يتواصل تحقيق اتحادي في هجوم دموي استهدف يوم 20 فبراير/شباط مزارعين عزل في محافظة ديالى شرق العراق، وهو حادث وصفه الأهالي بأنه يحمل بصمات الميليشيات الموالية لإيران.
ففي حوالي الساعة الثانية عصرا من يوم الحادث، اقتحم مسلحون قرية الجيايلة التابعة لبلدة الخالص في محافظة ديالى، وقتلوا تسعة أقرباء من قبيلة العّزة، بينهم امرأتان، وأصابوا آخرين.
واختطف المهاجمون أيضا مزارعا وأعلن لاحقا العثور على جثته.
وقال سكان من القرية للمشارق أن قرابة 50 مسلحا، يستقل بعضهم درجات نارية ويحملون رشاشات بأيديهم، شاركوا في الهجوم وفتحوا النار على المزارعين العزل بينما كانوا يحرثون أراضيهم.
ونفى مسؤولون محليون أن يكون الحادث عائد لخلاف قبلي بين أفراد عشيرة العزة وآخرين من عشيرة الدليم التي تقطن في قرية مجاورة تدعى البوبالي.
وشكك أهالي قرية الجبايلة أيضا في الرواية، وحمّلوا ميليشيات وصفوها بـ "المتنفذة" مسؤولية العنف الدموي.
'الميليشيات المدعومة من إيران هي المسؤولة'
وذكر أحد السكان للمشارق بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، أن "من قام بهذه الجريمة هم عناصر مسلحة تابعة لجماعات مدعومة من إيران".
ولم يفصح عن أسماء هذه الجماعات، لكنه أضاف أنها تمتلك "نفوذا كبيرا وحرية في التحرك وحمل السلاح وتحدي سلطة القانون".
وأضاف أن تلك الجماعات تتحكم بمصير المحافظة وتهدد السلم الأهلي فيها، مشيرا إلى أن "بعض العناصر الذين ينتمون إليها بعضهم معروفون".
وفي ديالى، تشير أصابع الاتهام إلى منظمة بدر، وهي ميليشيا يتزعمها هادي العامري، وأيضا ميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي اللتين تنتشران بقوة في ديالى ووارتكبتا في السابق جرائم هناك.
ونقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي على لسان أحد المصابين في الجيايلة إن شخصا يكنى "أبو عقيل" ينتمي لميليشيا بدر كان بين منفذي الهجوم.
وزعم السكان أن تلك الميليشيات تحاول زرع الفتنة وضرب التعايش بين المكونات الدينية في المنطقة عبر شّن عمليات عشوائية تحمل صبغة طائفية.
ووقع هجوم الجيايلة في أعقاب هجوم شنه عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي على قرية البوبالي وراح ضحيته ثمانية أفراد من السكان وأصيب أربعة.
تواصل التحقيقات
وفي حديثه للمشارق، قال النائب عن ديالى رعد الدهلكي، إن الهجوم على الجيايلة من تنفيذ "ميليشيات متفلتة تحمل سلاحا خارج إطار الدولة".
وأضاف أنه بغض النظر عن هوية الجناة، "فإننا أمام جريمة ارتكبها مجرمون قتلوا أناسا أبرياء وعزل في وضح النهار(..) وهؤلاء يجب أن يعاقبوا وفق القانون".
هذا وشارك وفد حكومي كبير يضم مسؤولين وقادة أمنيين في مراسيم تشييع جثامين الضحايا، كما تم فتح تحقيق موسع بالحادث.
وأكد الدهلكي أن الحكومة حريصة على مواصلة التحقيق وإرسال رسائل اطمئنان للأهالي بأن القوات الأمنية قادرة على حمايتهم وملاحقة الجناة أيا كانت انتماءاتهم أو عناوينهم.
واستدرك "هذا ما لمسناه خلال لقاءاتنا مؤخرا برئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أكد على متابعته الشخصية لملف الأمن في ديالى".
وخلال اجتماع أمني، وجه نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن قيس المحمداوي باتخاذ إجراءات سريعة لإلقاء القبض على منفذي الهجوم.
وكشفت مصادر محلية للمشارق عن اعتقال ما لا يقل عن 18 شخصا حتى الآن، وصدور مذكرات قبض بحق 14 آخرين.
تشديد الأمن في ديالى
وبالتزامن مع استمرار التحقيق، تقوم السلطات بتقييم الخطط الأمنية في ديالى وتشديد التدابير الأمنية في البلدات الزراعية بالمحافظة لتلافي وقوع هجمات مهددة للسلم والاستقرار.
وتقدم ممثلون عن المحافظة بطلبات للحكومة الاتحادية، منها الطلب من بغداد زيادة الانتشار الأمني في المحافظة وإفساح المجال للسكان للمشاركة في حماية قراهم والقضاء على مصادر التهديد الممثلة بالميليشيات المسلحة وخلايا داعش..
وشدد محافظ ديالى مثنى التميمي على التماسك بين سكان محافظته، وقال أثناء تشييع ضحايا الجيايلة إن الجميع في ديالى متفق على ضرورة منع تكرار مثل هذه الهجمات.
وأضاف أن "الدليل على ذلك هو حضور ممثلين عن كافة أبناء المحافظة في مراسم العزاء واستنكارهم لهذا العمل الإرهابي".
وذكر أن "الجيايلة والبوبالي قريتان متجاورتان. وقد شاهدنا تضامنا كبيرا من العقلاء في القريتين الذين استنكروا الحادث".
وتابع أن "هذا الفعل يمثل الجناة فقط".