قال مسؤولون أن انتشار مرض الكوليرا تسبب في وفاة ما لا يقل عن 23 شخصا من أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة النظام و16 شخصا آخر في المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الكردية، محملين البنية التحتية البالية للمياه والإهمال مسؤولية الوضع الراهن.
وكشف أحد مسؤولي النظام السوري وجود أكثر من 250 حالة كوليرا في ست محافظات منذ بداية انتشار المرض في أيلول/سبتمبر الماضي، مع تركز معظم الحالات في محافظة حلب الشمالية.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن الإدارة الكردية سجلت أيضا 16 حالة وفاة و78 إصابة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما فيها 43 حالة في غربي دير الزور.
وفي حديثه للمشارق، قال الإداري في الهلال الأحمر الكردي عكيد إبراهيم، إن الفرق الصحية رصدت إصابات عديدة بالكوليرا، مع الكشف عن عدد من الإصابات داخل مخيم الهول في محافظة الحسكة.
ويتسبب وباء الكوليرا بإسهال قد يكون قاتلا، وينتقل عن طريق تناول أطعمة أو شرب مياه ملوثة ببكتيريا يحملها براز الإنسان وتنتشر من خلال الصرف الصحي السيئ ومياه الشرب القذرة.
وأضاف إبراهيم أن تلوث المياه وأزمة الصرف الصحي هما السبب الأساسي لانتشار المرض، ويعد نهر الفرات مصدرا رئيسا للمياه الملوثة.
وفي مناطق سيطرة النظام، يحمل البعض السلطات مسؤولية انتشار المرض بسبب عدم ترميمها البنية التحتية البالية وخصوصا مصارف مياه الصرف الصحي ومياه الشرب، ومعظمها خرج من الخدمة أثناء الصراع الطويل.
وشكل ذلك أرضية مواتية لانتشار وباء الكوليرا.
ويزعم ناشطون أن النظام السوري لم يف بوعوده بإجراء الترميمات اللازمة للبنية التحتية، وخصوصا مصارف مياه الصرف الصحي ومياه الشرب، بالإضافة إلى تخلفه عن تطهير مياه الشرب بحجة عدم توفر الأموال اللازمة.
حالات كوليرا في مخيم الهول
وأوضح إبراهيم أن المياه الموزعة على المقيمين في مخيم الهول معقمة، لكنه عزا الإصابات لعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية أو عدم تنظيف الخضار والفواكه التي قد تكون هي نفسها ملوثة.
وتابع أن الخضروات والفواكه قد تكون ملوثة بسبب اعتماد الري على مياه الفرات الذي يعاني من انحسار شديد في مستوى مياهه، ما عزز وجود أنواع كثيرة من البكتيريا فيها.
وأشار إبراهيم إلى أن مصدر مياه بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الكردية هي مناطق يسيطر عليها النظام كالحسكة والقامشلو.
وأضاف أن عشرات التجار من مناطق دير الزور والرقة ينقلون المواد الغذائية والمستلزمات الأخرى إلى المخيم، والأمر لا يحتاج إلا إلى عملية تسليم بضائع ملوثة واحدة للتسبب في تفشي الوباء، إذ أن المخيم المترامي الأطراف يعاني من الاكتظاظ الشديد.
وأشار إلى أنه رغم تفشي المرض حاليا، فإن الوضع الطبي في المخيم "تحت السيطرة كليا"، وجرى توجيه سكانه بضرورة الانتباه للنظافة الشخصية وتنظيف الخضار والفواكه.
وذكر أن الهلال الكردي وهيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية متيقظان ويتابعان أي حالات مشتبه بإصابتها.
لكن الاستجابة الفعالة لتفشي المرض تستدعي مساعدة دولية بأسرع وقت ممكن.
ارتفاع عدد الإصابات
بدوره، قال الدكتور أحمد ضميرية الأخصائي بالأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة السورية، إن الإصابات ببكتيريا الكوليرا ترتفع في العديد من مناطق سيطرة النظام، بينها حلب واللاذقية ودير الزور وإطراف الرقة.
وأضاف في حديثه للمشارق أن تقارير طبية أكدت وقوع إصابات أيضا في مناطق تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد).
وكشف أن عدد الوفيات تخطى 25 حالة حاليا، أما المصابين فيقارب عددهم الألف حالة.
وأشار إلى أن انتشار الكوليرا لم يصل بعد إلى مرحلة الوباء، مشددا على أن السلطات الصحية بحاجة لاتخاذ إجراءات سريعة لوقف تفشيه.
وتابع أنه على المواطنين مسؤولية كبيرة أيضا في منع انتشار المرض، وحثهم على اتخاذ الإجراءات الوقائية.
ومن هذه الإجراءات حسبما ذكر، الانتباه لنظافة الخضروات والفواكه قبل تناولها والتأكد من مصادر أي أطعمة جاهزة.
وتابع أن وزارة الصحة تكشف على المياه المستعملة في معامل الثلج للتأكد من نظافتها بعد ثبوت تلوث أحد المعامل في منطقة دير الزور.
إهمال في مناطق النظام
الناشط الإعلامي فيصل الأحمد من حلب قال للمشارق إن العديد من الناشطين والعاملين بالقطاع الطبي في مناطق حلب ودير الزور واللاذقية حذروا مع بداية فصل الصيف من احتمال انتشار الكوليرا.
وأضاف أن التحذير جاء وسط أدلة متزايدة على إهمال النظام في هذه المناطق على جميع الأصعدة، مشيرا إلى أن مياه الصرف تختلط مع مياه الشرب في بعض المناطق.
وأوضح أن التحاليل المخبرية أكدت أن "أكبر نسبة من الإصابات كانت بسبب المياه ويليها الثلج الملوث"، مبينا أن أهالي هذه المناطق يعتمدون على الثلج لتبريد المياه نظرا لانقطاع الكهرباء بشكل متواصل.
وذكر أن "المنتوجات الزراعية الملوثة والتي تم ريها أساسا من مياه الفرات الملوثة"، تلي الثلج.
وأكد الأحمد أن السلطات المسؤولة عن عمليات تطهير مياه الشرب توقفت منذ أشهر عن تزويد خزانات المياه الأساسية بمادة الكلور المطهرة للمياه، ما ساعد على الانتشار السريع للكوليرا.
واستدرك أن "هذا الأمر يجعل النظام السوري مسؤولا بشكل مباشر عن مقتل العشرات، وهذه جريمة تضاف إلى قائمة جرائمه الكثيرة".