في ظل تجاوز حصيلة الوفيات في تركيا وسوريا يوم الخميس، 9 شباط/فبراير، عتبة الـ 17500 وتلاشي الآمال بالعثور على أحياء، تفاقمت المأساة وتعاظمت جراء أفعال النظام السوري.
وفي حين أن الوصول إلى تركيا لا يمثل مشكلة، إلا أنه تبين أن الاستجابة للزلزال تشكل تحديا دبلوماسيا لمن يسعون لإدخال المساعدات إلى السوريين في كل من مناطق سيطرة النظام والمعارضة.
ويعيش نحو نصف السوريين الذين تضرروا جراء الزلزال في مناطق يسيطر عليها نظام بشار الأسد الخاضع للعقوبات الغربية.
ويعيش النصف الآخر في محافظة إدلب وهي آخر معقل للمعارضة، وفي الأجزاء المجاورة من محافظة حلب.
وتضم المنطقتان نحو 4 ملايين نسمة، علما أن عددا كبيرا منهم يعتمد على المساعدات الإنسانية بعد نزوحهم جراء الحرب.
وكانت دول الغرب قد سحبت الدبلوماسيين التابعين ليها من دمشق وفرضت عقوبات على نظام الأسد بعدما شن حملة قمع وحشية على الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العام 2011.
وقامت الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا.
وتواجه منظمات الإغاثة ودول الغرب اليوم تحدي المسائل اللوجستية المعقدة التي ينطوي عليها إرسال المساعدات الطارئة إلى سوريا، ولا سيما إلى مناطق المعارضة الخارجة عن سيطرة الحكومة.
وقال مارك شقال المسؤول عن عمليات منظمة أطباء بلا حدود في سوريا، إن "سوريا لا تزال منطقة رمادية من وجهة النظر القانونية والدبلوماسية".
مساعدة الشعب السوري
وقالت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء إنها تعمل مع الشركاء لتقديم الإغاثة على خلفية الزلزال في سوريا، لكنها مصممة على عدم التعاون مع النظام.
وذكر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن "في سوريا نفسها، لدينا شركاء في المجال الإنساني تمولهم الولايات المتحدة ويقومون بتنسيق المساعدات المنقذة للحياة".
وأضاف "إننا ملتزمون بتقديم تلك المساعدات لمساعدة الشعب السوري في التعافي من هذه الكارثة، مثلما كنا أكبر جهة مانحة له في المجال الإنساني منذ بداية الحرب السورية".
وتابع "أريد أن أؤكد هنا على أن تلك الأموال ستذهب بالطبع إلى الشعب السوري وليس إلى النظام. وهذا أمر لن يتغير".
ورفضت الولايات المتحدة تطبيع العلاقات مع الأسد أو تقديم أية مساعدة مباشرة في عمليات إعادة الإعمار، بل وسعت لمساءلة النظام على انتهاكاته.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه دعا المسؤولين الأميركيين إلى التواصل مع نظرائهم الأتراك لتنسيق المساعدات، موضحا أن المجموعات الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة تعمل على الاستجابة للدمار في سوريا.
وبدوره، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس "إننا ملتزمون ببذل الجهود الممكنة على جانبي الحدود لمساعدة حلفائنا الأتراك في الاستجابة بالمرحلة الأولى لجهود الإنقاذ والتعافي".
وأضاف "إننا عازمون على فعل ما بوسعنا للتعامل مع الاحتياجات الإنسانية للشعب السوري".
النظام وحلفاؤه يعرقلون وصول المساعدات
هذا، ويعتبر الوضع في إدلب وهي معقل المعارضة وتضم أيضا الكثير من النازحين الذين فروا إليها هربا من قصف النظام السوري وروسيا، قاسيا على نحو خاص.
وأورد موقع ميدل إيست آي أن قوات النظام السوري قصفت حتى المناطق التي تضررت بشدة من الزلزال بعد وقت قصير من وقوع الكارثة.
وذكرت النائبة في البرلمان البريطاني آليشا كيرنز الثلاثاء أن الأسد شن "هجوما قاسيا وشنيعا فعلا" على بلدة مارع بمحافظة حلب في الساعات التي تلت وقوع الزلزال.
وأكد مصدر عسكري قريب من الموقع، وقوع هذه الحادثة لموقع ميدل إيست آي.
ويوم الثلاثاء، طالب عدة أعضاء بمجلس الأمن الدولي سوريا بتقديم ضمانات بشأن الأسلحة الكيميائية بعد أن خلصت منظمة مراقبة دولية إلى أن النظام السوري نفذ هجوما بغاز الكلور على بلدة دوما المعارضة في العام 2018.
وحمّلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في كانون الثاني/يناير دمشق مسؤولية الهجوم الكيميائي الذي استهدف دوما وأسفر عن مقتل 43 شخصا.
وقالت المنظمة إن هناك "أسباب منطقية تدعو للاعتقاد" بأن مروحية واحدة على الأقل تابعة لسلاح الجو السوري قد ألقت اسطوانتين من الغاز السام على البلدة.
ومن جانبه، أوضح رافائيل بيتي وهو طبيب في منظمة مهاد الفرنسية غير الحكومية، أن تقديم المساعدات لإدلب اليوم هو أكثر الحاحا من أي وقت مضى "ذلك أن وضع السكان كان أصلا مأسويا" قبل الزلزال.
هذا وتدخل المساعدات الدولية شيئا فشيئا إلى إدلب عبر معبر حدودي واحد بين تركيا وسوريا هو باب الهوى، ويتم تشغيله بموجب تصريح خاص من الأمم المتحدة ينتهي سريانه في تموز/يوليو.
وكانت المساعدات الأممية تصل في الماضي عبر 4 معابر مماثلة في بداية الحرب، إلا أن روسيا التي هي حليف رئيسي للنظام السوري تمكنت من حصرها كلها بمعبر وحيد.
ويوم الخميس، وصلت أول قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة منذ تمدد الزلزال إلى شمالي غربي سوريا، حسبما ذكر مازن علوش مدير العلاقات الإعلامية في معبر باب الهوى.
وقالت منظمة الهجرة الدولية في بيان إن القافلة تضم بطانيات وفرشات وخيام و"مواد إغاثة أساسية... لتغطية احتياجات 500 شخص على الأقل".
يذكر أن المساعدات التي تمر عبر باب الهوى تمد منطقة إدلب بـ 80 بالمائة من احتياجاتها بالفعل، وتخشى المنظمات الإغاثية من أن يصبح المعبر مكتظا سريعا بشحنات إضافية.
ولكن بدا مبعوث سوريا للأمم المتحدة بسام الصباغ يوم الاثنين أنه يستبعد إعادة فتح أية معابر حدودية أخرى إلى المناطق الخاضعة للمعارضة، مصرا على ضرورة أن تعبر كل المساعدات "من الداخل السوري" عوضا عن ذلك.
وقال "إذا كانت أي جهة ترغب بمساعدة سوريا، تستطيع أن تنسق مع الحكومة".
وذكر بيتي أنه يستبعد بشدة أن تصل أية مساعدات تمر عبر دمشق إلى الأراضي الخاضعة للمعارضة، "تماما كما كانت الحال في السنوات الـ 10 الماضية".
ومن جهتها، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بايربوك يوم الثلاثاء موسكو بتسهيل فتح المعابر الحدودية الأخرى إلى مناطق شمال غرب سوريا.
وقالت إنه "يجب أن تستغل كل الجهات الفاعلة الدولية وبينها روسيا، نفوذها على النظام السوري لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الضحايا".
النظام يرفض المساعدات الحيوية
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أعطى الضوء الأخضر لإرسال مساعدات إلى سوريا، ولكن سارع مسؤول بالنظام لإنكار قيام سوريا بطلب المساعدة.
وأوضح نتنياهو أن إسرائيل "تلقت طلبا من مصدر دبلوماسي لتقديم مساعدات إنسانية إلى سوريا، وأنا وافقت على ذلك".
ولكن ذكر مسؤول سوري أن النظام الذي لا يعترف بإسرائيل، "سخر وأنكر المزاعم" التي مفادها أنه طلب المساعدة من جاره الجنوبي.
وأكد الزعيم الإسرائيلي أيضا أن حكومته سترسل مساعدات إنسانية إلى تركيا عقب الكارثة، بما في ذلك فريق من أخصائيي البحث والإنقاذ ووفد مجهز بالإمدادات الإنسانية.
وجاء في بيان صدر عن وزير الخارجية الإسرائيلية إيلي كوهين أن نظيره التركي مولود جاويش أوغلو أبلغه أن تركيا "ترحب بالمساعدات الإسرائيلية".
خسئتم اشرف منكم يا تجار الدم السوري
الرد2 تعليق
لا شك أن عمالتكم لنتنياهو تشعركم بالزهو! مصداقيتكم ليست سوى هراء.
الرد2 تعليق