قال ناشطون للمشارق إن العلاقة التي تربط بين فلول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وهيئة تحرير الشام المتطرفة المرتبطة بالقاعدة في محافظة إدلب السورية هي علاقة تكافلية ومعقدة.
وأشاروا إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن يُقتل 3 من كبار قادة داعش في المحافظة الشمالية الغربية حيث تسيطر هيئة تحرير الشام، ذاكرين أنه مع ذلك لم يتخذ تنظيم داعش أي إجراء ضد الهيئة المتطرفة المنافسة.
وقال الناشط هيثم الإدلبي وهو من إدلب "إنهم جميعا ينتمون بشكل أساسي إلى الفكر الإرهابي المتطرف نفسه".
ولكنه لفت إلى أن "التطورات المتلاحقة على الأرض وهزيمة داعش [في 2019] غيرت أهداف هيئة تحرير الشام الاستراتيجية، إذ باتت ترمي إلى تصوير نفسها كتنظيم تخلى عن الفكر المتطرف".
وذكر البعض أن هيئة تحرير الشام تستغل وجود داعش في إدلب لتلميع صورتها عن طريق المقارنة بينهما، مع إعطاء صورة عن نفسها بأنها ابتعدت عن الفكر المتطرف وأعادت تكوين نفسها كحزب سياسي شرعي.
ولكن قالت مصادر محلية وتقارير إعلامية إنه منذ هزيمة داعش في سوريا وإجبار عناصرها على الاختباء، انضم عدد كبير منهم إلى هيئة تحرير الشام.
ووجد هؤلاء ملاذا في صفوف هيئة تحرير الشام وسعوا بعد أن بايعوها للتأثير على أجندتها من الداخل.
وقال ناشطون إنه في الوقت الذي يجمع الفكر المتطرف بين الجماعتين وهما متشابهتان إلى حد ما، ثمة اختلافات واضحة بينهما تضاف إلى أجندتهما المتنافستين وانعدام الثقة عميق الجذور بينهما.
ولفت الإدلبي إلى أنه "على الرغم من دخول عدد كبير من عناصر داعش وأمرائها إلى مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام بموافقتها، إلا أنها استشعرت خطرا من بعضهم".
من جانبه، قال الناشط في إدلب مصعب عساف للمشارق إن العشرات من مقاتلي داعش وأمرائها انتقلوا إلى إدلب بعد هزيمة التنظيم في سوريا عام 2019.
وتابع أن عددا كبيرا منهم انضم إلى هيئة تحرير الشام وغيرها من الفصائل المتطرفة أو المعارضة، وارتقوا إلى مناصب بارزة وحساسة في "وقت قياسي".
’خطر وجودي‘
وفي هذا السياق، قال المحلل الاستراتيجي والمتخصص في التنظيم الإرهابي يحيى محمد علي إنه "بعد هزيمة داعش، شعر زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني بوجود خطر وجودي على نفسه وعلى جماعته".
وأوضح علي "لذلك حاول تصوير نفسه على أنه ليس متطرفا حتى في الملابس التي يرتديها"، في رسالة إلى الغرب أنه وحده يستطيع القضاء على الجماعات المتطرفة الموجودة في محافظة إدلب.
ومع ذلك، أكد علي أن "هيئة تحرير الشام تفشل في إدارة المنطقة التي تسيطر عليها".
وأردف أن "معدل الفقر مرتفع للغاية وفرص العمل قليلة جدا ويعتمد سكان هذه المنطقة ومخيماتها بشكل شبه كامل على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية والطبية والاجتماعية".
وتابع أن "الأوضاع لا تختلف عن تلك الموجودة في مناطق سيطرة النظام"، مشيرا إلى أن العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام تشهد توترات وتظاهرات منددة بالتحالف المتطرف.
وفي ما يتعلق بوجود عناصر داعش وأمرائها في إدلب، ذكر علي أنه "لا يمكن أن يتم ذلك دون موافقة هيئة تحرير الشام".
وأضاف أنه "ليس من قبيل المصادفة أن يُقتل 3 من خلفاء داعش الأربعة في محيط إدلب"، في إشارة إلى مقتل أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم الهاشمي القرشي وأبو حسن الهاشمي القرشي.
ويرجح أن تكون هيئة تحرير الشام قد كشفت عمدا عن مواقع مخابئها أو أنها ضحت بقادة داعش لتعزيز أوراق اعتمادها لدى الغرب وإقناعه بقبولها كجماعة غير متطرفة.
وقال إنه على عكس داعش، يمكن القول إن هيئة تحرير الشام نجحت في تجنب حرب شاملة ضدها.
وأشار إلى أنه "على الرغم من اتساع المناطق التي سيطرت عليها والعدد الكبير من المقاتلين الذين جندتهم وتدفق الأموال على خزائنها، لم تستطع داعش صد التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة".