سياسة

نازحو حلب يشاهدون عاجزين الميليشيات الإيرانية وهي تحتل منازلهم

نهاد طوباليان

لم يعد أمام الناشط السوري عمر العليوي الذي نزح من عبطين في ريف حلب الجنوبي إلى إدلب عام 2015 أي وسيلة غير الإنترنت لرصد تحركات عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني في أرجاء ممتلكاته الخاصة. [علي الحاج سليمان]

لم يعد أمام الناشط السوري عمر العليوي الذي نزح من عبطين في ريف حلب الجنوبي إلى إدلب عام 2015 أي وسيلة غير الإنترنت لرصد تحركات عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني في أرجاء ممتلكاته الخاصة. [علي الحاج سليمان]

بيروت - من منزله المؤقت في إدلب الذي نزح إليها من قريته عبطين في حلب في تشرين الأول/أكتوبر 2015، يتابع الناشط السوري عمر العليوي مصير أرضه وممتلكاته التي أجبر على التخلي عنها.

وفي حديثه للمشارق، قال "أتفقد أملاكي يوميا عبر الانترنت"، موضحا أنه لم يعد أمامه أي وسيلة أخرى لرصد تحركات عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني داخل أملاكه الخاصة.

وأضاف أنه عبر استخدام المواقع التي تعرض صورا تلتقطها الأقمار الصناعية، "تظهر لي بالعين المجردة كيف يتنقل عناصر حزب الله بحرية بأراضينا. وأحزن كثيرا حين أرى علمه الأصفر يرفرف فوق على السطح".

وتابع "اجتاحت مجموعات كبيرة من ميليشيات إيرانية وعراقية وحزب الله مناطقنا بريف حلب الجنوبي في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، واستولوا على المنطقة بالكامل بما فيها منطقتنا عبطين وعلى أملاك عائلتنا".

الناشط السوري عمر العليوي يحمل صورة وخريطة لعقاره الخاص الذي نزح منه في تشرين الأول/أكتوبر 2015. [علي الحاج سليمان]

الناشط السوري عمر العليوي يحمل صورة وخريطة لعقاره الخاص الذي نزح منه في تشرين الأول/أكتوبر 2015. [علي الحاج سليمان]

وأوضح أن الأملاك التي استولوا عليها شملت "محطة وقود ومزارع وبيوت سكننا، وقد سيجوها ويسكنون مع عائلاتهم فيها تحت حراسة مشددة".

وذكر العليوي أن "حزب الله يقيم بالقسم الشمالي من املاكنا، فيما يسكن الإيرانيون بالقسم الجنوبي".

وقال "أنشأوا بقسم من أراضينا مركزا لتصليح الآليات وأعادوا تشغيل محطة الوقود لتزويد آلياتهم العسكرية بالوقود".

وقال العليوي أن عناصر الميليشيات تمنع أي كان من الاقتراب من أراضي عائلته، مضيفا أن ضباطا بجيش النظام السوري استولوا على الأراضي الزراعية وباعوا محركات ضخ المياه والخراطيم التي كانت تستخدم لريها.

وذكر "هجرنا من بيوتنا وأملاكنا ولم يبق أحد فيها وهي جميعها تخص عائلة العليوي التي أصدروا بحقها حكما بالإعدام لأننا معارضون [للنظام]".

تغيير ديموغرافي ممنهج

يُذكر أن عائلة العليوي هي واحدة من آلاف العائلات السورية التي صودرت ممتلكاتها من قبل ميليشيات حزب الله والحرس الثوري في حلب ومناطق أخرى كانت تسيطر عليها المعارضة السورية سابقا.

ووفقا لتقرير صدر عن موقع focusaleppo.com ونشر في نيسان/أبريل الفائت، عمدت إيران منذ عام 2016 إلى تقديم عقارات معارضي النظام السوري لوكلائها ومؤيديهم.

واشترى عناصر الميليشيات الأراضي والعقارات في حلب وريفها الجنوبي بالتهديد والترهيب عبر شركات تطوير عقاري إيرانية بواجهة سورية.

ومن خلال حزب الله والميليشيات الأخرى التابعة لها، تنفذ إيران سياسة تهدف إلى تحقيق تغيير ديمغرافي في حلب والمناطق الجنوبية، فاستولت على منازل الأهالي وممتلكاتهم قرب الحاضر وجبل عزان وعبطين والعيس.

