أمن

حزب الله يستغل الاستخبارات والبنية التحتية للجيش اللبناني لمصالحه الخاصة

نهاد طوباليان

صورة لمدرج مطار رفيق الحريري الدولي بتاريخ 11 تموز/يوليو. [نهاد طوباليان/المشارق]

صورة لمدرج مطار رفيق الحريري الدولي بتاريخ 11 تموز/يوليو. [نهاد طوباليان/المشارق]

بيروت -- قال مراقبون إن تقريرا كشف مؤخرا أن حزب الله تمكّن سرا من الوصول إلى رادارات المراقبة في لبنان، يقدم مزيدا من الأدلة على جهود الحزب المدعوم من إيران لتعزيز عمليات التجسس الخاصة به.

وذكرت قناة الحدث التليفزيونية التابعة لقناة العربية في 23 حزيران/يونيو أن خلية من حزب الله تمكنت سرا من الوصول إلى رادار المراقبة في مطار رفيق حريري الدولي في بيروت وإلى الرادار الذي تشغله البحرية اللبنانية من دون علم الجيش.

ونقلت القناة أن مسؤولا بالحزب عمل أيضا على تجنيد واستغلال عناصر من مختلف فروع الجيش اللبناني لمساعدة الحزب على التسلل إلى الأجهزة الأمنية.

وأكد محللون أمنيون لبنانيون ومصادر مطلعة تحدثت إلى المشارق صحة ما ورد في تقرير الحدث، ولفتوا إلى أن حزب الله كان يتغلغل في استخبارات الجيش منذ سنوات عديدة.

صورة لبرج التحكم في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بتاريخ 10 تموز/يوليو. [نهاد طوباليان/المشارق]

صورة لبرج التحكم في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بتاريخ 10 تموز/يوليو. [نهاد طوباليان/المشارق]

وقالوا إنه في ظل سعيه لتنفيذ أجندة إيران في لبنان، عمل حزب الله على نشر عملاء له في المؤسسة العسكرية بهدف الوصول إلى المعلومات والوثائق الأمنية التي يستطيع استخدامها لأغراضه الخاصة.

وذكر المحلل العسكري اللبناني الضابط المتقاعد مارون حتي أن الحزب المدعوم من إيران "قد تغلغل في الحكومة وجهازها الأمني والعسكري، مستخدما بنيتها التحتية منذ سنوات".

وأضاف أن "استخدام حزب الله للرادارات المدنية في مطار بيروت والمرفأ ليس بالأمر الجديد"، لافتا إلى أن الحزب "يستخدم الرادارات في مطار رفيق الحريري الدولي لطائراته المسيرة ، ويشغلها متى أراد ذلك".

وأوضح للمشارق أن الحزب يستخدم المطار والبنية التحتية اللوجستية والاستخبارية للجيش من أجل تطوير وحدة الاستخبارات والتجسس المعروفة باسم الوحدة 900.

مراقبة الدولة

وأشار معهد تشاتام هاوس في تقرير صدر في حزيران/يونيو 2021 إلى أن "حزب الله يختلف إلى حد كبير عن الأحزاب السياسية الأخرى في لبنان كون جهازه الأمني يلعب دورا مركزيا في تمكين الحزب من السيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية".

وذكر التقرير أن الحزب يقوم من خلال الوحدة 900 الخاصة به "بأنشطة رقابة دقيقة للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية".

وتابع أن "الوحدة تضم عملاء وموفدين ضمن طواقم الموظفين في الجيش وقوى الأمن والإدارات المدنية التابعة للدولة اللبنانية".

وجاء في التقرير أن "الوحدة 900 تراقب أيضا الجامعات والمدارس والمسارح والقنوات الإعلامية والمطار الدولي والموانئ البحرية والمصارف الخاصة والشركات التجارية في لبنان" وتجمع المعلومات حول مؤسسات الدولة من خلال عملائها.

وذكر المعهد أنه "في كل عملياتها، تنفذ الوحدة 900 فعليا مهام أجهزة الاستخبارات والأمن الداخلي للدولة، غير أن دورها معكوس كونها تراقب الدولة اللبنانية والمؤسسات غير الرسمية".

ومن خلال الوحدات الفرعية لوحدة النقل 112 التابعة له، وهي وحدة المعابر البرية 108 ووحدة المطار والمرفأ، يقوم الحزب بنقل الأسلحة والمال والتكنولوجيا بين سوريا ولبنان.

