عدالة

وثيقة مسربة تكشف انخفاض معنويات الحرس الثوري الإيراني وانشقاقات داخله وعدم قدرته على قمع الاحتجاجات

فريق عمل المشارق

إيرانيون يحتجون في طهران في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. [وكالة الصحافة الفرنسية]

إيرانيون يحتجون في طهران في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. [وكالة الصحافة الفرنسية]

يكشف موقع إيران واير عبر نشره مؤخرا لتقرير مسرب يسرد تفاصيل اجتماع مطول عقد بين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ومسؤولين بارزين، الاضطرابات التي تعصف بأعلى هرم النظام الإيراني.

وكشف الموقع الإخباري الخارجي إنه حصل على التقرير الذي نشر يوم 19 آذار/مارس من "مصادر في إيران"، وهو يوثق اجتماعا استمر أربع ساعات عقد في طهران يوم 3 كانون الثاني/يناير.

وعقد هذا الاجتماع في الذكرى السنوية لمقتل القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني، وشارك فيه 58 مسؤولا بارزا من الحرس الثوري وجهاز الاستخبارات لمناقشة المستجدات مع خامنئي.

ووفق الوثيقة المسربة، ركز الاجتماع على الاحتجاجات المعارضة للنظام في إيران، والتي بدأت بعد وفاة مهسا أميني، 22 عاما، في شهر أيلول/سبتمبر أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

قمعت قوات الأمن، التي ينتمي معظمها للحرس الثوري وقوات الباسيج، الاحتجاجات في إيران منذ أيلول/سبتمبر. [إيران إنترناشيونال]

قمعت قوات الأمن، التي ينتمي معظمها للحرس الثوري وقوات الباسيج، الاحتجاجات في إيران منذ أيلول/سبتمبر. [إيران إنترناشيونال]

خلع نحو خمسة آلاف رجل دين من قوات الباسيج العباءة منذ بداية الاحتجاجات في أيلول/سبتمبر. [إنديبندنت فارسي]

خلع نحو خمسة آلاف رجل دين من قوات الباسيج العباءة منذ بداية الاحتجاجات في أيلول/سبتمبر. [إنديبندنت فارسي]

وأفيد أن عددا من كبار قادة الحرس الثوري أعربوا عن إحباطهم من الاحتجاجات المستمرة، وكانت آنذاك في شهرها الرابع، وأنهم حذروا من المستقبل الذي ينتظر الجمهورية الإسلامية.

وتكشف تعليقاتهم الصدع المتزايد داخل صفوف الحرس الثوري وعدم التزامهم بمبادئ النظام وعدم قدرة النظام على ما يبدو على قمع الانتفاضة الشعبية.

عدم الثقة بالنظام

ويشير محضر الاجتماع إلى نقص في الموارد المالية والبشرية، إذ طالب معظم قادة الحرس المشاركين فيه بميزانية أكبر لقواتهم.

وتبين أن هناك عدم ثقة بالنظام وأيديولوجيته وأحكامه.

محمود محمدي-شهرودي الذي يدير قوة رجال الدين وطلاب الحوزة في قوات الباسيج شبه العسكرية الموالية للحرس الثوري، أسهب في وصف المسألة في تعليقاته.

وقال إن نحو 5 آلاف رجل دين تركوا قوة الباسيج، وإن العديد من رجال الدين "خلعوا العباءة" (أي خلعوا العمامة والرداء الرمزي الذي يرتديه رجال الدين الشيعة، وذلك كعلامة على الانشقاق عنهم).

وانشق عن قوة الباسيج أيضا عدد كبير من عناصرها من غير رجال الدين.

أما عبدالله حاج-صادقي، ممثل خامنئي في الحرس الثوري الإيراني، فقد نقل عنه قوله إن قوات الحرس "ليست في الوضع نفسه الذي كانت عليه العام الماضي"، إذ أن بعض العناصر فقدوا ثقتهم بالنظام.

وقال وفقا للوثيقة المسربة إن "معلوماتنا تبين وجود تصدعات في صفوف قوات الحرس الثوري، ما يستلزم القيام بخطوات لطمأنتهم".

وأضاف "نحن لا نتحدث هنا عن شخص أو شخصين؛ بل نناقش مجموعة من القوات المسلحة يزيد عديدها عن 600 ألف عنصر" في مختلف الفرق.

التضامن مع الشعب

وقالت الوثيقة إن إحسان خورشيدي، وهو أحد مسؤولي الحرس الثوري في محافظة البرز، قال إنه تمت سرقة بضائع من أحد مستودعات الحرس في المحافظة، ما حدا بكثيرين للاعتقاد أن المسؤولية تقع على عاتق عناصر داخلية.

