قال محللون سياسيون إن دول الشرق الأوسط فقدت ثقتها بروسيا في ظل الأفعال العدائية والسياسات التوسعية التي تنفذها موسكو في بلدان كأوكرانيا وسوريا والتي تنشر شعورا بانعدام الأمن على نطاق واسع.
وأشاروا إلى أنه لا يبدو أن روسيا تحقق انتصارا في أوكرانيا بعد مرور عام على شن هجومها غير المبرر على البلد، وذلك على عكس ما يدعيه الرئيس فلاديمير بوتين.
وقال الباحث السياسي عبد النبي بكار للمشارق "عندما أعلن بوتين الحرب على روسيا، ادعى أنه يستطيع إنهاءها في فترة زمنية قصيرة، مفاخرا بالقدرات العسكرية للجيش الروسي".
ولكنه أضاف أنه بعد عام على غزو روسيا، فشل الجيش الروسي في تحقيق نتائج ملموسة وتكبد خسائر فادحة، لافتا إلى أنه يبدو أن بوتين أغرق بلاده في مشاكل ليس من السهل حلها.
وتابع بكار أنه في ظل الاصطفاف العالمي ضد حرب بوتين وسياساته التوسعية، فقدت روسيا التقدم الدبلوماسي الذي أحرزته في المجتمع الدولي منذ نهاية الحرب الباردة.
وذكر أن غالبية دول الشرق الأوسط لا تؤيد روسيا رغم أنها ليست كليا منحازة للغرب، ذلك أن تداعيات الحرب الأوكرانية كانت كارثية لها في ظل تعطل إمدادات القمح والسلع الأساسية.
فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع قياسي في أسعار المواد الغذائية وانعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، إلى جانب ارتفاع معدل التضخم وتراجع سعر صرف العملات المحلية مقابل الدولار الأميركي.
وبدوره، قال المحلل السياسي رامز ممدوح للمشارق إن حرب بوتين على أوكرانيا غيرت المشهد السياسي في المنطقة، معطلة التقارب الدبلوماسي الأخير بين بعض قوى العالم ودول الخليج.
وأضاف أن دول الخليج ودولا أخرى في الشرق الأوسط لن تعرّض علاقاتها الوطيدة بالولايات المتحدة ودول غربية أخرى للخطر، متوقعا أنها ستبتعد شيئا فشيئا عن روسيا.
فقدان الثقة
ومنذ تدخل روسيا في حرب سوريا عام 2015 دعما لنظام بشار الأسد، تزايدت المؤشرات على تجدد نشاطها في الشرق الأوسط.
وتنعكس طموحات روسيا التوسعية في مزيج من التدخل العسكري ومبيعات الأسلحة وتركيز على مشاريع الطاقة والبنية التحتية واستخدام أدوات القوة الناعمة كالدعاية من أجل نشر معلوماتها المضللة.
ومن جهتها، قالت الكاتبة حسناء عبد الله إن العلاقات بين الدول تبنى عادة على الثقة المشتركة، لافتة إلى أن روسيا قد قوضت إن لم تدمر ما تبقى من ثقة بينها وبين الشرق الأوسط.
فتدخل روسيا في سوريا مع استيلائها على الموارد الطبيعية للبلد، إضافة إلى محاولتها غزو أوكرانيا رغم التداعيات الدولية الكارثية، كلها عوامل قوضت مصداقية موسكو، حسبما ذكرت للمشارق.
وتابعت أن العديد من دول الشرق الأوسط تنظر اليوم إلى علاقتها مع روسيا "بحذر كبير، مع التعامل بجدية أكبر مع الولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى".
وأوضحت أنه سيكون لذلك تبعات سياسية واقتصادية وخيمة بالنسبة لروسيا، إذ أنه سيحد من قدرة موسكو على التعاون مع تلك الدول على الصعيد الاقتصادي أو على استغلال مواردها.
وقالت إن أحد الأمثلة يكمن في عدم قدرة روسيا على المضي قدما في اتفاقيات بشأن استخراج الغاز في لبنان، رغم أنها حاولت تصوير نفسها كجهة نافذة أساسية.
وختمت قائلة إن الوجه الحقيقي للسياسة الروسية قد انكشف مؤخرا كليا، وقد تبين أن هذه السياسة تستند بشكل أساسي إلى طموحات توسعية من شأنها أن تزيد من المسافة التي تتركها بعض دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية بينها وبين روسيا.