تسعى الدول العربية لتحديث سياسة إعلامية مشتركة لمواكبة أنشطة الجماعات الإرهابية وطريقة استغلالها لوسائل الإعلام، لا سيما الإعلام الرقمي، لنشر أفكارها المتطرفة.
ففي اجتماع عقد يوم 12 آذار/مارس ونظمته وزارة الاتصالات الكويتية على هامش الجلسة السادسة عشرة لمجلس وزراء الإعلام العرب، ناقش فريق من خبراء الإعلام استراتيجيات إعلامية جديدة لمواجهة الإرهاب.
وتداولوا في "الاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب" وكيف يمكن تطويرها في ضوء التطور الذي طال الوسائل الإعلامية.
وكانت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي يقع مقرها في الرياض قد طورت هذه الاستراتيجية عام 2015 بتكليف من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وتركز التحديثات في الاستراتيجية على تبني السياسات التي تأخذ في الاعتبار التطورات التكنولوجية المستجدة على وسائل التواصل الاجتماعي وسط محاولات من الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش)، لاستخدام تلك الوسائل لنشر فكرها وجذب مجندين محتملين.
وتقترح الاستراتيجية تطوير "وعي ثقافي عربي" رافض للإرهاب بجميع صوره وأشكاله لحماية البلاد العربية من المحتوى المتطرف والأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة عبر شبكة الإنترنت.
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير أحمد رشيد خطابي، إن الاجتماع خصص لدراسة دور الإعلام في الحرب ضد الإرهاب.
وسلط الضوء على دور الكويت في دعم البلاد العربية في جهدها الموحد للنهوض بالعالم العربي والارتباط بالتحديات التي تواجهه، مثل الإرهاب.
وأضاف أن مجلس وزراء الإعلام العرب ارتأى في اجتماعه الأخير بالقاهرة في أيلول/سبتمبر الماضي تقييم مسار الاستراتيجية الإعلامية لإحكام التعامل الإعلامي مع ظاهرة الإرهاب التي تتجاوز انعكاساتها إزهاق الأرواح وترويع الأبرياء.
وأوضح أن الإرهاب أدى أيضا إلى استنزاف المقدرات الاقتصادية للعالم العربي وتعطيل المشاريع التنموية فيه.
وتابع أنه "استهدف كذلك سلامة بلادنا واستقرارها وسعى إلى زعزعة السلم الأهلي".
وجاء اجتماع آذار/مارس كخطوة متممة لاجتماع استضافته جامعة نايف في 1 شباط/فبراير الماضي وشارك فيه ممثلون عن 14 دولة عربية.
وناقش المندوبون في اجتماع فبراير/شباط مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب.
وأكد وكيل جامعة نايف للعلاقات الخارجية، خالد الحرفش، حرص جامعته على إعداد خطط لمواجهة الإرهاب بأساليب مدروسة وبرامج وأنشطة علمية.
وأضاف أن الجامعة دشّنت مركزا إقليميا لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، معربا عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في الجهود العربية والدولية في هذا المجال.
تراجع قوة داعش الإعلامية
وفي هذا الصدد، قال الخبير الأمني صفاء الأعسم إن تنظيم داعش استغل بشدة وسائل الإعلام للتأثير في المتلقين حول العالم.
وأضاف أنه قبل بداية الحرب على داعش في عام 2014، أنفق التنظيم ملايين الدولارات على النشاط الإعلامي الواسع على شبكة الإنترنت والصناعة المتقنة للفيديوهات.
وذكر أن "المحتوى الإرهابي كان يركز آنذاك على اللعب على الوتر الطائفي وإثارة النزاعات المذهبية لكسب مؤيدين وداعمين للفكر التكفيري".
وتابع "لكن مع تكشف حقيقة الإرهابيين وأنهم مجرد أناس دمويين ولا أمان لهم، ومعانكسار شوكتهم في المعارك، تراجع زخمهم الإعلامي وقدرتهم على التضليل".
وتوصي الاستراتيجية الإعلامية بضرورة وجود تعاون وثيق بين الهيئات الحكومية ذات الصلة وبين وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني "لإنتاج محتوى إعلامي استباقي في مكافحة الإرهاب وإبراز خطورة الفكر المتطرف".
وتوصي أيضا بالعمل على حرمان التنظيمات الإرهابية من إيصال رسائلها أو لفت انتباه الجمهور إليها وترشيد الاستجابة الإعلامية للهجمات الإرهابية لضمان عدم منحها حجما أكبر من حجمها وتأثيرها.
وتتضمن توصية أخرى إعطاء مساحة أكبر في التغطيات الإعلامية لجهود الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب.
وتؤكد الاستراتيجية على أهمية التدريب في مجال الإعلام الأمني لتطوير مهارات الإعلاميين والمحللين المعنيين بمراقبة وتتبع الأنشطة الإرهابية وأساليبها الدعائية وكيفية التصدي لها.
وتقترح إنشاء صندوق عربي لدعم المبادرات والخطط التدريبية.
وأشار الأعسم إلى أن "مواجهة الإرهابيين إعلاميا لا بد أن تستمر بفعالية أكبر من خلال طاقات وكفاءات مدربة تمتلك المهارة الكافية لمواكبة وكشف أي نشاط إرهابي".
وأكد أن تنظيم داعش غيّر تكتيكاته من استغلال الموضوع الطائفي والتقنيات الإعلامية إلى التركيز على استخدام المال في تجنيد الفقراء، رغم ما يعانيه اليوم من ضعف كبير في التمويل.
وفي الحرب ضد تنظيم داعش،من المهم "تجريد الإرهابيين من مصادر التأثير [المتلقي] عبر رصد وفضح أفكارهم وممارساتهم المرفوضة دينيا وأخلاقيا"، حسبما ذكر.