إلا أنه بعد إجراء المزيد من التحقيقات، بدا أن عددا من الأفراد المسؤولين عن نقل البضائع كانوا قد وزعوها على أفراد معدمين من الشعب في كرج، حسبما أضاف.

ونقل عن خورشيدي قوله "لا نعرف ماذا نفعل"، مضيفا "واقع أن قوات الحرس الثوري تخفف عن الناس ليس بالأمر الهين".

وتابع أن "هؤلاء الأشخاص سرقوا من الحرس الثوري، لكنهم أعطوا البضائع المسروقة للمحتاجين الذين ليس لديهم حتى الخبز على موائد العشاء".

"فماذا سنفعل إذا قاموا بعد ذلك بتوزيع الأسلحة على الشعب؟"

وأوضح خورشدي أن "ستة أفراد على الأقل"اتصلوا به في يوم الاجتماع وطلبوا منه إطلاق سراح أفراد أسرهم الذين احتجزوا خلال الاحتجاجات، لكن يوجد حد لعدد الأفراد الذين يستطيع القادة أن يطلقوا سراحهم.

هجوم على مقر إقامة خامنئي

وتضمنت الوثيقة المسربة ايضا تقريرا حول ثلاث هجمات تم إحباطها "على أهداف معينة في طهران"، بينها هجوم بالمدفعية على مقر إقامة خامنئي.

وقال غلام علي رشيد قائد قاعدة خاتم الأنبياء التابعة للحرس، إن المؤامرات خططت من قبل "عناصر متمردة"، دون ذكر المزيد من التفاصيل عن الجهة التي قد تكون مسؤولة.

وأضاف أن المؤامرات التي أثمرتها "أفكار إرهابية"، قد أحبطت.

وعلى نحو منفصل، قال عدد قليل من قادة الحرس إن القوات تحت قيادتهم عصت الأوامر التي صدرت لهم ورفضت قمع المحتجين.

وفي كثير من الحالات، أفيد أن قوات الأمن والحرس والباسيج قد تفرقوا في الوقت الذي واصل فيه المتظاهرون احتجاجهم.

وقبل خمسة أيام من الاجتماع، وتحديدا يوم 30 كانون الأول/ديسمبر، قال القائد البارز بالحرس حميد أبازاري إن عددا من رجال الدين رفيعي المستوى وقادة الحرس البارزين قد انتقدوا معاملة النظام للمحتجين، حسبما أورد موقع إيران واير.

ما بعد الاجتماع

بدا أن حدة موقف خامنئي وخطابه إزاء الاحتجاجات قد خفت في خطاب ألقاه يوم 4 كانون الثاني/يناير، وربما كان ذلك نتيجة المداولات التي جرت قبل يوم في اجتماعه مع مسؤولي الحرس الثوري، حسبما أشار المحللون.

ففي خطاب سابق ألقاه خامنئي يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر، استخدم كلمات قاسية لوصف المحتجين وتبنى موقفا حادا ضدهم، متهما إياهم بالخيانة وبأنهم "هم العدو الرئيس".

لكن نبرته يوم 4 كانون الثاني/يناير كانت مختلفة بصورة كبيرة، حسبما ذكر موقع إيران واير.

وتتضمن القرارات العديدة التي اتخذت بعد الاجتماع إعفاء صفوف الباسيج من دفع الضرائب في موازنة إيران الجديدة، وتخصيص جزء أكبر في الموازنة للحرس الثوري وقوات الاستخبارات والقوات المسلحة مقارنة بالعام الماضي.

ويوم 7 كانون الثاني/يناير، استبدل القائد العام لقوة الشرطة الإيرانية حسين عشتري، وهو مسؤول بالحرس الثوري، بأحمد رضا رادان، وهو قائد سابق آخر بالحرس.

وعزا موقع إيران واير أيضا الأمر الذي أصدره خامنئي في شباط/فبراير لإطلاق سراح آلاف المحتجين المسجونين إلى الاجتماع الذي عقد يوم 3 كانون الثاني/يناير.

وأضفت الوثيقة المسربة المزيد من المصداقية على ما يراه الكثيرون داخل إيران وخارجها، ومفاده أن النظام في نقطة انعطاف وأنه بدأ يخضع لضغوط الاحتجاجات.

وفي مواجهة الإيرانيين الصامدين وقوة المعارضة الداخلية، يبدو أن قدرة طهران على احتواء الضرر تتصدع أكثر يوما بعد يوم، إذ أن الشعب يهدد أركان النظام نفسها، بما في ذلك فرض الحجاب على النساء.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500