مينلو بارك، كاليفورنيا - أغلقت شركة ميتا أكثر من 200 حساب في الصين تنشر المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم .
ونشأت هذه الشبكات في الصين واستهدفت مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في العديد من المناطق، بينها الولايات المتحدة وأوروبا والهند والتبت وتايوان وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى واليابان وآسيا الوسطى ومجتمع الأويغور حول العالم.
وقالت الشركة الأم لفيسبوك في تقريرها الفصلي عن التهديدات المناوئة ونشر يوم الأربعاء، 3 أيار/مايو، إنها متهمة بانتهاك سياسة ميتا بشأن السلوك الزائف المنسق، وتم حذفها قبل أن تتمكن من تكوين جمهور لها.
وجاء في التقرير أن "عمليات إغلاق الحسابات الأخيرة هذه تشير إلى تحول في طبيعة نشاط السلوك الزائف المنسق في الصين والذي اكتشفناه مع "جهات فاعلة خطيرة جديدة واستهداف جغرافي جديد وتكتيكات عدائية جديدة".
وأضاف أن "هذه الشبكات الأخيرة اختبرت مجموعة من التكتيكات التي لم نشهدها من قبل في العمليات التي تنطلق من الصين".
وبحسب ميتا، تعمل الشبكات على منصات متعددة بينها فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب وتويتر وباي بال والعملات الرقمية وبلوغسبوت وريديت وووردبريس وFreelancer.com.
وكشفت ميتا أنها أزالت 107 ملفا شخصيا على فيسبوك و35 حسابا على إنستغرام كلها مرتبطة بشبكة واحدة.
وأوضحت ميتا أن "الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الشبكة نشروا المحتوى باللغات الإنجليزية والروسية والأويغورية والصينية بشكل خاص وذلك حول الأخبار والأحداث الجارية حاليا في المناطق التي يستهدفونها".
وأضافت الشركة أن المواضيع شملت "الجغرافيا السياسية في آسيا الوسطى وتأثير منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة الدول التركية والعقوبات المفروضة ضد روسيا على آسيا الوسطى".
وتضمنت الدعاية المضللة تحذيرات من مقاطعة الألعاب الأولمبية في بيجين لعام 2022 والظلم المزعوم الذي ترتكبه السياسة الخارجية للولايات المتحدة في إفريقيا والانتهاكات التي تطال المهاجرين في أوروبا ولا سيما المسلمين منهم.
وشملت محتويات أخرى "مزاعم بشأن الظروف العيش المريحة التي يتمتع بها أبناء مجتمع الأويغور في الصين وانتقادات للسياسيين في تايوان".
شلوك جديد
وأشارت ميتا إلى أنها حذفت 50 ملفا شخصيا آخر على فيسبوك و10 حسابات على إنستغرام مرتبطة بشبكة أخرى مقرها الصين.
وأوضحت "تضمنت السلوكيات الأخيرة إنشاء شركة واجهة إعلامية في الغرب وتوظيف كتّاب مستقلين حول العالم، إضافة إلى طرح إمكانية تجنيد متظاهرين والانتماء إلى منظمة غير حكومية في إفريقيا".
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أنه في حين أن شركة ميتا أقفلت بعض الحسابات، إلا أن معظم محتوى الشبكات لا يزال متوفرا عبر الإنترنت.
وعلى تويتر مثلا، قام حساب مذكور في تقرير ميتا باسم نيو يوروب أوبسرفيشن مؤخرا أي يوم 28 نيسان/أبريل الماضي، بمشاركة محتوى استفزازي يهاجم المهاجرين إلى أوروبا والناشطين المدافعين عن حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيا (مجتمع الميم).
وجاء في إحدى التغريدات التي نشرتها المجموعة في آب/أغسطس الماضي أنها تبحث عن "موظفين بدوام جزئي" للمشاركة في احتجاج في المجر ضد فاعل الخير الملياردير جورج سوروس، وهو مستثمر غالبا ما يُستهدف في نظريات مؤامرة يمينية متطرفة.
واستخدمت بعض منشوراتها على موقع تويتر تغريدات منتشرة بكثافة على حسابات يمينية متطرفة.
وتخلل الرسائل التي تركز على أوروبا محتوى يروج لموقف بيجين في سياساتها بمنطقة شينجيانغ الصينية.
هذا واعتقلت بيجين أكثر من مليون شخص من أبناء الأويغور وغيرهم من الجماعات الناطقة بالتركية ومعظمها من المسلمين في منطقة شينجيانغ التي تقع في أقصى غربي البلاد، في شبكة مراكز احتجاز وسجون على مر السنوات الماضية.
وتشمل الاتهامات الاعتقال الجماعي والعمل القسري والتعقيم الإجباري والاغتصاب الممنهج، إضافة إلى تدمير المواقع الثقافية والإسلامية للأويغور.
