بيروت - كشف تقرير جديد أن النظام السوري طرح في المزاد العلني مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية في محافظة إدلب تعود ملكيتها لسوريين أجبروا على الفرار جراء أعمال العنف التي ارتكبها.
فأشار التقرير الذي صدر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في 20 تشرين الأول/أكتوبر، إلى أن النظام أعلن مؤخرا عن إجراء 3 مزادات علنية لأراض زراعية في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وأبو الظهور.
ولم يحدد إعلان 29 أيلول/سبتمبر المواقع الدقيق للأراضي التي تبلغ مساحتها نحو 570 ألف دونم، أو أسماء مالكيها المعروف أنهم فروا من ديارهم.
وفي ما بدا أنه تبرير لهذه الخطوة، قال محافظ إدلب المعين من قبل النظام ثائر سلهب، إن هؤلاء الأفراد هم حاليا "متوارون عن الأنظار".
وبدوره، قال الناشط الإعلامي عثمان الخاني وأصله من خان شيخون للمشارق، إن "مصادرة الأراضي جريمة أخرى تضاف إلى الجرائم الكثيرة التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري، وأنا واحد منهم".
وتابع الخاني أن أرضه "مغتصبة" وقد حرم من الدخل الذي تدره، مضيفا "لا يمكن وصف شعوري بكلمات".
وذكر أن الميليشيات الموالية للنظام وبينها الفرقة الرابعة وفرقة الدفاع الوطني وحزب الله، تتقاسم الأراضي وتحتفظ بأرباح المحاصيل دون إذن أصحابها.
وأشار الخاني إلى أنه وغيره من أصحاب الأراضي في خان شيخون الذين نزحوا بسبب أفعال النظام عام 2019 ومعظمهم فر إلى شمالي سوريا، لم يعد بإمكانهم الوصول إلى أراضيهم لأن النظام يسيطر على المنطقة.
الاستيلاء على الأراضي بالقوة
وأشار الخاني إلى أن خان شيخون تشتهر ببساتين الفستق والزيتون.
وقال "كانت معروفة بغنى أهلها الذي انقطع دخلهم بعد التهجير والنزوح، فتلاشت مدخراتهم بعد 4 سنوات تهجير"، مضيفا أن وضعهم تفاقم اليوم مع بيع أراضيهم في المزاد العلني.
وذكر "يجري النظام في موسم الزيتون والفستق الحلبي جردة بأراضي المهجرين والنازحين ويعرضها بالمزاد العلني".
وتابع "يتم ذلك بغض النظر عما إذا كان صاحبها مشاركا بالثورة [السورية] أم لا، أو مطلوبا أمنيا أم لا".
وأوضح "كما أن النظام لا يعترف بالوكالات التي نظمت لأقارب أصحاب الأراضي بمحاكم النظام نفسه، لأنه يبحث عن حجة للسيطرة على الأراضي".
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يقوم فيه مدنيون بشراء واستعمال الأراضي التي كانت قد طرحت بالمزاد العلني، يتم الاستيلاء على العديد منها من قبل الميليشيات "بالقوة ومجانا"، ومن بينها الفرقة الرابعة التي وسعت سيطرتها جنوبي وجنوبي غربي خان شيخون.
ولفت إلى أن من بقي في مناطق النظام "يحتاج لموافقة أمنية قبل المباشرة في العمل بأرضه زراعة وحصاد، مع ما يرافق الموافقة من عراقيل".
وأضاف أن "من لا يحصل على الرخصة تعرض أرضه للاستثمار أسوة بالنازح. لذا، فإن كثر موجودون بخان شيخون لا يستطيعون الوصول لأراضيهم".
استفادة الموالين للنظام
وبدأ النظام بمصادرة الأراضي الزراعية وبيعها بالمزاد في محافظتي حماة وإدلب في مطلع حزيران/يونيو 2020، بحجة "الاستثمار" في محاصيلها، حسبما ذكرت سمية حداد مديرة قسم التقارير في الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وكشفت أن تراخيص الاستثمار "تمنح لموالين للنظام ممن يعطون للدولة جزءا من الأرباح فتؤمن مردودا ماليا كبيرا لها، فيما يحرم أصحاب الأراضي من تلك الأرباح لأنهم غير موجودين".
ووصفت حداد ما يحصل بأنه بمثابة "السيطرة على الموسم الزراعي"، لافتة إلى أن الميليشيات "تخالف الدستور السوري الذي ينص على حق الملكية والانتفاع من هذه الأملاك".
وأردفت "يبدو أنه هناك محاولة لشرعنة النهب في مخالفة للدستور".
ومن جهته، قال الباحث السوري المتحدر من إدلب تركي مصطفى، إن مصادرة الأراضي الزراعية في محافظة إدلب وكل سوريا تعد مخالفة قانونية كبيرة.
وأشار إلى أن "قرار المزايدة على الأراضي يتم وفق قانون العقود العامة الصادر في 2004 والمتعلق بقرار المزايدات والمصادرات المتعلقة بالأملاك العامة للدولة".
وأوضح أن هذا القانون "لا يشمل الأملاك الخاصة للناس، إلا بحال نقل الدولة ملكية الأراضي الخاصة إلى ملكيتها العامة فتجري المزادات، وهذا ما لم يحدث".
وختم قائلا إنه في الظروف الراهنة، يقف أصحاب تلك الأراضي عاجزين عن فعل أي شيء، أكانوا يقيمون اليوم في مناطق النظام او خارجها.