عدن - ذكرت دراسة جديدة حول مكافحة الإرهاب أن الجهاز العسكري للحوثيين بات في طور التحول إلى "نسخة طبق الأصل" عن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
وفي هذه الدراسة التي نشرت في 28 تشرين الأول/أكتوبر عن مجلس الجهاد الحوثي، استعرض مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية ويست بوينت العسكرية العلاقة بين الحوثيين وحزب الله اللبناني والحرس الثوري.
وذكر أنه مع إنشاء مجلس جهادي يشبه إلى حد كبير المجلس الجهادي في حزب الله ومع قبولها بوجود المساعد الجهادي التابع لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في قلب استراتيجيتها العسكرية، باتت الجماعة اليمنية أكثر فأكثر تحت سطوة إيران.
وجاء في الدراسة أن "إيران تعتبر جماعة الحوثي من الأصول البارزة وتضعها على قدم المساواة مع حزب الله اللبناني، رغم أن الجماعة ما زالت في طور النمو".
وأضافت أن العلاقة بين الحوثيين وإيران "لا يجب النظر إليها كعلاقة ضرورة، بل كتحالف قوي وعميق الجذور يرتكز على تقارب إيديولوجي قوي وتحالف جيوسياسي".
وتابعت أن "ظهور ʼحزب الله الجنوبيʻ بات الآن حقيقة على الأرض".
نموذج يعتمد نموذج إيران وحزب الله
وأشارت الدراسة إلى أن الحوثيين يعتمدون بشكل مضطرد النموذج السياسي والعسكري لإيران وحزب الله اللبناني، مضيفة أن "الحوثيين تبنوا عمدا نموذج تنظيم حزب الله في تشكيل مجلس الجهاد".
وذكرت أن لمجلس الجهاد الحوثي "تشابه لا لبس فيه مع مجلس الجهاد التابع لحزب الله اللبناني، بما في ذلك مركزية وظائف الاستخبارات ومكافحة التجسس".
وقد طوّر حزب الله شكل هذا المجلس "لإيصال الدروس التي تعلمها إلى المنضوين في صفوفه، ويتوقع بشكل كبير أن يلعب هذا الدور في اليمن أيضا"، وفقا للدراسة.
وجاء فيها "قد يوفر المجلس أيضا منطقيا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري طريقا آمنا واقتصاديا وفعالا لتقديم المشورة لحركة الحوثيين".
وذكرت "بقبول وجود المساعد الجهادي التابع لفيلق القدس في الحرس الثوري في قلب استراتيجيتها العسكرية، تكون جماعة الحوثيين قد تبنت نموذج التوجيه نفسه الذي تتبعه جماعة كتائب حزب الله الإرهابية العراقية".
وأوضحت "يقرر المساعد الجهادي أيضا نوع المساعدة التقنية التي ستقدمها إيران وحزب الله والأجهزة التي يجب توفيرها، سواء باستخدام فرق التدريب والمخازن داخل البلاد، أو عن طريق طلب خبراء جدد أو عتاد من إيران ولبنان".
وتابعت "لقد تبنى جيش الحوثي العديد من سمات الحرس الثوري ونظيره حزب الله اللبناني"، بما في ذلك التدريب والمشتريات السرية والتصنيع العسكري والطائرات المسيرة والصواريخ وعمليات حرب العصابات البحرية.
وهو في طريقه الآن ليصبح "نسخة طبق الأصل عن المنظومة العسكرية والأمنية الخاصة بالحرس الثوري وحزب الله اللبناني، مع ظهور نظام تعبئة وأمن داخلي على غرار الباسيج".
مجلس الجهاد الحوثي
وبحسب الدراسة التي أجراها مركز مكافحة الإرهاب، تتوفر أدلة كثيرة تشير إلى أن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي يبقى بعيدا عن الأضواء ونادرا ما يلتقي بكل أعضاء مجلس الجهاد بسبب اعتبارات أمنية.
ويمثل كبار مستشاريه أحمد محمد يحيى حامد وأحسن الحمران الاستثناء في ذلك.
يُذكر أن حامد هو مدير مكتب رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط وهيئة الأشغال الحكومية التي تتمتع بنفوذ كبير.
أما الحمران، فيشرف على أجهزة استخبارات الحوثيين وعلى وزارة الداخلية التابعة للجماعة.
ولمجلس الجهاد الحوثي أمانة صغيرة تسمى بمكتب الجهاد، وعلى رأسها أحد الموالين للحوثيين المعروف بلقب أبو محمد، بالإضافة إلى ممثلين إيرانيين ولبنانيين.
ويشمل الأعضاء المتبقون في المجلس مراقبا من المجلس العام للجماعة ويمثل أيضا مجلسها التنفيذي، ومسؤولين عن العمليات والأمن والمناطق العسكرية إضافة إلى مسؤولين عن "تحضيرات الجهاد" و"القوات الخاصة".
ولفتت الدراسة إلى أن مسؤولي العمليات والمناطق العسكرية "يساعدون في مهام تنسيق العمليات عبر مختلف المناطق الجغرافية العسكرية".
ويركز "مسؤول تحضيرات الجهاد" على قضايا التجنيد والتلقين وتعزيز القوات.
وجاء في الدراسة أنه "إلى جانب عبد الملك، يشكل ’مساعد الجهاد‘ التابع لفيلق القدس في الحرس الثوري ونائبه اللبناني التابع لحزب الله، ثالوثا في نواة آلة الحوثيين الحربية".
ويستخدم فيلق القدس مصطلح "مساعد الجهاد" نفسه في العراق لوصف ضابط الاتصال الكبير مع كتائب حزب الله.
وكشفت الدراسة أن المساعد الجهادي في العراق لديه أيضا نائب لبناني من حزب الله، "ما يشير إلى اعتماد فيلق القدس التابع للحرس الثوري نوعا من النموذج العام في تعامله مع الشركاء والوكلاء".
بيادق الحرس الثوري الإيراني
وفي هذا الإطار، قال وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي للمشارق إن الدراسة "تكشف تبعية عبد الملك الحوثي وأن زمرته ليست إلا موظفين في دائرة كبرى يقودها الحرس الثوري الإيراني".
وأضاف أنها تبين أن إيران انتزعت سلطة اتخاذ القرار من الحوثي ودائرته الداخلية.
وأوضح أن الحوثي ليس سوى أحد أفراد التنظيم الذي يشرف عليه المجلس الجهادي وأن مسؤولي الحرس الثوري وحزب الله يديرون كل شؤون الجماعة.
وتابع أن إيران توجه وتنسق أيضا عمليات صنع القرار للميليشيات التي تدعمها في العراق ولبنان والبحرين.
ومن جانبه، قال مدير مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية عبد السلام محمد للمشارق، إن دراسة مركز مكافحة الإرهاب تثبت أن الحوثيين يتحركون بأوامر طهران.
وذكر أن قرار قبول الحوثيين بالسلام حتى ليس قرارا حوثيا "بل إنه قرار إيراني"، ملقيا اللوم على النظام الإيراني في اندلاع الحرب باليمن وانعدام الاستقرار في المنطقة والهجمات على البنية التحتية للبلاد.
أما المحلل السياسي فيصل أحمد، فقال إن الحوثيين في اليمن أصبحوا أداة قوية تعمل لصالح إيران التي تستعملها لتنفيذ عمليات عسكرية ضد البنى التحتية الحيوية وخطوط الملاحة في المنطقة.
وأضاف أن الحرس الثوري يزود الميليشيات التابعة له بالسلاح والمال والمخدرات ويشرف على أنشطتها ويمسك بقرار الحرب والسلم.