وركز حساب آخر قالت ميتا إنه مدار من قبل الشبكة، على قضايا خلافية في الولايات المتحدة، منها وحشية ممارسات الشرطة والجريمة وحقوق مجتمع الميم.
وأوضحت ميتا أن الشبكة كانت تدار من خلال شركة واجهة مقرها المملكة المتحدة وتحمل اسم لندن نيو يوروب، وقد أظهرت سجلاتها وخرائط غوغل أنها تعمل من مبنى سكني عادي جدا في شمالي شرقي لندن.
وذكرت ميتا أن الشركة سعت إلى توظيف كتّاب مستقلين من آسيا الوسطى لإنتاج المحتوى، كما "حاولت استخدام أفراد لتسجيل مقاطع فيديو باللغة الإنجليزية أعدت الشبكة فحواها".
وأضافت أنه في حين أن الشبكة اتخذت خطوات لإخفاء مصدرها وهويات العاملين فيها، إلا أنها عثرت على روابط إلى شركة صينية تحمل اسم تشيان تيانونديان نتوورك تكنولوجي.
وقالت ميتا إن الشركة كانت تعمل أيضا من الاثنين إلى الجمعة من الساعة 9 صباحا حتى الساعة 5 من بعد الظهر بتوقيت الصين، علما أن نشاطها كان يتراجع عند وقت الغداء ويخفت أكثر في عطلات نهاية الأسبوع.
وأظهرت سجلات تابعة للشركة الصينية واطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن مدير الشركة كان يحمل الاسم نفسه الذي يحمله مواطن صيني مدرج كمدير لشركة لندن نيو يوروب في المملكة المتحدة.
ولم تستجب شركة تشيان تيانونديان نتوورك تكنولوجي لطلبات التعليق من وكالة الصحافة الفرنسية.
ويوم الخميس، حاولت وكالة الصحافة الفرنسية أيضا الاتصال بشركة نيو يوروب أوبسرفيشن من خلال عنوان بريد إلكتروني مدرج في حسابها على تويتر، لكنها لم تتلق أي رد.
ولفتت ميتا إلى أن التقرير تحدث عن شركة أخرى مقرها الصين تركز بشكل أساسي على الهند والتبت، وقد أنفقت 73 ألف دولار على إعلانات فيسبوك.
يُذكر أن فيسبوك وتويتر محظوران رسميا البر الرئيس للصين، ويحتاج المستخدمون إلى شبكات افتراضية خاصة محظورة لاستخدام مواقعهما وتطبيقاتهما.
تهديدات عدائية
وبدأت شركة ميتا بالإبلاغ عن التهديدات العامة منذ نحو 6 سنوات عندما شاركت نتائجها لأول مرة حول عملية التأثير الروسي.
ولطالما اتُهمت روسيا بإدارة "جيوش إلكترونية" في محاولة للتأثير على الرأي العام في الغرب، ولم تكن الصين تعتبر متقدمة في هذا المجال.
ولكن أشارت ميتا إلى أن أحدث الشبكات التي كشفت عنها تدل على أن العمليات التي تتخذ من الصين مقرا لها أصبحت أكثر تطورا.
وفي هذا السياق، أعلنت السلطات الأميركية الشهر الماضي أيضا أنها وجهت اتهامات لمجموعة من ضباط وزارة الأمن العام الصينية على خلفية إدارتهم شبكة من حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشر رسائل مؤيدة لبيجين.
وخلال الفترة نفسها تقريبا، اعتقلت سلطات إنفاذ القانون الأميركية رجلين لإنشائهما "مركز شرطة" صيني في نيويورك.
وفي شباط/فبراير، كشفت شركة الأبحاث غرافيكا أنها اكتشفت شبكة مرتبطة بالصين تروج لوسيلة إخبارية وهمية باسم وولف نيوز، علما أن هذه الشبكة كانت تعتمد على مذيعين خلقوا بواسطة الذكاء الاصطناعي لنشر مواضيع مؤيدة لبيجين.
وأزالت ميتا أيضا 40 حسابا على فيسبوك تديرها شبكة مقرها إيران، وتستهدف في المقام الأول إسرائيل فضلا عن البحرين وفرنسا.
وأفادت ميتا أن "هذه العملية امتدت عبر خدمات إنترنت متعددة مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتويب ومنتديات القرصنة، حيث زعمت أنها اخترقت كيانات في البلدان التي استهدفتها"، مضيفة أنها لم تتمكن من تأكيد حصول عمليات الاختراق المزعومة بالفعل.
وتابعت أن الأهداف شملت "وسائل إعلام إخبارية وشركات لوجستيات ونقل ومؤسسات تعليمية ومطارا وخدمة مواعدة ومؤسسة حكومية".