تحليل

مغامرة بوتين في أوكرانيا تكلف روسيا ثمنا باهظا في الشرق الأوسط

وليد أبو الخير

محقق من مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وضابط أمن أوكراني يقفان إلى جانب مجمع سكني دمرته الصواريخ الروسية في العاصمة الأوكرانية كييف. [حساب مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية على تلغرام]

محقق من مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وضابط أمن أوكراني يقفان إلى جانب مجمع سكني دمرته الصواريخ الروسية في العاصمة الأوكرانية كييف. [حساب مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية على تلغرام]

فيما تحتفل روسيا بالذكرى السنوية الأولى لحربها على أوكرانيا هذا الأسبوع، أصبحت البلاد مستنفذة اقتصاديا وعسكريا، ما يعرض للخطر خططها التي كانت طموحة لتوسيع رقعة نفوذها وقوتها في منطقة الشرق الأوسط.

وقال خبراء للمشارق إن روسيا تظهر علامات واضحة على الضعف في قدراتها العسكرية والسياسية، مشيرين إلى أنه ستستمر في دفع ثمن باهظ لسياسات الرئيس بوتين وأفعاله الخاطئة.

وأضافوا أنه نتيجة للقرارات التي اتخذها بوتين، فهو يفقد السيطرة على قاعدة النفوذ التي كان يحاول بناءها في الشرق الأوسط حيث كانت القوات الروسية تدعم النظام السوري لبشار الأسد.

وقال المحلل العسكري أحمد عبدو للمشارق "مع أنه يبدو أنه لا يوجد فائز أو خاسر في الحرب الروسية-الأوكرانية حتى الآن، فمن وجهة النظر السياسية روسيا هي الخاسر".

وأضاف "الشيء نفسه ينسحب على الجانب العسكري والاقتصادي. فالإرهاق يظهر بوضوح على الجيش الروسي الذي بدأ يعاني من نقص الدعم اللوجستي" في أوكرانيا.

روسيا الضعيفة

وأكد عبدو أن وجود روسيا المتواصل في سوريا ومشاركتها في الحرب السورية"قد أضعفاها وبددا قدراتها بشدة".

وتابع أن صفوف الجيش الروسي قد استنفذت، واستدعت موسكو قوات الاحتياط وتعتمد بشكل خطير على قوات المرتزقة مثل مجموعة فاغنر.

إلى هذا، استعانت روسيا بمجموعة فاغنر لتعزيز وجودها على الخطوط الأمامية في أوكرانيا بالسجناء.

وذكر عبدو أن "العالم بأسره يقف إلى جوار أوكرانيا باستثناء الأطراف المعروفة بعدائها للإرادة الدولية مثل الصين وإيران".

إلا أنه أشار إلى أن "إيران لا تستطيع أن تقدم الدعم السياسي [لروسيا] لأنها هي نفسها لا تحظى بالاحترام السياسي الدولي بسبب مشاريعها التوسعية".

"أما بالنسبة للصين، فهي لن تجازف بالمزيد من العداء مع المجتمع الدولي".

بدوره، قال الباحث سامي غيط من مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية إن انهيار الاتحاد السوفياتي كان يفترض أن يمكن روسيا من تبني مقاربة جديدة في المجال السياسي والاستراتيجي.

وأضاف في حديث للمشارق أن مسارها السياسي "كان ينبغي أن يكون متوافقا" مع مسار القوى العالمية الأخرى، لكن بوتين حول روسيا الشابة إلى روسيا مسنة".

وتابع أن الداخل الروسي بدأ الآن في التململ بسبب حسابات بوتين الخاطئة. "فبوتين يتصرف بطريقة غير عقلانية على نحو واضح عبر المبالغة في قدراته وتحدي الإرادة الدولية".

واستدرك "يبدو أنه يعاني من أوهام العظمة".

ثمن باهظ

من جانبه، قال المحلل العسكري شاهر ياسين للمشارق إنه من الناحية الاستراتيجية، لا يمكن لبلد أن يخوض "في الوقت نفسه حربين في قارتين مختلفتين".

وأضاف أن "روسيا اليوم تحارب حربا وحشية في أوكرانيا وحربا أخرى في سوريا. وقد تحولت الحربان إلى ما يمكن وصفه بحرب الاستنزاف".

وتابع أن "الجيش الروسي سيدفع ثمنا باهظا لهذه الحرب، مثلما سيدفع الاقتصاد والمجتمع الروسيان إذا لم يتم إيقاف كل شيء على الفور".

ودعا ياسين روسيا أن "تبحث بصورة ملحة عن مخارج سياسية لإيقاف خسائرها، ولا سيما خسائرها السياسية في منطقة الشرق الأوسط".

وأوضح أن هناك تغيرات سياسية جذرية جارية في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه في نهاية المطاف، تسعى الحكومات والزعماء في المنطقة للحفاظ على مصالحهم ومصالح شعوبهم فقط.

وأصبحت روسيا أكثر إشكالية في هذا الصدد "في ضوء تعنت السياسة الروسية وشرائح العقوبات الدولية المفروضة عليها".

وأوضح أنه لهذا السبب، الابتعاد عن الكرملين هو المسار الآمن للبلاد المرتبطة بالفعل اقتصاديا وسياسيا بالبلاد الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي تعارض الأهداف الروسية.

واستدرك أنه بمعنى آخر، فإن هذه البلاد لن تكون مستعدة لتعريض مصالحها الخاصة للخطر لتبني مواقف سيكون لها في نهاية المطاف تأثير سلبي على مصالحها الاقتصادية والسياسية.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500