أثارت زيارة زعيم حركة النجاء أكرم الكعبي مؤخرا لموسكو مخاوف في العراق من احتمال سعي روسيا إلى توسيع رقعة نفوذها في البلد الشرق أوسطي عبر قنوات غير رسمية ولا سيما الميليشيات المدعومة من إيران.
ووفقا لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن الميليشيا العراقية المدعومة من إيران تابعة لفيلق القدس في الحرس الثوري وتُموّل منه بشكل جزئي.
وذكر المعهد أن إيران تقدم لها المساعدة المالية والعسكرية وتتبادل معها المعلومات الاستخباراتية، فضلا عن مساعدتها في اختيار قيادتها ودعمها والإشراف عليها، علما أن وحدات حركة النجباء في سوريا تخضع مباشرة لفيلق القدس.
وأضاف المعهد البحثي أنه في حين أن حركة النجباء خاضعة شكليا لسيطرة الدولة العراقية، إلا أنها تشكل كيانا مارقا، و"غالبا ما تخالف [وحداتها] أوامر التسلسل القيادي في الحكومة العراقية".
وأثارت زيارة الكعبي في 26 تشرين الثاني/نوفمبر ولقاءه مسؤولين حكوميين روس مخاوف في العراق من احتمال سعي روسيا لاستخدام الميليشيا المدعومة من إيران كقناة غير رسمية لبسط نفوذها في العراق.
واجتمع زعيم الميليشيا العراقية في موسكو مع نائب وزير الخارجية الروسية والمبعوث الرئاسي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف.
والتقى أيضا بمستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومدير معهد الدراسات الشرقية في روسيا فيتالي نومكن، إضافة إلى المفتي الأكبر ورئيس الجمعية الدينية لمسلمي روسيا المفتي ألبير كرغانوف.
ووفقا لبيانات أصدرتها حركة النجباء، أشاد المسؤولون الروس بالميليشيا ودعوا إلى "توطيد العلاقات مع العراق على المستويات كافة".
ونقلت البيانات عن الكعبي أيضا تعبيره عن "استعداده للعمل من أجل إقامة أفضل العلاقات مع روسيا".
وحظيت الزيارة باهتمام الإعلام الروسي، فيما وصفت قنوات تلفزيونية فضائية ممولة من إيران علاقة الميليشيا العراقية بروسيا بأنها "استراتيجية".
وفي هذه الأثناء، أثارت الزيارة سخطا كبيرا بين العراقيين وقد أعرب بعضهم عن مخاوف من أن تكون هذه فاتحة تمهد الطريق للميليشيات المتحالفة مع إيران للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا.
وأشاروا إلى أن هناك سابقة لهذا النوع من التدخل الأجنبي، بحيث تدخلت حركة النجباء تحت قيادة الكعبي في الحرب السورية دعما لنظام بشار الأسد.
مخاوف من زيارة الكعبي
وذكر مراقبون أنه عبر توسيع نطاق علاقاتها مع ميليشيات كحركة النجباء هي متهمة بارتكاب جرائم حرب ومصنفة دوليا على لائحة الإرهاب، ترتكب روسيا تجاوزا على سيادة العراق.
وفي السياق نفسه، أشار مركز درع للأبحاث الاستراتيجية ومقره العراق في تقرير نشر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر على تويتر، إلى أن الزيارة تعكس استعداد روسيا للتواصل بشكل غير رسمي مع العراق عبر جهات فاعلة غير حكومية.
واعتبر المركز أن جهود توطيد العلاقات بين روسيا والعراق هي مسألة ينبغي بحثها مع وزارة الخارجية العراقية وليس مع زعيم فصيل مسلح.
وذكر أن جهود روسيا لتعزيز العلاقات مع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، يضعها في قائمة الدول التي تتدخل في الشأن الداخلي العراقي، مطالبا العراق بمضاعفة جهوده لحفظ سيادته.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي عمر عبد الستار إن روسيا تريد الاستعانة بوكلاء إيران لتوسيع رقعة نفوذها وتواجدها في العراق.
وأضاف أن زيارة الكعبي إلى موسكو تأتي في سياق سعي روسيا إلى تعزيز مصالحها الإقليمية وتوطيد علاقاتها مع حلفائها ولا سيما إيران.
وبدوره، أشار الصحافي مصطفى سالم في تغريدة على تويتر إلى "تنامي نفوذ تجار الميليشيات في الكرملين"، مضيفا أن هذا الاستعداد للانخراط مع الجهات الفاعلة غير الحكومية هو مؤشر على "إفلاس وانحدار" روسيا.
وكتب قائلا إن موسكو وحركة النجباء شريكان في قتل المدنيين في سوريا.
كذلك، لفت المحلل السياسي شاهو القره داغي عبر تويتر إلى أن زيارة الكعبي إلى روسيا وتصريحاته بشأنه إقامة علاقات أفضل معها تهدف إلى "تعزيز الوجود الروسي وأيضا الصيني في العراق".
ولاء الميليشيات لإيران
يُذكر أن حركة النجباء التي تأسست عام 2013، هي من أكثر الميليشيات ولاء لإيران. وقد جاهر الكعبي في عدة لقاءات تلفزيونية على مر السنوات بولائه للنظام الإيراني.
وقال علنا إنه سيستجيب لأي أمر صادر عن المرشد الإيراني علي خامنئي بما في ذلك الإطاحة بالحكومة العراقية أو القتال إلى جانب الحوثيين في اليمن، في حال أعلن خامنئي أن هذا واجب ديني.
وفي آذار/مارس 2019، أدرجت الولايات المتحدة حركة النجباء والكعبي على قائمة الإرهابيين في العالم، وذلك بعد تصنيف الكعبي على هذه القائمة في العام 2008 أي قبل أن يؤسس الميليشيا.
هذا وقاد الكعبي الميليشيا في الحرب السورية، ولا تزال حركة النجباء وعدة ميليشيات أخرى مدعومة من إيران منتشرة في سوريا ولا سيما في مدينة البوكمال الحدودية ومحافظة دير الزور والميادين وبمحيط الرقة.
ويتهم سكان هذه المناطق الميليشيا بالتعدي على ممتلكاتهم وفرض الاتاوات عليهم وتنفيذ اعتقالات وأعمال قمع بحقهم على أساس طائفي.