تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 148 مليون دولار لجهود تحقيق الاستقرار في العراق وسوريا وانضمت إلى السعودية يوم الخميس، 8 حزيران/يونيو، في دعوة لإعادة مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الأجانب وأقاربهم إلى الوطن.
وجاء الإعلان في اجتماع وزاري في الرياض للتحالف الدولي لهزيمة داعش والذي استضافته السعودية والولايات المتحدة بهدف جمع 601 مليون دولار لصندوق الاستقرار.
وقال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي بدأ يوم الثلاثاء زيارة للمملكة تستغرق 3 أيام "أعلن أن الولايات المتحدة ستخصص 148.7 مليون دولار لهذا الصندوق".
ولفت إلى أن "هذا الدعم سيلبي الاحتياجات الماسة التي حددها السوريون والعراقيون أنفسهم".
وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن المملكة المتحدة ستتعهد بتقديم أكثر من 109 ملايين دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لدعم جهود تحقيق الاستقرار في العراق ومنطقة شمال شرقي سوريا التي يسيطر عليها الأكراد.
وأضافت أن ذلك يأتي علاوة على 19.9 مليون دولار من المساعدات ستقدم على مدى العامين المقبلين لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة، وعلى وجه التحديد في شمالي شرقي سوريا.
’عليكم أن تتصرفوا‘
وتم الإعلان عن هزيمة "الخلافة" التي أعلنها تنظيم داعش عبر مساحات شاسعة من العراق وسوريا عام 2014، في عام 2019 بعد الهجمات المضادة في العراق وسوريا.
ومع ذلك، فإن الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين سافروا للانضمام إلى صفوف داعش وعائلاتهم ما زالوا محتجزين في مراكز الاحتجاز والمعسكرات، وقد حذر القادة الأميركيون من أنهم قد يعيدون إحياء داعش.
وعلى الرغم من الدعوات المتكررة لإعادتهم إلى أوطانهم، سمحت الحكومات الأجنبية لعدد قليل فقط منهم بالعودة إلى ديارهم خوفا من التهديدات الأمنية ورد الفعل السياسي.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن عدم إعادة بعض الدول الثرية مواطنينها الذين سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى داعش إلى الوطن هو "أمر محبط وغير مقبول إطلاقا".
وأضاف كبير الدبلوماسيين في المملكة "أقول لتلك الدول، عليكم أن تتصرفوا ويجب أن تتحملوا مسؤوليتكم".
وأشاد بلينكن بالدول التي أعادت مواطنيها من سوريا ومن بينها العراق وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وطاجيكستان، وحث الدول الأخرى على أن تحذو حذوها.
وأشار إلى أن إعادة المواطنين إلى ديارهم أمر بالغ الأهمية" لتقليص عدد سكان المخيمات العشوائية الكبيرة مثل مخيم الهول السوري الذي يأوي 10 آلاف أجنبي، بمن فيهم أقارب عناصر داعش.
وأكد أن "عدم إعادة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى أوطانهم يهدد باحتمال أن يتمكنوا من حمل السلاح مرة أخرى ويحاولوا استعادة" الدولة المزعومة لداعش.
وتم تشكيل التحالف الدولي في عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم داعش مساحات شاسعة من العراق وسوريا، حيث ترك وراءه كما هائلا من الفظائع في المناطق الإسلامية وغير الإسلامية وفرض تفسيره المتشدد للشريعة على السكان المحليين.
وعلى الرغم من الهزيمة الإقليمية للتنظيم، يواصل عناصر داعش شن هجمات ضد المدنيين وقوات الأمن في كل من العراق وسوريا.
وتقدّر الأمم المتحدة أن تنظيم داعش ما يزال لديه بين 5000 و7000 من الموالين له في البلدين، نصفهم تقريبا من المقاتلين.
’التزام عميق‘ تجاه دول مجلس التعاون الخليجي
وجاء اجتماع التحالف الدولي يوم الخميس بعد يوم من إبلاغ بلينكن دبلوماسيين من دول مجلس التعاون الخليجي أن الولايات المتحدة ما زالت "ملتزمة بعمق" في الشراكات الخليجية.
وتوجه بلينكن إلى السعودية يوم الثلاثاء مستهلا زيارة تستغرق 3 أيام وتهدف إلى تعزيز العلاقات مع حليفها القديم.
وتحدث خلال اجتماع وزاري لمجلس التعاون الخليجي حول الشراكة الاستراتيجية في الرياض عقب محادثات مع وزير الخارجية السعودية وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال بلينكن في افتتاح الاجتماع إن "الولايات المتحدة موجودة في هذه المنطقة لتقول إننا ما نزال ملتزمين بعمق في الشراكة معكم جميعا".
وأضاف أن "مجلس التعاون الخليجي هو في جوهر رؤيتنا لشرق أوسط أكثر استقرارا وأمانا وازدهارا".
وكانت على جدول الأعمال أيضا قضايا إقليمية رئيسة.
وأردف بلينكن لوزراء دول مجلس التعاون الخليجي، "نعمل معا للوصول إلى... حل للصراع في اليمن" و "الاستمرار في مواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار" بما في ذلك مصادراتها الأخيرة لناقلات في المياه الدولية.
وتابع "نحن مصممون على إيجاد حل سياسي في سوريا يحافظ على وحدتها وسيادتها ويلبي تطلعات شعبها".
وأضاف "نحن نتعاون أيضا مع دول المنطقة لتوسيع وتعميق تطبيع العلاقات مع اسرائيل".
وبشأن العراق، رحب وزراء دول مجلس التعاون الخليجي بالتقدم المستمر في مشروع ربط العراق بشبكة كهرباء دول مجلس التعاون الخليجي.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أنه بمجرد اكتمال المشروع، سيوفر الطاقة التي يحتاجها بشدة الشعب العراقي ويمهد الطريق لتعاون اقتصادي أكبر في المستقبل.
وأوضحت الوزارة أن بلينكن والأمير فيصل أكددا خلال محادثاتهما "مواصلة العمل معا لمكافحة الإرهاب ودعم الجهود لتحقيق سلام دائم في اليمن وتعزيز الاستقرار والأمن وخفض التصعيد والتكامل في المنطقة".
وأضافت أن "الجانبين تعهدا بمواصلة تعاونهما القوي لإنهاء القتال في السودان".
وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه إن بلينكن أجرى يوم الثلاثاء "مناقشة مفتوحة وصريحة" مع الأمير محمد في جدة.
وكشف بلينكن على مواقع التواصل الاجتماعي أن الجانبين ناقشا الأولويات المشتركة، بينها مكافحة الإرهاب من خلال التحالف الدولي وتحقيق السلام في اليمن وتوطيد التعاون الاقتصادي والعلمي.