مع اقتراب عيد الفطر، يواجه مخيم الركبان في منطقة الحدود الثلاثية في جنوبي سوريا قيودا مشددة فرضتها القوات السورية والروسية والميليشيات المتحالفة معهما، حسبما قال سكان بالمخيم ومسؤولون.
فقد حظر على المخيم، الذي يقع في منطقة خفض التصعيد التي تقع على مسافة 55 كم بالقرب من الحدود السورية والعراقية والأردنية، دخول المواد الغذائية لا سيما مادة الطحين.
وأدى ذلك إلى حدوث أزمة في المخيم مع توقف الفرن الوحيد عن العمل، ما دفع سكانه إلى اللجوء إلى أكل الخبز الناشف المخصص كعلف للماشية.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أورد في تقرير له في آذار/مارس أن "أزمة النقص الكامل للطحين في مخيم الركبان" تستمر للشهر الثاني على التوالي.
في هذا السياق، قال ناصيف الخالدي، وهو من عناصر جيش سوريا الحرة، الذي كان يعرف سابقا باسم جيش مغاوير الثورة، إن قوافل المساعدات الإنسانية، وخاصة تلك التي تنقل المواد الغذائية ومادة الطحين، منعت من دخول المخيم بشكل صارم.
وأضاف في حديث للمشارق أن هذا الأمر خلق أزمة حادة في مادة الخبز ترافقت مع حلول شهر رمضان، ما زاد الأمور صعوبة على سكان المخيم.
وأشار الخالدي إلى أن الغاية من الحصار المضروب على المخيم هو إجبار سكانه على الخروج منه باتجاه مناطق سيطرة النظام.
وتابع، على الرغم من أن النظام السوري كان قد وعد علانية بالعفو عن العائلات التي تخرج منه، لكنه لاحق الخارجين منه وحقق معهم واعتقلهم وزج بالعائلات في مراكز إيواء جماعية.
وأكد أن هذه الممارسات دفعت السكان لاختيار البقاء في المخيم.
وتحدث عن سبب آخر يدفع سكان المخيم للبقاء فيه، وخصوصا الهاربين من مناطق حلب وريف دير الزور،وهو مصادرة ممتلكاتهم من قبل الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني .
الإهمال بعد الزلزال
وقالت مصادر في المخيم إن الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط/فبراير الماضي، فاقم المصاعب بالنسبة للسكان لأنهم أهملوا في أعقابه.
وقال سكان مخيم الركبان المدعو باسم العقيدات، إن الأوضاع في المخيم تدهورت كثيرا في الأشهر الماضية بسبب الحصار المفروض عليه من قبل القوات الروسية والسورية والميليشيات التابعة لإيران.
وأضاف في حديث للمشارق أن أصعب تداعيات الحصار هو انقطاع الخبز نهائيا.
واتهم القوات السورية والروسية والميليشيات التابعة لها باستغلال انشغال العالم بالزلزال لتعزيز أهدافهم في منطقة الحدود الثلاثية.
وأضاف أن الإعلام نسي أيضا منذ الزلزال أمر المخيم.
وأكد أن الهدف الأول والأخير من الحصار هو إجبار سكان المخيم على تركه والتوجه نحو مناطق النظام، دون تقديم أي ضمانات تتعلق بوقف الملاحقات الأمنية والتحقيقات من قبل الفروع الأمنية للنظام.
وتابع أن أهالي المخيم يواجهون الحصار ويعيشون كل يوم بيومه بفضل تبرعات يقدمها جيش سوريا الحرة المدعوم من قبل قوات التحالف الدولي.
مساعدات التحالف الدولي
من جهته، قال طارق النعيمي الذي يعمل في المجال الإغاثي في مخيم الركبان، إن سكان المخيم لجأوا إلى طرق كثيرة للتعويض عن النقص في مادة الخبز.
وأوضح في حديث للمشارق أنهم يقومون أحيانا بطحن حبوب الأعلاف المخصصة للماشية ويعمدون إلى طهيها لتحويلها إلى ما يشبه الخبز.
وتابع أنه في أحيان أخرى، يستعملون ما يتبقى من الخبز الناشف الذي يتم تجميعه لتحويله لعلف للماشية ويقومون بخلطه مع الحليب ليصبح طريا ويسهل تناوله.
وأكد النعيمي أن قوات التحالف الدولي تقوم بجهود جادة لتأمين احتياجات سكان المخيم من طبابة ومياه ومواد غذائية، وأنها تلتقي مع وجهاء المخيم بشكل دائم للوقوف على الاحتياجات الأساسية.
لكنه أكد أن الأوضاع السيئة لا تتعلق فقط بمسألة الغذاء، لافتا إلى أن أطفال المخيم شبه محرومين من التعليم باستثناء ما يقوم به بعض الناشطين لتعليم الأساسيات لهم.
ويعاني سكان المخيم أيضا من نقص الرعاية الطبية، إذ لا يوجد إلا مركز صحي واحد فيه حسبما ذكر.
وأشار إلى أنهم معرضون أيضا للتقلبات الجوية القاسية من الأمطار والسيول والعواصف الهوائية والرملية التي تترك تأثيرا سلبيا على الصحة العامة.