إقتصاد

معاناة اليمنيين تتفاقم مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية

نبيل عبد الله التميمي

عائلات يمنية على أحد أرصفة صنعاء، حيث أُجبر كثيرون على التسول للتمكن من تأمين لقمة العيش لأطفالهم. [نبيل عبدالله التميمي/المشارق]

عائلات يمنية على أحد أرصفة صنعاء، حيث أُجبر كثيرون على التسول للتمكن من تأمين لقمة العيش لأطفالهم. [نبيل عبدالله التميمي/المشارق]

عدن -- تفترش مسعدة أحمد الرصيف في صنعاء، مستجدية المارة لمساعدتها وأسرتها المكونة من 8 أفراد علها تجد ما تسد به جوعهم، قائلة إن التسول بات خيارها الوحيد بعد أن خسر اثنان مع أولادها عملهما في مجال الإنشاءات.

ولا يتقاضى زوجها الذي يعمل في مجال النظافة سوى 30 ألف ريال يمني (50 دولارا أمريكيا) في الشهر، وهو مبلغ لا يكفي لدفع إيجار المسكن.

ولفتت أحمد إلى أنها تحصل يوميا من التسول في شوارع صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران على ما يكفي فقط لتوفير الغذاء لعائلتها.

وكان برنامج الأغذية العالمي في اليمن قد أعلن في نيسان/أبريل أن أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت بنسبة 200 في المائة منذ بدء الحرب.

أُجبرت بعض العائلات اليمنية على التخييم في الشارع، في ظل معاناتها لتغطية نفقاتها مع الارتفاع الحاد للأسعار وارتفاع معدل الفقر. [هيثم محمد/المشارق]

أُجبرت بعض العائلات اليمنية على التخييم في الشارع، في ظل معاناتها لتغطية نفقاتها مع الارتفاع الحاد للأسعار وارتفاع معدل الفقر. [هيثم محمد/المشارق]

امرأة تحتضن طفلا وهي تجلس بالقرب من مجموعة من الأطفال الآخرين خارج كهف لجأت إليه إحدى العائلات في غربي ضواحي تعز في 2 كانون الأول/أكتوبر، بسبب الفقر وعدم توفر مسكن لها. [أحمد الباشا/وكالة الصحافة الفرنسية]

امرأة تحتضن طفلا وهي تجلس بالقرب من مجموعة من الأطفال الآخرين خارج كهف لجأت إليه إحدى العائلات في غربي ضواحي تعز في 2 كانون الأول/أكتوبر، بسبب الفقر وعدم توفر مسكن لها. [أحمد الباشا/وكالة الصحافة الفرنسية]

وفي هذا السياق، حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك في شباط/فبراير، قائلا إن "خطر المجاعة بات يهدد 5 ملايين يمني".

وشدد لوكوك في 12 أيار/مايو بإحاطته لمجلس الأمن على أن "المجاعة والأمراض وغيرها من المآسي لا ʼتحدثʻ ببساطة في اليمن. فالحرب تفرضها عليه".

وتابع "طالما استمرت الحرب، فسوف يستمر الوضع في التدهور. لهذا السبب من المهم أن يتوقف القتال. وفي هذه الأثناء، ستواصل الوكالات الإغاثية محاولة التخفيف من وطأة المعاناة".

وأشار إلى أن الوكالات الإغاثية قدمت الشهر الماضي مساعدات غذائية طارئة لنحو 9 ملايين شخص.

جماعة الحوثي تفاقم الأزمة

وفي الإطار نفسه، أكد محللون ومسؤولون أن السياسات الاقتصادية لجماعة الحوثي، وهي السلطة الحاكمة بالفعل في صنعاء، قد أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي المتدهور أصلا، حيث أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء.

حيث قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن جماعة الحوثي فرضت رسوما ضريبية وجمركية إضافية تصل إلى 50 في المائة على البضائع المستوردة التي تدخل البلاد من المنافذ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.

وأشار إلى أن هذه الرسوم لم تكن موجودة قبل الحرب.

ولفت إلى أن الحوثيين لم يفوا بالتزامهم بوضع الرسوم الضريبية والجمركية التي يجبونها من ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم في حساب خاص خاضع للأمم المتحدة.

يُذكر أن اتفاق ستوكهولم الموقع في العام 2018 قد نص على ضرورة أن تستخدم هذه الأموال، التي تشمل عائدات واردات المشتقات النفطية والبضائع الأخرى، في دفع رواتب موظفي القطاع الحكومي.

وقال ثابت إن هذا الوضع أدى إلى وقف استيراد المشتقات النفطية من ميناء الحديدة، مما أدى لزيادة أسعارها في السوق السوداء وبالتالي إلى زيادة تكلفة نقل المواد الغذائية.

وأكد أن توقف قطاع الأعمال إضافة إلى توقف دفع الرواتب، قد زاد من معاناة الشعب اليمني.

ʼلا يمكنني ترك أولادي الثلاثة يموتون من الجوعʻ

وقالت المواطنة أروى محمد، التي باتت أرملة، إنه بعد توقف مرتب زوجها الذي كان يعمل في القطاع الحكومي، وجدت نفسها مجبرة على التسول في الشارع.

وأضافت "لا يمكنني ترك أولادي الثلاثة يموتون من الجوع".

وذكرت وزارة التخطيط والتعاون الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليمن حقق انكماشا من 30.5 في المائة عام 2015 إلى 46.4 في المائة عام 2019 بسبب أزمة الوقود.

وجاء في تقرير صدر في نيسان/أبريل عن البنك الدولي أن التضخم تسارع في العام 2020.

وأضاف البيان أن "تراجع قيمة الريال لعب دورا أساسيا. وقد أثرت عوامل أخرى، كالعراقيل المرتبطة بجائحة كوفيد-19 وغياب الأمن والقيود التجارية ونقص الوقود، على ديناميات الأسعار".

وذكر البنك الدولي أن معدل الكلفة الوطني لسلة الغذاء الدنيا/المقبولة للعيش قد ازداد بنسبة 4 في المائة في كانون الأول/ديسمبر، وبنسبة 30 في المائة خلال العام الماضي.

ومن جانبه، قال مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات الاقتصادية إن التجار يواجهون عراقيل عديدة، منها اضطرارهم إلى دفع رسوم إضافية فرضتها جماعة الحوثي لهيئة الزكاة المزعومة التابعة لها.

وأضاف أن هذه الهيئة التي أنشأت مؤخرا تشكل مصدر عائدات للميليشيا، مشيرا إلى أن التجار ينقلون هذه التكاليف إلى العميل عبر زيادة الأسعار.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500