استبعد مراقبون سوريون نجاح الجهود الإيرانية الأكثر عدوانية والرامية إلى استهداف عسكريين أميركيين في شرقي وشمالي شرقي سوريا، بطرد القوات الأميركية من تلك المنطقة كما شككوا بأن تلقى هذه الجهود أي دعم من السكان المحليين.
وكشفت وثائق استخباراتية مسربة نشرت في تقرير لصحيفة واشنطن بوست في 1 حزيران/يونيو، أن إيران تخطط لتصعيد ضد القوات الأميركية في سوريا من خلال تدريب وتسليح مسلحين لمرحلة جديدة من الهجمات.
وذكر التقرير أن وحدة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وجهت وأشرفت في كانون الثاني/يناير على اختبار واحدة من "أقوى القنابل الأرضية الخارقة للدروع" التي تصنعها في الضمير.
وأضافت أن المتفجرات الخارقة للدروع هي نسخة أكثر خطورة من العبوات الناسفة التي تستخدم لاستهداف القوات الأميركية في العراق.
وقالت الصحيفة إن الوثيقة الاستخباراتية التي تكشف بالتفصيل عن خطط إيران والتي تم تسريبها على منصة الرسائل ديسكورد، تستند على ما يبدو إلى اتصالات تم اعتراضها لمسلحين سوريين ولبنانيين متحالفين مع إيران.
وأضافت أنها واحدة من عدد من الوثائق المسربة التي تظهر مجتمعة خططا لشن حملة واسعة النطاق من قبل خصوم الولايات المتحدة وبينهم روسيا، قد تشمل تأجيج المقاومة الشعبية ودعم حركة شعبية.
وكشفت وثيقة سرية أخرى مسربة من المصدر نفسه أن مسؤولين عسكريين وضباط مخابرات روس وإيرانيين وسوريين رفيعي المستوى، وافقوا في تشرين الثاني/نوفمبر على إنشاء "مركز تنسيق" لهذه الحملة.
ويتمثل الهدف من الحملة في طرد القوات الأميركية من المناطق السورية التي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وإعادتها إلى سيطرة النظام السوري.
ولكن قال محللون سوريون تحدثوا إلى المشارق إن هذا الجهد لن يسفر على الأرجح عن النتائج التي تسعى إليها الأنظمة الإيرانية والسورية والروسية.
دور رئيسي للقوات الأميركية
وفي هذا السياق، أكد الصحافي السوري محمد العبد الله للمشارق أن الخطط الإيرانية والسورية وحتى الروسية لطرد القوات الأميركية من شرقي وشمالي شرقي سوريا لن تحقق أي نتائج فعلية.
وأشار إلى أن القوات الأميركية كان لها دور حيوي في إلحاق الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من خلال دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، مضيفا أن استمرار وجودها يساعد في ضمان أمن المدنيين بالمنطقة.
ونجحت غارة جوية أميركية في 7 تموز/يوليو في قتل قيادي بارز بتنظيم داعش في شرقي سوريا.
وقال الناشط أيهم العلي وأصله من دير الزور للمشارق "إذا كانت التقارير حول مركز التنسيق والتحريض لشن هجمات عسكرية ضد القوات الأميركية صحيحة، فسيكون ذلك كارثيا على شرقي سوريا".
وتابع "هذه المنطقة قبلية ومعظم العشائر لها علاقات ممتازة مع القوات الأميركية ومع قوات سوريا الديموقراطية. ويجتمع الطرفان بشكل دوري لتحديد احتياجات سكان شرقي سوريا".
وأشار إلى أن معظم سكان المنطقة لا يريدون أي أذى للقوات الأميركية، مضيفا أنهم "لن يسمحوا بالطبع بأن يلحق أي ضرر بأبنائهم الذين انضموا إلى قوات سوريا الديموقراطية أو الجيش السوري الحر".
وكانت القوات الأميركية قد قدمت دعما أساسيا للجيش السوري الحر (المعروف سابقا باسم جيش مغاوير الثورة)، والذي يسيطر على مخيم الركبان في المنطقة ثلاثية الحدود.
وسمح هذا الدعم لسكان المخيم الذين يخشون العودة إلى مناطق سيطرة النظام السوري بالبقاء هناك بأمان.
كذلك، ساعدت القوات الأميركية في تأمين المياه النظيفة لمخيم الركبان وبناء مجاري الصرف الصحي وتوفير الكهرباء، ودعمت عيادة المخيم من خلال توفير التدريب للعاملين فيها والأدوية الأساسية واللقاحات.
إلى هذا، يبقي وجود القوات الأميركية الوضع الذي هو قابل للانفجار تحت السيطرة، وذلك في منطقة تتنافس أطراف النزاع السوري للسيطرة عليها علما أنها تشكل منطقة إلغاء تصعيد يبلغ نصف قطرها 55 كيلومترا وهي نقطة تلاقي حدود سوريا والأردن والعراق.
’حبر على ورق‘
ولفت العلي إلى أن روسيا وإيران "تراهنان على خلق تنافس محلي على السلطة في شمالي شرقي سوريا لإثارة الاضطرابات وتأجيج المشاعر ضد القوات الكردية وضد الولايات المتحدة".
ولكن في حين أن روسيا وإيران هما حليفتان، إلا أن هناك خلافات بينهما، خاصة في ما يتعلق باستغلال الموارد السورية.
وقال الباحث السياسي عبد النبي بكار للمشارق "لا يمكن لإيران وروسيا الاتفاق على إدارة الصراع ضد القوات الأميركية في سوريا".
وأشار إلى أن "موسكو عاجزة من جانبها عن متابعة الأحداث على الأرض من كثب وسط حربها ضد أوكرانيا".
وأضاف أنه علاوة على ذلك، "تمتلك كل من روسيا وإيران تطلعات وخطط لفترة ما بعد الحرب في سوريا، وسيسعى كل منهما إلى تهميش الآخر أو تقليص سيطرته".
ولفت بكار إلى أن شمالي سوريا منطقة أساسية من الناحية العسكرية والاقتصادية، إذ تضم عددا كبيرا من آبار النفط والموارد الطبيعية والمساحات الزراعية الشاسعة، ما يزيد من حدة التنافس عليها بين إيران وروسيا.
وأردف "لذلك فإن أي حديث عن مركز تنسيق هو مجرد حبر على ورق ولن يؤتي ثماره رغم العلاقة القوية حاليا بين روسيا وإيران".