سياسة

التوترات بين إيران وأذربيجان في ذروتها بعد الخلاف الأخير حول موضوع التجسس

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

أثارت مناورات الجيش الإيراني على الحدود مع أذربيجان عام 2021 موجة غضب في باكو. [فارارو]

أثارت مناورات الجيش الإيراني على الحدود مع أذربيجان عام 2021 موجة غضب في باكو. [فارارو]

باكو - وصلت التوترات بين إيران وأذربيجان إلى مستويات جديدة يوم الاثنين، 14 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أن أعلنت أذربيجان عن اعتقال 5 من مواطنيها بتهمة التجسس لصالح إيران.

وجاءت الاعتقالات بعد أن تبادلت باكو وطهران الاتهمات الأسبوع الماضي باعتماد خطاب عدائي عالي اللهجة.

وقالت أجهزة الأمن في باكو إن الاعتقالات أتت في إطار "إجراءات تهدف إلى مواجهة الأنشطة التخريبية للمعلومات الاستخبارية والتي تنفذها المخابرات الإيرانية ضد أذربيجان".

وكشفت أن الأشخاص الخمسة كانوا يجمعون معلومات حول الجيش بما في ذلك عمليات شراء مسيرات إسرائيلية وتركية، وحول البنية التحتية للطاقة في البلاد.

رئيس أذربيجان إلهام علييف يلتقي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تركمانستان على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي لعام 2021 في تشرين الثاني/نوفمبر 2021. [خبر أونلاين]

رئيس أذربيجان إلهام علييف يلتقي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تركمانستان على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي لعام 2021 في تشرين الثاني/نوفمبر 2021. [خبر أونلاين]

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، اعتقلت سلطات باكو 17 رجلا قالوا إنهم ينتمون إلى "جماعة مسلحة خارجة عن القانون أنشأتها إيران على الأراضي الأذربيجانية".

واستدعت أذربيجان يوم الجمعة السفير الإيراني للشكوى من "خطاب التهديد" الصادر عن طهران.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد سلمت في اليوم السابق مبعوث أذربيجان رسالة احتجاج على تصريحات "معادية لإيران" من مسؤولين بباكو. وقد أصدر عدد من الدول والمنظمات ومن بينها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بيانات بشأن سلوك إيران التهديدي المتواصل تجاه جيرانها بما في ذلك سلسلة الهجمات الأخيرة غير المبررة التي نفذتها ضد قواعد كردية في إقليم كردستان بالعراق.

تصعيد نادر

وفي حين حافظت إيران وأذربيجان على علاقاتهما حتى الآن، إلا أن التوترات بينهما وصلت اليوم إلى أعلى مستوياتها خلال العقود الثلاثة الماضية.

وانخرطت الدولتان العام الماضي في حرب كلامية نادرة، وزادت من حدة التوتر التصريحات الرسمية وغير الرسمية التي صدرت مؤخرا عن شخصيات من دول الجوار.

وبعد الحرب الثانية بين أذربيجان وأرمينيا في عام 2020، زار رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان إيران والتقى بالرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني.

ونقلت محطة بي بي سي عن الموقع العسكري الأذربيجاني Ordu.az قوله في ذلك الوقت، إنه من الممكن أن يكون الطرفان قد توصلا إلى اتفاقيات تضر بباكو.

وفي الآونة الأخيرة، تحدثت صحيفة خالق قاضيتي الأذربيجانية اليومية عن خطط أرمينيا لشراء صواريخ بعيدة المدى ومسيرات من إيران.

وقالت المحللة الأذربيجانية يغانا هاجييفا إن "إيران حرة في بيع الأسلحة لمن تريد، لكن طهران تعلم جيدا أن مشتريات أرمينيا من الأسلحة ستستخدم ضد الإخوة الإيرانيين الشيعة في أذربيجان".

وذكر محللون أن إيران انحازت إلى أرمينيا في أعقاب الحرب التي استمرت 44 يوما عام 2020 بين يريفان وباكو بشأن إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه، على الرغم من أن اتخاذ مثل هذا الموقف لم يكن في مصلحتها الاستراتيجية أو اللوجيستية أو الاقتصادية.

وأوضحوا أنه بانحيازها إلى جانب أرمينيا، عرضت طهران نفسها للخطر سياسيا واستراتيجيا، وخسرت مبالغ كبيرة من المال في أعمالها التجارية مع باكو.

وفقدت أيضا العديد من حلفائها، لا سيما في ظل العلاقات الوطيدة أكثر فأكثر بين منطقة الخليج وإسرائيل.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، تنازلت يريفان عن مساحات من الأراضي المتنازع عليها، بينها جزء من حدود أذربيجان مع إيران والتي يبلغ طولها 700 كيلومتر وكانت لعقود تحت السيطرة الأرمنية.

مناورات عسكرية

ولطالما كانت طهران حذرة من المشاعر الانفصالية في صفوف أبناء المجموعة العرقية الأذرية الذين يشكلون نحو 10 ملايين من سكان إيران البالغ عددهم 83 مليون نسمة.

وفي العام الماضي، غضبت إيران من طموحات باكو لإقامة خط نقل على طول الحدود الأرمينية الإيرانية من شأنه أن يربط البر الرئيس لأذربيجان بمنطقة ناخيتشيفان المعزولة التابعة لها وأن يربط هذه الأخيرة بتركيا.

وتعتزم باكو تقييد الولاية القضائية الأرمنية في ما يخص ما يعرف بممر زانجيزور البري وهو مشروع من شأنه أن ينهي اعتمادها على إيران للوصول إلى منطقة ناخيتشيفان.

يُذكر أن المنطقة مفصولة عن أذربيجان بمنطقة زانجيزور الأرمنية.

وظهرت القضية باعتبارها نقطة الخلاف الرئيسة بين أذربيجان وأرمينيا، وقد خاض البلدان حربين على خلفية منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها والتي تقع إلى الشرق من زانجيزور، علما أن الأولى وقعت في تسعينيات القرن الماضي والثانية عام 2020.

وقال وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان في 19 تشرين الأول/أكتوبر، إن "إيران لن تسمح بقطع الطريق الذي يربطها بأرمينيا".

وفي استعراض للقوة، أجرت إيران الشهر الماضي مناورات عسكرية واسعة النطاق على حدودها مع أذربيجان.

وفي أيلول/سبتمبر 2021، نظمت مجموعة أخرى من المناورات في المنطقة نفسها ولم تفصح عن تفاصيل كثيرة عنها، حسبما أفاد موقع أوراسيا نت.

وتعد هذه المرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال أذربيجان، التي تنفذ فيها إيران مناورات عسكرية بالقرب من حدودها الشمالية مع أذربيجان.

وجاءت المناورات وسط تصاعد التوتر بين البلدين، ما أثار انتقادات حادة من باكو.

وفي مقابلة أجريت مع وكالة الأناضول التركية في 27 أيلول/سبتمبر، قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إن المناورات كانت "مفاجئة" وغير مسبوقة في السنوات الثلاثين الماضية.

وسأل علييف "لماذا الآن؟ لماذا على حدودنا؟ هذه الأسئلة يطرحها الشعب الأذربيجاني، وليس أنا".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500