وفي حديث المشارق، ذكر محمد العليوي وهو نسيب عمر، أنه طرد وكل أقاربه عام 2015 من بيوتهم "على يد حزب الله وحركة النجباء والحرس الثوري الإيراني".

وقال "استولى هؤلاء المجرمين على بيتي الذي استغرق بناؤه 3 سنوات، وحولوا أملاكنا لثكنات عسكرية ومقرات سكن لعائلاتهم".

وأضاف أنه يتمنى ككل السوريين "استعادة بيوتنا من الغرباء الذين استولوا على أرزاقنا وحولونا من مالكي بيوت لمهجرين نسكن بخيم بالجبال".

وتابع بحزن "لم يعد لنا أرض لأن حزب الله والميليشيات الإيرانية سيطروا عليها ويؤجرونها لقاء بدل مالي".

وفي هذا السياق، قال المواطن النازح بشير خضير وأصله من مدينة داريا، إنه في هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة في ضواحي دمشق انتقل عناصر الميليشيات للسكن في منازل الأهالي في بعض الحالات، وهم يضغطون في حالات أخرى على المالكين لشراء أملاكهم.

وأوضح أن "ميليشيات إيران في داريا استولت على جزء كبير من ممتلكات الأهالي الأصليين بعد تهجيرهم من المدينة، وتسعى لشراء أراض عبر طرف ثالث هو سوري للأسف".

وأضاف خضير "باتت أملاكنا لقمة سائغة بيد الحرس الثوري وحزب الله، إذ احتلوا كامل المبنى الذي كنا نسكنه بعدما اضطررنا لمغادرة المدينة".

وتابع أن "الميليشيات الإيرانية وأذرعها تصول وتجول فيها وتحتل البيوت والمتاجر وتشتري ما تريد [من الممتلكات] وفقا لأهمية موقعها".

انتهاكات موثقة

وفي الإطار نفسه، أوضح رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن الشبكة تعمل على توثيق الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الموالية لإيران منذ ظهور هذه الفصائل في سوريا عام 2011.

وأضاف أن هذا العمل تسارع "مع توسع عمليات التشريد القسري التي ارتكبتها قوات النظام واستغلال الميليشيات الإيرانية حركة النزوح والتشريد القسري التي شهدتها سوريا بالأعوام الأربعة الماضية".

وأكد عبد الغني أن الميليشيات الموالية لإيران تتحمل المسؤولية الأكبر عن موجة النزوح هذه.

وأشار إلى أن الشبكة أعدت بحثا حول الأنماط المختلفة لانتهاكات الملكية، كمصادرة الممتلكات أو نهب الأثاث أو هدم المنازل كجزء من إجراءات تنفيذ مخططات عمرانية ومصادرة الأراضي الزراعية.

وكشف أنه تم توثيق انتهاكات بالممتلكات في أكثر من 471 موقعا، بينهم 81 "تعرضت لنهب ممنهج وعلى مستوى متقدم".

ولفت عبد الغني إلى أن "النظام السوري والميليشيات الإيرانية هي المتسبب الرئيسي بعمليات التشريد وما تبعها من انتهاكات تخص حقوق الملكية في كل تلك المناطق".

وأردف أن إيران بدأت في ترسيخ وجودها عبر شراء مئات العقارات في جميع المناطق التي تسيطر عليها. واستثمرت في دمشق في تطوير بساتين المزة خلف السفارة الإيرانية.

وأضاف أنها عمدت أيضا إلى تكثيف مصادرة الممتلكات وحيازاتها في مناطق مثل داريا في ريف دمشق، والتي شهدت عام 2021 تصعيدا واضحا في عمليات بيع العقارات لشخصيات إيرانية.

في غضون ذلك، أشار عبد الغني إلى أنه لا يزال يتم الاستيلاء على أراض وبيوت في مناطق سيطرة حزب الله والحرس الثوري ولا سيما في محيط حلب.

وقال إن العديد من الأهالي "أخبرونا أن عمليات البيع التي تجري بداريا لا تتم بشكل مباشر بين أصحاب العقارات وأفراد أو عناصر من الميليشيات الإيرانية، وإنما عبر وساطات وشخصيات تابعة للنظام".

ولفت إلى أن لمدينة داريا أهمية خاصة لدى الميليشيات الشيعية، كونها تضم مقام سكينة بنت علي.

وأوضح عبد الغني أنه بحسب شهادة عائلات تواصلت معها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن الموجة الأخيرة المرتبطة ببيع الممتلكات بداريا "شملت جميعها الأراضي المحيطة بالمقام".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500