الحرس الثوري الإيراني وأذرعه يستغلون تجارة المخدرات على حساب دول الجوار

أصبحت منطقة بحر العرب على نحو متزايد بقعة ساخنة لتجارة المخدرات غير القانونية والتي يعود منشأ الكثير منها لإيران وأذرعها، ويظهر ذلك من تكرار عمليات اعتراض المخدرات في بحر العرب والمناطق المحيطة به.

ولسنوات عدة، لعبت الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني دورا محوريا في تسهيل تهريب المخدرات في منطقة الشرق الأوسط.

وتحولت المناطق المجاورة لإيران إلى مسارات رئيسة لتهريب المخدرات غير القانونية، بما في ذلك مادة الكريستال ميث وأقراص الكبتاغون والحشيشة والهيروين والأفيون.

وخلال الشهر الجاري، صادرت القوات البحرية في القوات البحرية المشتركة متعددة الجنسيات من سفن إيرانية المنشأ، مخدرات غير قانونية بقيمة تزيد عن 100 مليون دولار أميركي.

ففي يومي 8 و10 مايو/أيار، وأثناء مرورهما في خليج عمان، اعترض زورق استجابة سريع تابع لخفر السواحل الأميركي سفينتي صيد أبحرتا من ميناء تشابهار الإيراني.

وكانت إحدى السفينتين تحمل هيروين ومادة الميثامفيتامين، التي تعرف باسم "كريستال ميث"، بقيمة 30 مليون دولار أميركي، في حين كانت السفينة الأخرى تحمل هيروين بقيمة 80 مليون دولار أميركي.

ويوم 8 أيار/مايو أيضا، صادرت فرقاطة تابعة للبحرية الملكية البريطانية من سفينة صيد أثناء مرورها في بحر العرب، حشيشة بقيمة 6 مليون دولار أميركي.

وتشكل هذه المصادرات حصيلة الحوادث التي وقعت مؤخرا فقط.

وحتى تاريخه، صادرت القوات البحرية المشتركة هذا العام مخدرات غير قانونية في المنطقة تزيد قيمتها عن 250 مليون دولار أميركي.

جني الثمار وإيذاء الجيران

هذا ويتهم الحرس الثوري الإيراني بتوجيه عمليات التهريب ودعمها عبر ميليشياته التي تجني أرباحا ضخمة من تهريب المخدرات ومن ثم تقوم باستخدامها في شراء الأسلحة وتمويل أنشطتها، حسبما قال مراقبون.

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي العراقي، عبد القادر النايل، إن الحرس الثوري الإيراني لديه هدف مهم آخر هو "إيذاء الشعوب المجاورة وتعطيل خطط التنمية والبناء والمبادرات الشبابية ونشر الجرائم".

وأوضح للمشارق أن هذا النشاط يؤدي إلى إضعاف النسيج المجتمعي لهذه الدول لصالح سياسات إيران التوسعية.

وأكد النايل أن الكريستال ميث، وهو مخدر غير قانوني يمكن أن يسبب مشاكل جسدية ونفسية حادة، وبقية المخدرات غير المشروعة تدخل إلى العراق عبر الحدود مع إيران وسوريا وتباع بأسعار رخيصة.

ويتم تهريب هذه المخدرات عبر معابر سرية وقنوات مائية في الأهوار، ومن ثم إلى خارج المنطقة.

وذكر النايل أن إيران تحاول جعل العراق "دولة مستهلكة ومصنعة لأنواع مختلفة من المخدرات لا تقتصر فقط على الكريستال ميث، ومعبرا رئيسا لنقلها إلى بقية دول المنطقة".

وأشار إلى أن السلطات العراقية تعمل جاهدة للسيطرة على الحدود وتشن حملات أمنية بانتظام طالت الآلاف من تجار ومروجي المواد المخدرة.

وفي أحدث عملية جرت يوم 9 مايو/أيار، اعتقل جهاز الأمن الوطني العراقي في البصرة أربعة من تجار المخدرات وصادر 200 ألف قرص كبتاغون كانت في حوزتهم.

