سياسة

انطلاق حقبة جديدة مع موافقة لبنان على اتفاق تاريخي حول الحدود البحرية مع إسرائيل

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

صورة تظهر عوامات ترسيم الحدود في مياه المتوسط قبالة ساحل رأس الناقورة بتاريخ 4 أيار/مايو 2021. [جاك غويز/وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة تظهر عوامات ترسيم الحدود في مياه المتوسط قبالة ساحل رأس الناقورة بتاريخ 4 أيار/مايو 2021. [جاك غويز/وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت -- أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون عن موافقة لبنان على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية برعاية الولايات المتحدة مع إسرائيل يوم الخميس، 13 تشرين الأول/أكتوبر، ما يفتح المجال أمام إنتاج بحري ضخم للغاز بالنسبة للبلدين الجارين في شرق المتوسط.

وجاء الإعلان بعد قول وزير الداخلية الإسرائيلي يائير لبيد يوم الأربعاء إن الاتفاق سيحد من احتمال وقوع صراع مع حزب الله المدعوم من إيران.

وقال الرئيس اللبناني في خطاب متلفز "أعلن موقف لبنان بالموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي أعدها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية".

ووصف عون الاتفاق بأنه "إنجاز تاريخي"، مضيفا أن لبنان "تمكن من استعادة مساحة 860 كيلومترا مربعا كانت موضع نزاع".

وتابع أن "لبنان لم يتنازل عن كيلومتر مربع واحد لإسرائيل"، مضيفا أن بلده سيطر سيطرة كاملة على حقل قانا رغم أن بعض أجزائه تقع ضمن المياه الإقليمية لإسرائيل.

وقال إن "هذا الاتفاق غير المباشر يستجيب للمطالب اللبنانية ويحافظ على حقوقنا بشكل كامل".

ورحب قادة عالميون بالاتفاق، وبينهم الرئيس الأميركي جو بايدن.

وفي مقابلة أجريت مع محطة تلفزيون لبنانية، أشاد المبعوث الأميركي آموس هوكستين يوم الخميس بالاتفاق معتبرا أنه "اتفاق سيكون له الفضل بمنع الفوضى والمزيد من الصراعات في مختلف أنحاء المنطقة".

وذكر أن الاتفاق سيضمن "الازدهار الاقتصادي للبنان وسيكون ضمانة ضد الصراعات، حيث أنه سيؤمن الحدود الشمالية لإسرائيل"، وهو ما يعني أن "لا حرب بين إسرائيل ولبنان".

ʼحقبة جديدةʻ

وتوصلت حكومتا لبنان وإسرائيل للاتفاق لإقامة حدود بحرية دائمة بين البلدين عقب وساطة أميركية تدوم منذ سنوات.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان صدر الثلاثاء، إن "هذا الإنجاز يعد ببداية حقبة جديدة من الازدهار والاستقرار في الشرق الأوسط وسيوفر الطاقة الأساسية لشعوب المنطقة والعالم".

وتابع أنه "إلى جانب توفير فوائد هائلة للشعبين اللبناني والإسرائيلي، يعكس إعلان اليوم قوة التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط وخارجه".

ويأتي الاتفاق اللبناني في أعقاب عدد من اتفاقيات التطبيع التي حملت عنوان اتفاقيات إبراهيم وأبرمت بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.

يُذكر أن الاتفاقيات التي وقعت بداية في أيلول/سبتمبر 2020 بين إسرائيل والبحرين والإمارات ساعدت في تنسيق العمليات الأمنية وتعزيز الاستثمارات وحماية التدفق الحر للتجارة.

وأضاف بلينكن أن "هذا الاتفاق يحمي المصالح الاقتصادية والأمنية لإسرائيل ولبنان ويشكل حقبة جديدة لشعوب المنطقة".

وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ فور إرسال الولايات المتحدة إشعارا يؤكد تلقيها موافقة كل من لبنان وإسرائيل.

