عدن - قال ناشطون حقوقيون ووسائل إعلامية إن ممثلة وعارضة أزياء يمنية اعتقلها الحوثيون وحاكموها وسجنوها في شباط/فبراير 2021 بتهم ملفقة مرتبطة بـ "الإخلال بالآداب العامة"، تعرضت للعنف في السجن.
واعتقلت الممثلة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي العام الماضي عند نقطة تفتيش في صنعاء حيث كان الحوثيون المدعومون من إيران والذين سيطروا على المدينة في انقلاب نفذ عام 2014، ينفذون "حملة أخلاقية".
وعملت الحمادي كعارضة أزياء وكان لديها آلاف المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث كانت تنشر صورا لجلساتها مع المصممين، كما ظهرت في مسلسلين تلفزيونيين يمنيين هما سعد الغريب وغربة البن.
وقالت محامية وناشطة حقوقية يمنية في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، إن محكمة يسيطر عليها الحوثيون حكمت عليها بالسجن لمدة 5 سنوات على خلفية الجرائم المزعومة التي اتهمت بها، علما أنها تعرضت في السجن للضرب وكسر أنفها.
ودعت هدى الصراري التي تقدم الدعم القانوني لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن من خلال مؤسسة دفاع للحقوق والحريات التابعة لها، المنظمات الدولية لزيارة الحمادي والاطلاع على وضعها.
وأعربت في تغريدة نشرتها على موقع تويتر في 15 تشرين الثاني/نوفمبر عن قلقها إزاء سلامة الحمادي، مشيرة إلى أن العديد من السجينات انتحرن بعد تعرضهن للعنف في سجون الحوثيين وتسمية إحدى الجناة الرئيسيات.
وبحسب الصراري، تعرضت الحمادي للعنف والضرب في سجن صنعاء المركزي على أيدي كريمة المرواني، وهي إحدى عناصر كتائب الزينبيات وتلقب بـ"أم الكرار"، ما أدى إلى كسر أنفها.
كتيبة نسائية مستوحاة من إيران
وأوضح المحامي والناشط عبد الرحمن برمان للمشارق أن كتائب الزينبيات هي الجناح العسكري النسائي للحوثيين ولها جذورها في إيران.
وأشار إلى أن الكتيبة اليمنية تشكلت من خلال استنساخ الوحدات النسائية لقوات الباسيج المقاوِمة، وهي قوة شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني.
وكشف للمشارق أنه تم إرسال عدد من النساء المرتبطات بقيادة الحوثيين إلى إيران لتلقي التدريب على يد مدربين إيرانيين ولبنانيين.
ولفت برمان إلى أن من بين أنشطة كتائب الزينبيات "نشاط استخباراتي، حيث أن كثيرات من عناصرها يقمن بعملية الرصد وجمع المعلومات لأن النساء يسهل عليهن الدخول إلى المنازل وزيارة الأسر التي يراد جمع المعلومات عنها".
وقالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان نورا الجراوي، إن فريق خبراء تابعا لمجلس الأمن في الأمم المتحدة كشف عن الأعمال "الخطيرة جدا" التي ترتكبها كتائب الزينبيات والتي تتسبب بكثير من الضرر للنساء في اليمن.
وأوضحت الجراوي أن الزينبيات يقمن بتجنيد وتعبئة العناصر واضطهاد المعارضين، فيستهدفن الناشطين والناشطات بطرق تخالف قواعد حقوق الإنسان.
وأضافت أن نحو 6000 امرأة تنشط في وحدات الزينبيات المنظمة والتي تشمل قوة شرطة نسائية تقوم بأعمال غير قانونية مثل القمع والتنكيل وتعذيب المحتجزات والتجسس.
وأشارت إلى أن أكثر من 200 امرأة من الزينبيات خضعن لتدريب عسكري وأمني وفكري في إيران وجنوبي لبنان.
مداهمات واعتقالات وتعذيب
وتعد إساءة معاملة النساء أمرا شائعا للأسف في السجون التي يسيطر عليها الحوثيون وفي المجتمع ككل، حسبما قال أشخاص مطلعون على الوضع للمشارق.
وقد وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات 1444 حالة انتهاك ارتكبتها الزينبيات في الفترة الممتدة فقط بين كانون الأول/ديسمبر 2017 وتشرين الأول/أكتوبر 2022.
