جنيف، سويسرا -- طالب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك مطلع هذا الأسبوع الصين باتخاذ إجراءات لمعالجة "المخاوف الجدية" بشأن وضع حقوق الإنسان في مقاطعة شينجيانغ الصينية.
وكان تورك قد تعرض لضغوط من الدول الغربية والمنظمات الحقوقية لاتخاذ موقف حازم حول شينجيانغ عقب تقرير مفجع أعده سلفه وذكر فيه احتمال أن تكون جرائم ضد الإنسانية ترتكب في المنطقة الواقعة أقصى غربي الصين.
وكشف التقرير تفاصيل سلسلة من الانتهاكات لحقوق أقلية الإيغور وغيرها من الأقليات الناطقة بالتركية ذات الأغلبية المسلمة في شينجيانغ، وحث العالم على إيلاء "اهتمام عاجل" لوضع حقوق الإنسان في تلك المنطقة.
وسلط التقرير الضوء أيضا على مزاعم "موثوقة بشأن عمليات تعذيب واسعة واحتجاز تعسفي وانتهاكات للحقوق الدينية والإنجابية.
وذكر التقرير أن الأمم المتحدة تأخذ على محمل الجد المزاعم التي يدلي بها منذ مدة طويلة نشطاء وآخرون، يتهمون بموجبها بيجين باحتجاز أكثر من مليون نسمة من الإيغور وغيرهم من المسلمين في "معسكرات إعادة التأهيل" وإخضاع النساء للتعقيم القسري.
وتتضمن الاتهامات عمليات احتجاز جماعي وعمل قسري وتعقيم إجباري واغتصاب ممنهج وتدمير للمواقع الثقافية والإسلامية للإيغور.
وقال حقوقيون من الإيغور والولايات المتحدة وبلدان غربية أخرى، إن الصين ترتكب بحق الأقلية المسلمة في شينجيانغ جريمة "الإبادة الجماعية".
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وقع 50 بلدا على بيان يدعو لإيلاء الأمم المتحدة "اهتمام عاجل" بـ "انتهاكات الصين المتواصلة لحقوق الإنسان للإيغور وغيرهم من الأقليات ذات الأغلبية المسلمة في شينجيانغ".
من جانبها، ترفض الصين بشدة هذه الاتهامات وتصر على أنها تدير مراكز للتدريب المهني في المنطقة لمواجهة التطرف.
'مخاوف جدية'
وقال تورك في خطابه أمام أولى جلسات مجلس حقوق الإنسان هذا العام، إن الأمم المتحدة قلقة حيال حماية الأقليات مثل الإيغور في شينجيانغ وسكان منطقة التيبت.
وأضاف "فيما يتعلق بالصين، فقد قمنا بفتح قنوات اتصال مع مختلف الفاعلين لمتابعة مجموعة منوعة من قضايا حقوق الإنسان".
"وفي منطقة شينجيانغ، فقد وثق مكتبي مخاوف جدية، لا سيما عمليات احتجاز واسعة النطاق وحالات الفصل الأسري المتواصلة، وقدم توصيات مهمة تستوجب متابعة ملموسة".
وأعرب تورك كذلك عن عدم ارتياحه بشأن القيود المفروضة على الخطاب المدني في الصين وقانون الأمن الوطني الشامل الذي فرض في هونغ كونغ عام 2020 للقضاء على المعارضة عقب التظاهرات الضخمة المؤيدة للديمقراطية التي نظمت في المدينة، والتي كانت في الغالب عنيفة.
"ولدينا أيضا مخاوف بشأن التقييد الشديد للمجال المدني بصورة عامة، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي للمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين، وتأثير قانون الأمن الوطني في هونغ كونغ".
يذكر أن هذا الخطاب هو أول خطاب يلقيه تورك أمام المجلس في جنيف منذ توليه منصب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في شهر تشرين الأول/أكتوبر.
'توقفوا عن إنكار الحقائق'
وردا على الخطاب، قال السفير الصيني شين زو إن حقوق الإنسان في شينجيانغ "محمية على نحو جيد" بفضل جهود بيجين لمحاربة الإرهاب والتطرف.
بدورها، حثت السفيرة الأميركية ميشيل تيلور المجلس يوم الثلاثاء على "اتخاذ إجراء للحد من الانتهاكات الصارخة والمستمرة لحقوق الإنسان في شينجيانغ".
وكانت قد أكدت الشهر الماضي أن واشنطن عازمة على مواصلة "تسليط الضوء على الانتهاكات الموثقة لحقوق أقلية الإيغور والجماعات العرقية والدينية الأخرى في شينجيانغ".
وأضافت "أنا ممتنة على نحو خاص للمفوض السامي تورك الذي التزم أمامي وأمام الآخرين بدعم التقرير الذي أعده مكتبه".
من جانبه، دعا السفير البريطاني سيمون مانلي الصين "للتوقف عن إنكار الحقائق والانخراط على نحو جاد وبناء" في تنفيذ التوصيات التي قدمها مكتب تورك.
وحثت مديرة مكتب هيومان رايتس ووتش في جنيف، هيلاري باور، المجلس على التحقيق في "الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في الصين، بما في ذلك في شينجيانغ"، مشيرة إلى أن هذه الدعوة "أطلقتها مئات المنظمات غير الحكومية الأخرى من كل المناطق والعديد من خبراء الأمم المتحدة".
بدورها، دعت مديرة منظمة العفو الدولية، آغنيس كالامارد، تورك لأن يدعم علنا وبكامل قوته التقرير حول شينجيانغ.
وصرحت للصحافيين قبيل خطابه أن تورك "سيتم تقييمه على أساس عمله والتزامه أمام أهالي شينجيانغ وعلى أساس شجاعته في التعامل مع الملف الصيني".