ذكر مراقبون أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى بغداد تأتي في إطار حملة روسية وإيرانية للضغط على العراق من أجل تخفيف تأثير العقوبات على موسكو وطهران.
وأوضحوا أن موسكو لا تكترث بمصالح العراق، ولا تسعى إلا لخدمة مصالحها.
ووصل لافروف إلى العاصمة العراقية في 5 شباط/فبراير مع وفد رفيع المستوى ضم ممثلين عن 25 مؤسسة إعلامية وشركة طاقة وشركات أخرى روسية من قطاعات مختلفة.
وخلال الزيارة، التقى وزير الخارجية الروسي بزعماء الأحزاب السياسية العراقية ومسؤولين من الحكومة، بينهم الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد.
وتمحورت المحادثات حول سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة فرص الاستثمارات الروسية في العراق، ولا سيما في القطاع النفطي.
ونقل موقع المونيتور أن علاقات روسيا الاقتصادية مع العراق ركزت على قطاع الطاقة، لافتا إلى أن الجهتين الأساسيتين، أي الشركتين الروسيتين لوك أويل وغازبروم، لديهما استثمارات بقيمة تفوق 10 مليارات دولار في البلاد.
ولكن وبسبب العقوبات الغربية على موسكو نتيجة غزوها أوكرانيا، تواجه الشركات الروسية صعوبات في استلام الدفعات المالية.
وبحث لافروف العراقيل التي تواجهها الشركات الروسية اليوم مع المسؤولين العراقيين، بحسب ما ذكر مصدر في وزارة الخارجية العراقية للمونيتور.
وأفاد الموقع الإخباري أن لافروف ناقش أيضا العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين، وخصوصا عبر اللجنة الروسية-العراقية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي.
التزامات العراق الدولية
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين قحطان الخفاجي في حديثه للمشارق إن الهدف الأساسي من زيارة لافروف هو استمالة العراق لدعم موسكو وتعزيز التقارب مع إيران.
وتابع أن إيران تخدم أيضا مصالح روسيا بحكم التحالف الاستراتيجي الذي يجمع بين الدولتين، علما أنهما تضغطان "لكسب العراق إلى معسكرهما والاستفادة من العلاقات والشراكة الاقتصادية والاستراتيجية".
ولفت إلى أن الشراكة مع العراق من شأنها "التخفيف من ثقل القيود الدولية المفروضة عليهما".
ولكن الخفاجي حذر قائلا إن الضغط على العراق لتجاهل قرار المجتمع الدولي بمعاقبة روسيا وإيران على سياستهما وتدخلهما في شؤون الدول الأخرى سيضر بالمصالح العراقية.
وأوضح أنه بالتالي سيبقى العراق بعيدا عن الشراكات التي تجلب له المتاعب، نظرا للالتزامات التي تربطه بالمجتمع الدولي "لا سيما في قضية التداول بالدولار والتصدي للإرهاب".
دوافع روسية مشكوك فيها
وفي هذا الإطار، ذكر مراقبون أن تطلع روسيا إلى بناء علاقات ثنائية مع العراق استنادا إلى مصالح الدولتين المشتركة هو أمر مشكوك فيه.
يُذكر أن ما تقدمه روسيا من عروض استثمار ودعوات للتعاون هي أحادية المنفعة، وتهدف بشكل حصري إلى خدمة مصالحها في المنطقة وتقوية نفوذ إيران والميليشيات الوكيلة لها.
وأشاروا إلى أن روسيا الغارقة في الأزمات والعزلة عقب هجومها على أوكرانيا غير مستعدة لتلبية احتياجات العراق الملحة للتنمية.
كذلك، لا يمكن اعتبار موسكو شريكا موثوقا به نظرا لسياساتها الداعمة للإرهاب من خلال التنسيق مع زعماء الميليشيات العراقية المدعومة من إيران والتي ارتكبت جرائم بحق الشعب العراقي.
ويشمل التنسيق مع حلفاء إيران حسبما ورد اجتماعات متكررة بين زعيم جماعة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي والسفير الروسي ببغداد إلبروس كوتراشيف.
كما زار زعيم حركة النجباء أكرم الكعبي موسكو في تشرين الثاني/نوفمبر، ما أثار مخاوف في العراق من سعي روسيا إلى توسيع رقعة نفوذها في الدولة الشرق أوسطية من خلال قنوات غير رسمية، ولا سيما الميليشيات المدعومة من إيران.