت إعادتهن من مخيم الهول في سوريا، يشاركن في صفوف الخياطة في مركز الجدعة لإعادة التأهيل بالقرب من الموصل بتاريخ 27 أيار/مايو 2021. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]

عراقيات تمت إعادتهن من مخيم الهول في سوريا، يشاركن في صفوف الخياطة في مركز الجدعة لإعادة التأهيل بالقرب من الموصل بتاريخ 27 أيار/مايو 2021. [وزارة الهجرة والمهجرين العراقية]

وأوضح أنه ستتم إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية ما أن يقدم زعماء العشائر في مجتمعاتهم ضمانات بعدم تعرضهم لأية أعمال انتقامية.

وذكر المسؤول أنه تمت في اليوم نفسه إعادة 50 عنصرا من داعش من سوريا.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنهم كانوا معتقلين في الحسكة وسلمتهم قوات سوريا الديموقراطية للسلطات العراقية ليواجهوا التحقيقات والعدالة.

وفي 23 آذار/مارس، أي يوم الذكرى الرابعة لهزيمة داعش في العراق وسوريا، أشاد التحالف الدولي بجهود الحكومة العراقية لإعادة نحو 5000 من مواطنيها من مخيم الهول إلى ديارهم منذ العام 2021.

وفي هذا الإطار، أعاد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي التأكيد على التزام العراق بقرار إرجاع كل العراقيين وإعادة تأهيلهم ودمجهم داخل المجتمع.

وذكر أن الحكومة العراقية لن تتراجع عن هذا القرار "انطلاقا من مسؤوليتها في حماية جميع الأطفال والنساء الضحايا"، مضيفا أن "المطلوب للقوات الأمنية من أفراد تلك الأسر سيذهب إلى القضاء ويحاكم".

العائلات العراقية في الهول

ولا يزال ما يقدر بـ 7000 عائلة عراقية في الهول، إلى جانب أعداد كبيرة من أفراد عائلات سورية لداعش وغيرهم من دول أخرى سافروا إلى سوريا للالتحاق بأزواجهم.

هذا وعبّرت السلطات المحلية والهيئات الدولية عن مخاوف مبررة إزاء نشر داعش الفكر المتطرف في المخيم ولا سيما في صفوف الأطفال الضعفاء وصناعةجيل جديد من الإرهابيين.

وتعمل لجان الحكومة العراقية وشركاء آخرون على نقل المواطنين العراقيين، وبينهم أكثر من 20 ألف طفل، إلى خارج الهول وإعادة دمجهم في المجتمع العراقي بموجب خطة شاملة.

وذكرت سيدة عرّفت عن نفسها بأم محمد وتبلغ من العمر 47 عاما، أنها كانت من بين العراقيين العائدين من الهول خلال العام الجاري.

وقالت للمشارق وهي متواجدة في مخيم الجدعة بالعراق، "لم نحس بالأمان طيلة فترة وجودنا بالمخيم".

وأضافت "هربنا أنا وأبنائي الأربعة إلى مخيم الهول بعد احتلال داعش للموصل" عام 2014. وتابعت "نجونا من بطش الإرهابيين لكننا عانينا كثيرا من سوء المعيشة في المخيم ونقص العلاجات والخدمات والطعام".

وقالت إن الأوضاع زادت سوءا بسبب "فقدان الأمان لاحقا" في الهول الذي شهد عمليات قتل أو اختطاف للنساء والأطفال وحالات تعذيب وتضييق من قبل خلايا داعش السرية.

وأوضحت "كنا نخشى كثيرا على حياتنا وحياة أولادنا ولا ننام من الخوف".

وأشارت إلى أنها وأطفالها اليوم بحالة جيدة في الجدعة، حيث يتلقون المساعدات الأساسية والتعليم والرعاية الطبية والنفسية.

واستدركت قائلة "لقد كتبت لنا حياة جديدة هنا لكن ما زلنا قلقين على مصير العائلات العراقية الباقية في الهول. نأمل من الحكومة إعادتها قريبا وإرجاعنا كلنا لمناطق سكننا".

خدمات عاجلة في الجدعة

ومن جانبه، قال خالد عبد الكريم إسماعيل مدير دائرة الهجرة في محافظة نينوى للمشارق إن مخيم الجدعة الذي افتتح قبل سنتين مخصص فقط لاستقبال العائدين من الهول الذين ليس عليهم أية مؤشرات أمنية.

وأوضح "في البداية نوفر الخدمات العاجلة للعائدين من الغذاء والعلاج ومن ثم يتم إشراكهم ببرنامج التأهيل والدعم النفسي".

وذكر أن ذلك يشمل حصصا دراسية وأنشطة وألعابا ترفيهية للأطفال ودورات تربوية وتدريب مهني للنساء.

ولفت إلى أن العراق يعمل على تلبية متطلبات العائدين ومساعدتهم في إعادة تأهيلهم من خلال شراكات مع منظمة اليونيسف ومنظمة الهجرة الدولية وغيرها من الكيانات الدولية والمحلية.

وأشار الى أن هذه الجهود تشمل أعمال تقييم لاحق توثق أية تغيرات في التفكير أو السلوك، مضيفا أن العائدين استجابوا بإيجابية للبرنامج.

وقال اسماعيل إن ذلك منح ثقة في إمكانية رجوعهم إلى مجتمعاتهم الأصلية دون مشاكل.

إعادة التوطين والاندماج مجددا في المجتمع

وقال مسؤولون عراقيون تحدثوا للمشارق إنهم لم يرصدوا أية حالات جنوح للتطرف أو العنف بين العائدين من الهول خلال فترة التأهيل التي تتراوح بين 3 و4 أشهر.

ومن جهته، يذكر سعيد الجياشي مستشار الشؤون الاستراتيجية في مستشارية الأمن القومي إنه بعد حصول العائدين من مخيم الهول على التأهيل النفسي في الجدعة وحصولهم على الأوراق الثبوتية، تتم إعادة توطينهم في مناطقهم الأصلية.

وأشار إلى أن هذه الأخيرة تتركز في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين.

وأضاف أن "الاندماج والاستقرار المجتمعي يمثل المرحلة الأخيرة والمهمة في خطة استيعاب نازحي الهول".

وأوضح أن ذلك يتم بالتنسيق مع الحكومات المحلية ووجهاء العشائر وقادة المجتمعات "لضمان الانخراط السلس والآمن للعائدين وتقييم الأوضاع على المستوى الأمني".

وعادت لغاية اليوم أكثر من 600 أسرة إلى مناطقها السابقة بعد اكتمال تأهيلها، ولم تسجل أية شكوى من الأهالي أو حالة خرق أمني في مناطق العودة، حسبما أكد مسؤولون عراقيون.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500