نواكشوط، موريتانيا -- تستمر التقارير التي تشير إلى نشاط متزايد للمرتزقة الروس التابعين لمجموعة فاغنر في مالي بإثارة المخاوف في منطقة الساحل الإفريقي ولا سيما في الدول المجاورة لمالي.
وتشير تقارير أمنية ومعلومات يدلي بها مواطنون محليون بصورة متكررة في شمالي مالي إلى تواجد مجموعة المرتزقة وتزايد نشاطها في المنطقة.
ودق أهالي القرى الحدودية الموريتانية ناقوس الخطر بشأن الخطر الذي يمثله المرتزقة الروس على الأسواق المشتركة الأسبوعية، وهذه مخاوف تناولها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقابلة أجريت مؤخرا مع صحيفة لو فيغارو.
وخلال محادثة حول اللااستقرار الأمني العام في الساحل، قال تبون للصحيفة الفرنسية إن عناصر مجموعة فاغنر الروسية باتوا يشكلون اليوم خطرا على أمن شعوب ودول المنطقة.
وذكر أن المال الذي تنفقه الحكومة المالية على مرتزقة مجموعة فاغنر كان ليعود بمنفعة أكبر للشعب المحلي، لو استخدم لدعم المشاريع الاقتصادية في الساحل.
وأشار إلى أن 80 في المائة من مشاكل الساحل مرتبطة بالاقتصاد، في حين أن 20 في المائة فقط منها مرتبطة بالأمن.
وذكر أن "مسألة الإرهاب"ليست هي ما يشغل باله مقارنة بالحالة الاقتصادية المزرية لسكان المنطقة.
وقال المحلل الأمني قاسم رأس الماء للمشارق إنه يبدو أن تبون يشير بتعليقه هذا إلى أن "الحل للمشكلة الأمنية يرتبط ارتباطا وثيقا بحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية".
وأضاف أن تبون "يقدم قراءة منطقية وموضوعية للوضع الراهن"، ويستشرف مستقبل الاستقرار في منطقة الساحل.
وتابع أن هذا لا يرضي بالضرورة الحكومة المالية التي تتشبث بالمقاربة الأمنية.
وقال "تبون يطالب حكام منطقة الساحل بخلق بدائل للسكان من خلال توفير الغذاء والتعليم للشباب لمنعهم من الالتحاق بالجماعات الإرهابية".
وذكر "هذا هو التحدي الأول بالنسبة له".
ʼرسائلʻ من الجزائر
وإذا كانت تصريحات تبون بشأن مجموعة فاغنر في مالي قد "شكلت مفاجأة مزعجة للسلطة الحاكمة في باماكو"، على حد قول الصحافي المالي عمر سيدي محمد، فإن المحلل الموريتاني محمد الأمين الداه اعتبرها "ضرورية".
وذكر هذا الأخير أن مقابلة الرئيس الجزائري مررت "عدة رسائل"، أولها "الرد على بعض الاتهامات التي وجهت للنظام الجزائري بتسهيل تحرك عناصر فاغنر".
وأشار الشاه إلى أن الرسالة الثانية توضح أن "الجزائر لا تريد أي نشاط عسكري في مالي من شأنه التأثير على مسار التفاوض الذي ترعاه منذ 2015 بين الحكومة المالية ومجموعات الطوارق المسلحة".
وقال إنه أخيرا يريد تبون إرسال رسالة مفادها أنه "لا يريد قوة عسكرية قد تشوش أو تحد من" دور لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي تضم الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر.
ويقع مقر اللجنة في ولاية تمنراست الجزائرية على الحدود مع مالي والنيجر.
هذا ولم تلق تصريحات تبون بشأن نشاط فاغنر صدى إيجابيا في الداخل المالي، مع أنها صدرت عن الجزائر التي تشكل حليفا سياسيا، بحسب ما ذكر سيدي محمد.
وأوضح أن "الصحافة المالية المقربة من حكومة باماكو نقلت أن وزارة الخارجية المالية طالبت السفارة الجزائرية بتقديم توضيح بشأن تلك التصريحات".
وتابع أن ذلك جاء خلال زيارة المبعوث الجزائري الخاص إلى منطقة الساحل لبحث الملف نفسه.
ولفت إلى أن "الجدل الذي أثارته تصريحات تبون يرجع إلى أنها قد تمثل تحولا محوريا في موقف الجزائر من مسألة التعاون بين روسيا ومالي".
وأشار إلى أن هذا أمر جدير بالاهتمام كون الجزائر تشكل عرّابة للتقارب والتعاون بين باماكو وموسكو.