على الرغم من أنه لم ينتخب أو يعين يوما في أي مناصب سياسية، يلعب مجتبى خامنئي ابن الزعيم الإيراني علي خامنئي والبالغ من العمر 54 عاما دور الخليفة الفعلي لوالده.
وأصبحت أفعاله التي كانت في الماضي وراء الكواليس، علنية بشكل متزايد.
في الماضي، كان المسؤولون والقادة في الحرس الثوري الإيراني يمتنعون عموما عن الإشارة إلى مجتبى خامنئي بالاسم أو نقل أي كلام عنه.
ولكن تغير هذا الأمر مؤخرا وسطع نجم ابن خامنئي الثاني على الرغم من أن قيادة الجمهورية الإسلامية تتبع أنظمة ولاية الفقيه وهي بحسب دستور النظام ليست وراثية.
فوفقا للدستور، يتم انتخاب جميع المرجعيات العليا (منذ روح الله الخميني) من قبل مجلس الخبراء الذي ينتخبه الإيرانيون لولاية مدتها 8 سنوات.
ويولي خامنئي أهمية لما يقوله له ابنه مجتبى ويتمتع الأخير تاليا بسيطرة واسعة على صناعة القرار في الحرس الثوري وذراعه الخارجي فيلق القدس.
وعلى الرغم من أن قراراته وأفعاله أثارت بحسب المعلومات غضب قادة الحرس الثوري، إلا أن التفويض المطلق الذي منحه إياه والده أعطاه ما يكفي من السلطة ليضرب باعتراضات المسؤولين في النظام عرض الحائط.
انتقاد قرارات مجتبى
وتظهر وثيقة سرية مسربة فصّلت محتوى اجتماع سري عقد بين قادة الحرس الثوري ومسؤولي الاستخبارات وعلي خامنئي في 3 كانون الثاني/يناير، أن مسؤولي الحرس الثوري الذين أوكلت إليهم مهمة قمع الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للنظام مستاؤون من القرارات التي اتخذها مجتبى.
في هذا الاجتماع، انتقد قائد قوة الفجر التابعة للحرس الثوري في محافظة فارس يد الله بوعلي، القوات التي يقودها مجتبى.
وقال بوعلي إن "هذه القوات عطلت البنية الأمنية في البلاد".
وتظهر تصريحات بوعلي أن خامنئي الابن له يد في تعيين واختيار قادة الحرس الثوري وقوات الاستخبارات في إيران، وذلك في وقت شديد الحساسية بالنسبة للنظام يخشى فيه من الانهيار.
وأضاف بوعلي في الاجتماع أن الضغط المزعوم الذي مارسه مجتبى والذي أدى إلى استبدال القوات الأمنية والعسكرية قد تكون له عواقب "كارثية".
ولكن من الواضح أن خامنئي الأب كان حاسما في خياراته. فيريد أن يكون ابنه على رأس الحرس الثوري الذي يعتبر الكيان الأقوى في البلاد.
ووفقا لبعض التقارير، كان مجتبى أيضا وراء قرار إصلاح جهاز استخبارات الحرس الثوري عن طريق عزل حسين طائب رئيس استخبارات الحرس الثوري وأحد المقربين منه، بعد توليه منصبه مدة 13 عاما.
وفي حزيران/يونيو الماضي، تم استبدال طائب بالجنرال محمد كاظمي الذي كان يرأس سابقا جهاز مكافحة التجسس التابع للحرس الثوري والمعروف باسم وحدة حماية المعلومات.
ووصفت صحيفة الشرق اليومية خطوة استبدال طائب بأنها "زلزال سياسي"، وكان للعديد من المحللين الرأي نفسه.
وكان طائب يترأس وكالة استخبارات الحرس الثوري الإيراني منذ إنشائها، وهو رجل دين متوسط الرتبة يوصف على نطاق واسع بأنه "شخصية مخيفة".
وقال محلل سياسي مقيم في إيران طلب عدم الكشف عن اسمه، إن بعض مسؤولي الاستخبارات وشخصيات في الحرس الثوري لم يوافقوا على عزل طائب لكن الأمر "صدر من أعلى الهرم".
وذكر المحلل أن القرار اتخذ بحسب المعلومات من قبل مجتبى وبالتالي فهو نهائي.
وأوضح للمشارق أنه بات من المسّلم به أن القرار الذي يتخذه مجتبى هو بمثابة قرار اتخذه والده.
دور في الانتخابات المزورة
وكان مهدي كروبي وهو رجل دين وسياسي إصلاحي، من أوائل من أشاروا علنا إلى دور مجتبى في السياسة الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها التي أجريت في عام 2009.
ويقبع كروبي الذي ترشح وإنما خسر ضد رئيس البلاد السابق محمود أحمدي نجاد والإصلاحي مير حسين موسوي، في الإقامة الجبرية منذ عام 2009.
وأشعلت نتائج الانتخابات المتنازع عليها الانتفاضة المعروفة باسم الحركة الخضراء في إيران، وانتهت بقمع النظام الشديد للتظاهرات وفرض الإقامة الجبرية على كل من كروبي وموسوي.
وانتقد كروبي النتائج وذكر في رسالة مفتوحة إلى خامنئي أن ابنه مجتبى فضّل أحمدي نجاد، ما يعني أن خامنئي الابن له يد في قرار إبقاء أحمدي نجاد في السلطة.
خلافة غير دستورية
وإلى جانب دوره في الحياة السياسية الإيرانية، اتهم مجتبى بتصدير الإرهاب وبلعب دور في قيادة مساعي النظام لتنفيذ مشروعه التوسعي.
وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، تعرض لعقوبات من قبل وزارة الخزانة الأميركية.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان أن "مجتبى خامنئي الابن الثاني للمرشد الأعلى، تم تعيينه اليوم لتمثيل المرشد الأعلى بصفة رسمية على الرغم من عدم انتخابه أو تعيينه في منصب حكومي باستثناء عمله في مكتب والده".
وتابع البيان "لقد فوض المرشد الأعلى جزءا من مسؤولياته القيادية إلى مجتبى خامنئي الذي عمل عن كثب مع قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومع قوة الباسيج المقاومة أيضا لتعزيز طموحات والده الإقليمية المزعزعة للاستقرار والأهداف القمعية الداخلية".
وأشار محللون إلى أن تفويض خامنئي السلطة لابنه وكذلك سلطة اتخاذ القرارات كما يشاء هو أمر غير دستوري.
وقال محلل قانوني إيراني متخصص في الدستور إن الجمهورية الإسلامية ليست نظاما ملكيا ولا يجوز للقائد أن يعين أفراد عائلته بشكل مباشر أو غير مباشر لخلافته.
وذكر للمشارق شريطة عدم الكشف عن هويته، "لكن سلم علي خامنئي زمام الأمور بشكل صارخ لابنه في تجاهل تام للدستور".
وأضاف "تقول مصادر مقربة من كبار مسؤولي النظام إن مجتبى خامنئي يصبو لتولي منصب والده. وبذلك، يعتبر الكثيرون أنه يحاول الالتفاف على [الرئيس الإيراني إبراهيم] رئيسي، على الرغم من أن رئيسي نفسه متشدد ومن الدائرة المقربة من المرشد الأعلى".
وأكد المحلل إن مجتبى معروف بأنه يشبه والده من نواح كثيرة ولكنه أكثر قسوة.