في تقرير صدر في 10 تشرين الثاني/نوفمبر، عرضت الشبكة بالتفصيل العديد من الحالات التي تعرضت فيها نساء للاعتداء ولانتهاك حقوقهن.
وذكرت الشبكة أن الحالات تشمل الاحتجاز التعسفي والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب وتسهيل عمليات الاغتصاب في مراكز الاحتجاز، إضافة إلى اضطهاد الناشطات والاعتداء على النساء المشاركات في اعتصامات نظمت في بعض المحافظات الخاضعة للحوثيين.
وبحسب التقرير، تم نشر الزينبيات في نقاط تفتيش مختلفة عند مداخل بعض المدن، وبعضهن تلميذات أو طالبات جامعيات تم تجنيدهن قسرا في الكتائب.
وذكر التقرير أن عناصر كتائب الزينبيات متهمون بالتورط في قتل 9 نساء، بينهن 6 قضين نتيجة الضرب المبرح بالهراوات والكابلات النحاسية، و3 قضين نتيجة طلقات نارية مباشرة.
وتسببت الزينبيات بإصابة 42 امرأة بجروح متفرقة، حسبما جاء في التقرير.
ووثق التقرير 172 مداهمة نفذتها كتائب الزينبيات، بينها 31 مداهمة للمرافق الخدمية والصحية و76 مداهمة للمدارس والجامعات و65 مداهمة لدور العبادة ومراكز تحفيظ القرآن.
وأشار إلى أن كتائب الزينبيات اعتقلت أو اختطفت نحو 571 امرأة، علما أن 231 منهن لا يزلن محتجزات في سجون الحوثيين التي تخضع لإشراف الزينبيات.
كذلك، أخضعت الزينبيات نحو 62 معتقلة للتعذيب النفسي والجسدي داخل سجون الحوثي وقمن بتجنيد نحو 4000 عنصر جديد.
وقال التقرير إن عددا من عناصر الزينبيات تلقين تدريبات قتالية في صنعاء، في حين تلقى غيرهن التدريب في لبنان أو إيران على يد خبراء من حزب الله أو الحرس الثوري الإيراني.
انتهاكات إضافية تنفذها الزينبيات
وفي هذا السياق، قال وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي للمشارق، إن الانتهاكات التي وثقتها الشبكة ليست إلا "رأس الجليد".
وأضاف أن تقارير الشبكة سلطت الضوء منذ العام 2017 على خبث الحوثيين الذين يدعون زورا المحافظة على أعراض النساء اليمنيات ويتسترون بالشعارات الدينية للتغطية على جرائمهم.
وتابع أن "التقارير الدولية وشهادات من كن في سجون الحوثي ومن كن يعملن مشرفات على هذه السجون واستطعن الفرار بعد ذلك، قد كشفن عن فظائع ترتكبها الزينبيات".
وأكد المجيدي أن بعضا من هذه الانتهاكات كانت سببا في فرض عقوبات دولية على بعض قادة جماعة الحوثي، ومنهم مدير البحث الجنائي السابق سلطان زابن.
وقال مجلس الأمن الدولي إن زابن شارك "في أعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، بما في ذلك انتهاكات القانون الإنساني الدولي المعمول به وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن".
ولعب دورا بارزا سواء مباشرة أو من خلال سلطته، في ممارسة الترهيب والاعتقالات الممنهجة والعمل القسري والتعذيب والعنف الجنسي بحق نساء ناشطات على الساحة السياسية.
وأشار المجيدي إلى أن الزينبيات اعتقلن فتيات "وقدمنهن للقيادات الحوثية للاعتداء عليهن ومن ثم ابتزازهن بعد تصويرهن بأوضاع مخلة".
وكشف أن الفتيات أجبرن على القيام بأعمال مماثلة بهدف ابتزاز وإخضاع بعض القيادات الذين هناك شك في ولائهم السياسي.
وأكد المجيدي أن "جماعة الحوثي ارتكبت العيب الأسود في ما يتعلق بالنساء وترقى هذه الأفعال لجرائم ضد الإنسانية".
وبدوره، قال وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان نبيل عبد الحفيظ إن الوزارة "تتلقى الشكاوى والبلاغات وتقوم بعمليات الرصد والتوثيق لكل الانتهاكات وتقوم بإعداد التقارير استنادا إليها".
وأوضح أن هذا العمل يجري في إطار حماية حقوق الضحايا، مشيرا إلى أن الوزارة تنشر التقارير عبر وسائل الإعلام وترفعها على المستوى الإقليمي والدولي.