تكثف الولايات المتحدة المناورات المشتركة مع الشركاء في الشرق الأوسط في مؤشر على التزامها المستمر بأمن المنطقة في وجه التهديدات الناشئة والراهنة.
فمن الهجمات على السفن إلى إمداد المسيرات للجماعات التابعة لهما، كانت إيران وحرسها الثوري يهددان تدفق التجارة العالمية واستقرار عدة دول، منها سوريا ولبنان واليمن والعراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وردا على ذلك، كثفت القوات الأميركية وقوات الشركاء مناوراتها العسكرية المشتركة لتحسين قابلية التشغيل البيني وتقوية الشراكات بين الشركاء وتعزيز جهوزية الوحدات الفردية والثنائية.
والمناورة الأخيرة في هذه المناورات هي إنتربيد مافن 23.3، وهي مناورة ربع سنوية جمعت بين قوات أميركية وإماراتية في آخر نسخها بشهر أيار/مايو.
وشارك في المناورة أكثر من 100 من مشاة البحرية والبحارة الأميركيين، إلى جانب عناصر مشاركة من القوات المسلحة الإماراتية.
وأجرى الجنود عمليات تدريب مشاة قتالي عن قرب ومناورات إسناد جوي قريب وبالذخيرة الحية وعمليات مطارات استطلاعية في عدة مواقع تدريبية في جميع أنحاء البلاد.
وتمثل مناورة إنتربيد مافن 23.3 المرة الثانية التي تجري فيها القيادة المركزية الأميركية هذه المناورة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمرة السابعة التي تجريها في منطقة الشرق الأوسط.
وكانت المناورة، التي صممت في أواخر عام 2021، قد أجريت للمرة الأولى في الأردن في آذار/مارس 2022.
وقالت القيادة المركزية في بيان يوم 2 حزيران/يونيو، إن مجموعة هذه المناورة "مصممة لتقوية الشراكات وإتاحة فرص تدريبية والمساهمة في قابلية التشغيل البيني وتحسين الظروف للأمن الإقليمي".
أضخم مناورة في الشرق الأوسط
وجرت مناورات أخرى مهمة نظرا لتعقيدها والقوات الدولية التي جمعت بينها.
ففي يوم 8 حزيران/يونيو، حلقت طائرتان من طراز بي-1بي عبر منطقة الشرق الأوسط، وانضمتا للقوات الجوية للدول الشريكة في مهمة تاريخية لفريق مهام للقاذفات.
وكانت تلك المرة الأولى التي يستخدم فيها سلاح الجو الأميركي أنواع أسلحة متعددة وينفذ ضربات ضد أهداف محاكاة متعددة خلال مهمة وحيدة لفريق مهام القاذفات.
وقد حلقت القاذفتان من طراز بي-1بي لانسر من قاعدة فيرفورد الجوية الملكية في المملكة المتحدة للانضمام لمقاتلات متنوعة من قوات التحالف في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل وقطر والمملكة العربية السعودية.
وقال الليفتينانت جنرال أليكسوس غرينكيويتش، قائد القوات الجوية الأميركية في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية، إن "مهام القاذفات تلك تمثل الالتزام الأميركي أمام شركائنا وتظهر قدرتنا على توفير قوة هائلة دون سابق إنذار".
وأضاف أن "اليوم كان إظهارا لتلك القدرة ولقوة شراكاتنا".
وفي الفترة من 26 شباط/فبراير إلى 16 آذار/مارس، أجريت المناورة البحرية الدولية (IMX) 2023، وهي أضخم مناورة بحرية في منطقة الشرق الأوسط وثاني أضخم مناورة في العالم، أجريت في المنطقة.
وكانت تلك هي النسخة الثامنة لهذه المناورة منذ إطلاقها في عام 2012.
فقد قادت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية فعالية التدريب البحري التي استمرت 18 يوما، والتي أدمجتها مع مناورة كاتلاس إكسبرس بقيادة القوات البحرية الأميركية في أوروبا وأفريقيا.
وامتدت هذه المناورة عبر آلاف الأميال في الشرق الأوسط وأفريقيا. وشارك بها أكثر من 7500 فرد عسكري من 50 بلدا، مع أكثر من 24 سفينة و12 فريق غطس/تخلص من القنابل و15 طائرة و26 فريق صعود وتفتيش وما يزيد عن 40 نظاما بدون طاقم فوق الماء وعليها وتحتها.
واستخدمت المناورة أكثر من 30 من الأنظمة غير المأهولة وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي قام الشركاء بتشغيلها على جانبي شبه الجزيرة العربية.
وقال المقدم بحري من خفر السواحل اليمني فوزي سلطان "لقد أحببت هذا التجمع لأنه كان دوليا. معا نقف أقوياء، وحين ننقسم نسقط".
وقد قسمت القوات والمنظمات المشاركة إلى خمس قوات مهام عملياتية امتدت عبر الخليج العربي والبحر العربي وخليج عمان وخليج عدن والبحر الأحمر والمحيط الهندي والمناطق الساحلية بشرق أفريقيا.
وتولى قادة من البحرين والأردن وكينيا والسعودية والولايات المتحدة قيادة تلك القوات.
وقال القائد بالبحرية المصرية محمد غربية "تعلمت الكثير في عملية صنع القرار، لا سيما من خلال مواقف التدريب المتعددة التي تزامنت. هذا الأمر جعلني أفكر خارج الصندوق".
وأثناء المناورة، نشرت القوات الأميركية والشركاء الدوليون للمرة الأولى في الشرق الأوسط مركبة جوية غير مأهولة طويلة التحمل تسمى K1000ULE.
ويمكن للمسيرة الجوية أن تحلق لأكثر من 26 ساعة، وهي مفيدة لتعزيز تطوير شبكة اتصالات مرنة للنظم غير المأهولة، حسبما قالت البحرية الأميركية.
أولويات في غير محلها
وفي حين أن الولايات المتحدة تركز مواردها وخبرتها لدعم شركائها الإقليميين وتعزيز الأمن البحري، فإن إيران تركز على أن تظهر للعالم قدراتها المتواضعة خارج المنطقة.
فقد تفاخرت إيران بإسهاب بعودة الأسطول 86 التابع للبحرية الإيرانية في 17 أيار/مايو من جولة حول العالم، قائلة إن رحلة الأسطول حول العالم كانت جزءا من جهودها لتوسيع تواجدها البحري.
وقال مراقبون إن تركيز النظام الإيراني على رحلة الإبحار حول العالم بأسطول صغير نسبيا، يعد أمرا مبالغا فيه ويأتي متأخرا 500 عام، لا سيما في وقت تعد فيه مصاعب إيران السياسية والاقتصادية حادة جدا وجلية.
من جهة أخرى، تستخدم الجمهورية الإسلامية المسيرات لنشر الدمار في مختلف أنحاء الكرة الأرضية وواصلت تسليح جماعة الحوثي التابعة لها في اليمن رغم "اتفاق السلام" مع السعودية، ولم تتوقف عن التدخل في شؤون دول المنطقة.
وقد تشبثت طهران بالصين وروسيا، رغم أن هاتين الدولتين لا تتصرفان، أو لم تتصرفا يوما، لمصلحة إيران.