ويوم 11 نيسان/أبريل الجاري، تمكن جهاز الأمن الوطني العراقي في البصرة من إحباط إدخال 20 كيلوغراما من الكريستال ميث و10 كيلوغرامات من الحشيشة من إيران، بعد اشتباكات مسلحة مع المهربين.

وفي اليوم نفسه، أعلن الجهاز عن تفكيك أخطر شبكة مخدرات في محافظة المثنى جنوبي البلاد تضم 15 عضوا.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أحرق العراق نحو ستة أطنان من المخدرات غير القانونية، بينها أكوام هائلة من الحشيش والكبتاغون والكريستال ميث والكوكايين، فيما وصفه المسؤولون بأنها أكبر عملية إتلاف منذ أكثر من عقد.

وفي جنوب شرق العراق، يجري العمل على بناء حاجز ترابي وخندقعلى الحدود مع إيران على طول مجرى نهر شط العرب.

وبدأ العمل في حزيران/يونيو الماضي على تشييد تحصينات جديدة تهدف إلى سد طرق تهريب المخدرات التي تستخدمها شبكات التهريب.

مصلحة مشتركة

من جهة اخرى، دخلت سوريا إلى قلب تجارة الكبتاغون العالمية وتحولت إلى دولة مخدرات، بعد أن بلغ حجم تلك الصناعة غير القانونية 10 مليارات دولار تدعم نظام بشار الأسد.

وواجهت المملكة الأردنية مشكلة متكررة مع عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود من سوريا، حوباتت محافظتا السويداء ودرعا الجنوبيتين مركزا لعمليات تهريب المخدرات الإقليمية التي يقوم بها حزب الله اللبناني.

وقال الباحث السوري المتخصص في الشأن الإيراني تركي مصطفى للمشارق، إن القرى بالقرب من الحدود الأردنية، لا سيما في جنوبي السويداء، تشكل "ممرات عبور ساخنة لتجارة المخدرات وتهريبها إلى الأردن".

وأضاف أن "حزب الله والعناصر الأمنية التابعة للنظام السوري يستعينون بالمهربين من بين أهالي محافظة السويداء لتهريب المخدرات إلى الأردن".

وكان مدير الإعلام العسكري بالجيش الأردني العقيد مصطفى الحياري قد قال لمحطة المملكة التلفزيونية التابعة للحكومة في أيار/مايو الماضي، إنه منذ العام 2020، شهدت السلطات الأردنية زيادة في عمليات تهريب المخدرات من سوريا تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات من المخدرات غير القانونية التي تدخل الأردن.

وأضاف "نواجه حاليا حربا على الحدود، وهي حرب مخدرات تقودها تنظيمات منظمة مدعومة من جهات خارجية. وهذه الميليشيات الإيرانية هي الأخطر لأنها تستهدف الأمن الوطني الأردني".

ووفق الحياري، يعمل مهربي المخدرات على الحدود الأردنية-السورية في مجموعات تتألف كل منها من 10 إلى 20 شخصا.

وحذر من أن الأردن أصبح في الةقت نفسه وجهة للمخدرات ومركز لعبورها إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، مشيرا إلى أن أرباح تجارة المخدرات تضاعفت في السنوات الأخيرة بمقدار عشر مرات.

وشنت السعودية حربها الخاصة ضد تهريب المخدرات وشبكات الإتجار، ونجحت على مدار الأشهر الماضية في مصادرة كميات ضخمة من المخدرات غير القانونية بفضل عمليات المراقبة المتواصلة وحالات الإبلاغ من قبل المدنيين.

وكان العاهل الأردني الملك عبد الله قد قال في شهر تموز/يوليو الماضي إن "عمليات تهريب المخدرات والسلاح تشكل تهديدا لنا وللدول العربية الشقيقة".

وأضاف أن المملكة تنسق مع البلدان الأخرى لمواجهة هذا التهديد، "ونحن جميعا على دراية بأن مواجهته هي مصلحة مشتركة".