وأشار التقرير إلى "دخول وخروج السلع والأشخاص من البلاد بدون سجل رسمي يدل على عبورهم إياها".

واستذكر حتي حادثة شهدها شخصيا في كانون الثاني/يناير 2010 عقب تحطم طائرة إثيوبية بعد لحظات من إقلاعها من مطار الحريري.

وزُعم أنه كان على متن الطائرة أشخاص مقربين من الحزب.

وقال "علمنا أن مجهولين اثنين تبين أنهما عناصر بحزب الله كانا متواجدين في برج التحكم آنذاك، وهو أمر مريب فعلا".

وأضاف "غادرا فور وصولنا إلى البرج، ووجدنا بعد ذلك أن كل المعلومات كانت قد مسحت من معدات المراقبة ولم يتوفر أي أثر لتفاصيل مرتبطة بالرحلة".

التغلغل بالحكومة

وقال معهد تشاتام هاوس إنه في هذه الأثناء، تقوم الوحدة 927 التابعة لحزب الله بالتنسيق مع مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية وتقدم مدفوعات لمسؤولين رسميين يساعدونها من داخل مؤسسة الجيش والمؤسسات الرسمية الأخرى.

وتابع "كمثال على طريقة عملها، يستطيع ضباط التواصل في الوحدة 927 إبلاغ مسؤولي المطار والمرفأ بوصول شحنة معينة في وقت محدد، ما يسمح بإزالة الشحنة من كل السجلات الرسمية".

وفي هذا السياق، قال مصدر مطلع على شؤون حزب الله للمشارق شريطة عدم الكشف عن هويته، إن حزب الله يستخدم قوته السياسية لترقية مؤيديه في المؤسسات الحكومية وتعيينهم في مناصب رفيعة.

وأضاف أن بعض الأفراد من خارج قاعدة الحزب يتعاونون أيضا مع حزب الله "إما كونهم بحاجة إلى موافقته للتقدم في مسيرتهم المهنية أو لأنهم حصلوا على رشاوى من الحزب".

وأوضح أن حزب الله يحاول تهميش كل من يعارضون أجندته.

وقال حتي للمشارق إن حزب الله يستغل أية فرصة ضمن الحكومة لتأمين مصلحته السياسية.

وأشار إلى أن الحزب قام بتعيين 3 من مؤيديه في مناصب بمكتب الاستخبارات الحكومي، وقد قام هؤلاء "بتحويل المستندات إلى المدير السابق للأمن العام عباس ابراهيم الذي عمد بدوره إلى تسليمها لحزب الله".

وذكر حتي أن إنهاء قدرة حزب الله على مراقبة قدرات الجيش اللبناني يتطلب خطة استراتيجية مفصلة، مضيفا أن مواجهة الحزب تعد ضرورية لضمان وجود حكومة قوية للبلاد.

مأزق سياسي

وبدوره، قال الكاتب الصحافي طوني بولس للمشارق إن حزب الله يستغل الأزمة الاقتصادية في لبنان لحماية مصالحه وكسب السيطرة على المطار والمرفأ والمعابر الحدودية.

وأضاف أن الحزب لم يسمح بانتخاب رئيس لبناني منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وهو ما سمح له بمواصلة السيطرة على الحكومة والبرلمان.

وتابع أن المأزق السياسي يسمح لحزب الله بتعزيز وجوده بشكل إضافي على صعيد القضاء والاستخبارات والأمن في لبنان.

وفي بيان مشترك صدر يوم الاثنين، 17 تموز/يوليو، لفتت حكومات مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة إلى ضرورة أن تقوم القيادة اللبنانية بصورة ملحة بتسريع حصول الانتخابات الرئاسية.

وجاء في البيان "نطالب القادة اللبنانيين بشدة باتخاذ الإجراءات الفورية لتجاوز المأزق السياسي الحالي"، وطالبوا القيادة أيضا "بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الواجبة".

وشددت الدول على التزامها بسيادة لبنان واستقلاله، إلا أنها "لفتت بقلق إلى أن القادة السياسيين في لبنان لم ينتخبوا خلفا للرئيس بعد، وذلك بعد مرور نحو 9 أشهر على انتهاء ولاية عون".

وأضاف البيان "من الضروري أن يقوم النواب اللبنانيون بواجباتهم الدستورية وأن يمضوا قدما في انتخاب رئيس".

وجاء في البيان "بحثنا في خيارات ملموسة تتعلق بتنفيذ تدابير ضد من يعرقلون هذا الملف".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500