أكدت بعض المصادر أن النظام السوري واصل عام 2022 تعذيب وقتل المعتقلين في سجونه ومراكز الاعتقال التابعة له، علما أنه تم توثيق 98 حالة وفاة من هذا النوع العام الماضي فيما لم يتم تسجيل حالات عديدة أخرى.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه في تشرين الثاني/نوفمبر وحده، سجل مقتل 12 مدنيا تحت التعذيب في سجون النظام والمراكز الأمنية التابعة له.
ولكن ترجح الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومجموعة مستقلة من النشطاء أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
وفي هذا السياق، قال الناشط السوري محمد البيك للمشارق، إن "التعذيب في سجون النظام السوري "أمر معروف وشائع".
وذكر عدد كبير من السجناء السابقين أنهم تعرضوا لأعمال تعذيب وحشية على يد النظام وفروع مخابراته.
وأضاف البيك أن بعضهم "خضع لجلسات طويلة من التعذيب المتواصل لساعات طويلة وبمختلف الأدوات وهي بمعظمها محرمة دوليا".
وأشار إلى أنه في حين أن الحصيلة الواردة في تقرير المرصد قد تبدو منخفضة، إلا أن "هناك رقم آخر أوردته الشبكة السورية لحقوق الإنسان ويصل إلى أكثر من 60 قتيلا شهريا منذ بداية العام 2022".
معتقلون مفقودون
وفي حديثه للمشارق، لفت البيك إلى أمر هام لاحظه خلال عمله بملف المعتقلين الحاليين والسابقين لدى النظام السوري.
فأوضح أنه لاحظ أن "بعض الأسماء التي يتم الإعلان عنها في لوائح المفرج عنهم لا يتم العثور عليهم بأي شكل من الأشكال".
وذكر أنه قام مع مجموعة من النشطاء بتشكيل فرق تقصي لتعقب بعض هؤلاء المعتقلين، "لكنه لم يتم العثور عليهم وينفي ذووهم عودتهم من المعتقلات".
وقال "حتى أن بعض الأهالي لم يكن يعلم بأن أبناءهم في المعتقلات".
وذكر أنه "لدى قيام الأهالي بسؤال مراكز الاعتقال عن أبنائهم، يتم التأكيد لهم بأنه تم الإفراج عنهم بتواريخ محددة ومسجلة بالسجلات".
وأشار إلى أن "النظام يتخلص من أي أدلة على مقتل المعتقلين خلال التعذيب فيقوم بعملية الإيهام هذه ليتحول المعتقل إلى مختف قسريا ولا مسؤولية تقع عليه".
’الموت أمر طبيعي‘
وفي هذا الإطار، قال تاجر مصري طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية وضعه للمشارق، إنه قضى 17 عاما في السجون السورية.
وذكر أن من بين هذه السجون سجن صيدنايا سيء السمعة التابع للنظام، إضافة إلى مراكز اعتقال في تدمر ودمشق.
وأضاف أن "خبر الموت كان أمرا طبيعيا ويسمع كل يوم".
وأردف أن "كل شخص كان يتم سوقه للتحقيق أو للمحاكمات المزعومة كان يتوقع بأن لا يعود على الإطلاق، وذلك بسبب بشاعة طرق التعذيب المتبعة من قبل السجانين والمحققين على حد سواء".
وأشار إلى أن معظم هؤلاء الذين يبقون في السجن لفترات طويلة يعانون بشكل شبه مؤكد من الأمراض، ويرفض النظام تقديم العلاج اللازم لهم مما يسرع وفاته تحت التعذيب.
وتابع السجين السابق أنه أطلق سراحه من سجن صيدنايا بعد اندلاع شرارة الثورة السورية عام 2011.
وقال إنه لاحظ فيما كان لا يزال قيد الاعتقال أن "وتيرة التعذيب والضرب تضاعفت وأصبحت وحشية تماما" بعد اندلاع الثورة.
وأضاف "تم وقتها الإفراج عن عدد كبير ممن مر عليهم أكثر من 10 سنوات وجرى التعامل بقسوة مع آخرين ومع الوافدين الجدد المتهمين بإشعال الثورة".
وذكر أن جثث المعتقلين كانت ترى يوميا ملقاة في ممرات السجن وساحاته الخارجية.
إخفاء الأدلة
من جهته، اعتبر المحامي السوري بشير البسام خلال حديثه للمشارق، أن النظام ومنذ العام 2011 قام بعمليات اعتقال عشوائية في المناطق التي شهدت اضطرابات واشتباكات مسلحة وولم تجر حينها أي عمليات تسجيل قانونية لإثبات الاعتقال.
وأضاف أنه "منذ ذلك الوقت بدأ عدد المختفين قصريا بالارتفاع لعدم قدرة ذووي المعتقلين على إثبات عملية الاعتقال".
وتابع "لكن ومع مرور الوقت بدأت الأخبار تتسرب من داخل المعتقلات خصوصا بعد الهدوء النسبي الذي تشهده بعض المناطق السورية وعمليات الإفراج التي تمت على دفعات في مختلف المناطق".
وقال البسام إن أسماء المعتقلين بدأت بالانتشار من خلال من تم الإفراج عنهم.
وتابع أنه بالتالي "فإن أي شخص قتل خلال التعذيب أو بسبب عدم توفر العناية الطبية والإهمال الغذائي وعلم بأنه كان معتقلا وقتل، سيقوم النظام بالإعلان عن موته لأسباب طبية".
واعتبر أن هذا الأمر يفسر العدد المرتفع الذي ورد في التقارير الصحافية والحقوقية عن معتقلين توفوا خلال الأشهر الماضية.
وأضاف "للأسف فإن هذه الوتيرة سترتفع خلال الفترة المقبلة مع التبدلات السياسية الحاصلة بين النظام وبعض الجهات الداخلية والخارجية".
وختم قائلا إنه بمعنى أصح، "فإن النظام ينظف سجلاته حتى لا يتعرض للملاحقات الجنائية الدولية".