بعد ذلك، سيقوم لبنان وإسرائيل بإيداع إحداثيات اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة، وذلك في خطوة يجري من خلالها استبدال الاحداثيات التي أرسلت من قبل الدولتين عام 2011 بالإحداثيات الجديدة.

وبموجب الاحداثيات المتفق عليها، يكون لإسرائيل حقوق كاملة وغير متنازع عليها في حقل كاريش للغاز والذي من المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز فيه في غضون أسابيع.

وبدوره، يكون للبنان الحق الكامل بالعمل والتنقيب فيما يعرف بخزان قانا أو صيدا، علما أن أجزاء منه تقع ضمن المياه الإقليمية لإسرائيل.

ولكن بموجب نص الاتفاق، "سيتم التعويض لإسرائيل" من قبل الشركة العاملة في قانا "نظرا لحقها بالحصول على أية رواسب محتملة للغاز".

احتمال منع وقوع حرب

وواجه الاتفاق عقبات، حيث مثل حقل كاريش للغاز، الذي أصرت إسرائيل على أنه يقع كليا ضمن مياهها ولم يكن موضع تفاوض، مثل مصدر احتكاك أساسيا.

وبحسب معلومات، فقد طالب لبنان بجزء من الحقل وهدد حزب الله الذي يهيمن على لبنان إلى حد كبير بشن هجمات في حال بدأت إسرائيل بعمليات الإنتاج في كاريش.

ولكن حزب الله قال يوم الثلاثاء إنه سيدعم الاتفاق في حال اعتمدته الحكومة اللبنانية رسميا.

وردا على انتقادات من خصومه في الداخل، نفى لبيد يوم الأربعاء الاتهامات التي وجهت إليه ومفادها أنه وافق على اتفاق قد يؤدي إلى وصول عائدات طاقة بالعملة الصعبة إلى جيوب حزب الله.

وتحدث عن الحزب المدعوم من إيران والذي يعتبر العدو الأول لإسرائيل "إذا اخترنا المعركة، فسنوجه إليه ضربة قوية. ولكن في حال كان من الممكن منع اندلاع حرب، فهذه ستكون مهمة حكومة مسؤولة".

وذكر خبراء أمنيون إسرائيليون أن حزب الله يملك ترسانة تشمل آلاف الصواريخالقادرة على ضرب التجمعات السكانية الإسرائيلية.

وقال وزير الدفاع بيني غانتس، متحدثا إلى جانب لبيد، إن الاتفاق "قد يخفف من نفوذ إيران في لبنان".

وأضاف أن الاتفاق "يؤسس ʼصيغة أمنيةʻ جديدة فيما يتعلق بالبحر"، واصفا إياه بأنه "إيجابي بالنسبة لشعب لبنان".

التنقيب يمكن أن يبدأ

يُذكر أن دراسة زلزالية أجرتها عام 2012 شركة سبكتروم البريطانية لمنطقة بحرية محدودة، قدرت احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج في لبنان بـ 25.4 تريليون قدم مكعب.

وأعلن المسؤولون اللبنانيون عن تقديرات أعلى.

ولكن ما من احتياطيات مثبتة للغاز في خزان قانا.

وسيسمح اتفاق الحدود البحرية لشركة توتال للطاقة وشركة إني العملاقة في مجال الطاقة بالبدء بعمليات التنقيب.

وبحسب نمذجة مالية أجرتها مبادرة النفط والغاز اللبنانية، وهي منظمة مستقلة غير هادفة للربح، يتمثل "السيناريو الأكثر إيجابية" في اكتشاف احتياطيات غاز تقدر بـ 16 تريليون قدم مكعب.

وذكرت ديانا القيسي، وهي عضو في المجلس الاستشاري للمبادرة، أن "أرباح لبنان قد تبلغ نحو 6 مليار دولار على فترة 15 سنة"، في حال تم العثور على هذه الكمية المثالية.

لكن ذلك لا يشكل إلا جزءا بسيطا للغاية من ديون لبنان المتراكمة والتي تصل إلى مليارات الدولارات.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500