تم اعتقال 67 موظفا في شركة غاز ساوث بارس الإيرانية أثناء تجمعهم في 3 أيلول/سبتمبر للاحتجاج على ظروف العمل السيئة والأجور المنخفضة أمام مبنى وزارة النفط في طهران.
وكان موظفو ساوث بارس قد أعلنوا سلفا عن خططهم للاحتجاج، وتوجهوا إلى طهران من مدن مختلفة معظمها في جنوب البلاد.
وانضم إليهم عدد من العاملين في قطاع النفط في العاصمة الإيرانية.
وكان الهدف من التجمع أن يكون استكمالا لتظاهرة 11 آب/أغسطس والتي دعا خلالها الموظفون إلى تنفيذ قسم غير مطبق من قانون النفط الإيراني (المادة 123، القسم 10).
ويركز القسم 10 الذي وافق عليه المجلس (البرلمان الإيراني) في عام 2014، على رفع الرواتب الأساسية لموظفي قطاع النفط والغاز.
ولكن لم تنفذ الحكومة ذلك.
وعندما وصل موظفو قطاع النفط إلى الوزارة في 3 أيلول/سبتمبر، استقبلتهم قوات الأمن التابعة للنظام ومنعتهم من التظاهر.
واعتقلت قوات النظام 67 منهم وصادرت هواتفهم المحمولة.
وفي الأشهر الأخيرة، تعالت احتجاجات عدد كبير من العاملين في قطاع النفط والغاز الإيراني على ظروف العمل غير المؤاتية والأجور المنخفضة والمزايا غير الكافية.
وحتى هذا العام، نظم المتعاقدين من عمال قطاع النفط والغاز معظم الاحتجاجات، رافضين ظروف عملهم الصعبة والأجور المنخفضة التي يتقاضونها ومطالبين بمنحهم وظائف ثابتة أو عقود عمل دائمة.
ولكن هذا العام، انضم الموظفون الثابتون إلى الاحتجاجات مطالبين بتنفيذ القسم 10.
وفي 11 آب/أغسطس، احتجت مجموعات من الموظفين من عدة شركات خدمات نفطية ومصافي تكرير على ظروف العمل غير المرضية التي لم تتغير منذ 8 سنوات.
وطالبوا بزيادة رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية وتخفيض الضرائب وتحسين برامج التأمين الصحي، إضافة إلى إجراء الإصلاحات الضرورية لمنشآت النفط والغاز المتهالكة.
وفي رد على مطالب العمال، ذكرت إدارة الرئيس إبراهيم رئيسي أن القسم 10 "يسمح" للحكومة بتنفيذ أحكامه، ولا "تفوض" الحكومة القيام بذلك.
وبعد إلقاء القبض عليهم في طهران، تحدثت الأنباء عن إجبار موظفي شركة ساوث بارس على توقيع تعهدات كتبت مسبقا لعدم مواصلة احتجاجهم.
استخدام القوة ضد المتظاهرين
ويواجه موظفو القطاعات الأخرى أيضا مصاعب اقتصادية مع تعثر الاقتصاد الإيراني في وضع يحمّل الكثيرون مسؤوليته للنظام، مشيرين إلى سعيه لتنفيذ أجندة إقليمية توسعية على حساب الشعب الإيراني.
وطوال أشهر، دأب المتقاعدون الحكوميون والعمال من مختلف القطاعات على التظاهر في مختلف أنحاء البلاد من أجل المطالبة بظروف عمل ومزايا أفضل ورواتب أعلى لمواجهة التضخم.
ولكن بدلا من الاستماع إلى مطالب العمال المحتجين ومحاولة تحسين أوضاعهم، اعتمد النظام الإيراني القوة ضدهم وأرسل أجهزته الأمنية لقمع التظاهرات.
وتعرض المعلمون وعمال المصانع والبيئيون الذين طالبوا بإحداث تغييرات إيجابية في إيران للترهيب والاعتقال والضرب على أيدي قوات شرطة مكافحة الشغب وعناصر في زي مدني وعناصر من الحرس الثوري الإيراني يرتدون زيهم الرسمي.
وفي قطاع النفط، قال بعض الموظفين إنهم لا يتلقون رواتبهم في الوقت المحدد ويواجهون ارتفاعا في ضريبة الدخل. واحتجت مجموعة منهم أمام مصفاة المنتجات النفطية في عبادان في 13 آب/أغسطس.
وطالبوا إدارة رئيسي بأن تهتم أكثر بظروفهم المعيشية وأن تحدد من ينهبون قطاع النفط والغاز وتلاحقهم، إضافة إلى إلغاء سقوف المكافآت من معاشات المتقاعدين.
وطالبوا أيضا بإصلاح المنشآت المتهالكة ووضع حد للتعيينات السياسية في قطاع النفط.
نهب الثروة العامة
وفي عهد رئيسي، أصبحت التعيينات السياسية الوضع الطبيعي الجديد في الوزارات الإيرانية، حيث يتولى بشكل متزايد المسؤولون السابقون في الحرس الثوري الإيراني أو أعضاؤه الحاليون المناصب العليا بصرف النظر عن خبرتهم.
وإن غالبية شركات خدمات النفط المتعاقدة والمقاولة من الباطن تابعة للحرس الثوري الإيراني، علما أن ارتباطات هذا الأخير بوزارة النفط تضمن عقودا مربحة تؤخذ تكلفتها من الخزينة العامة أي بتمويل من دافعي الضرائب الإيرانيين.
وبالمثل، يتم تسليم معظم عقود وزارة النفط مع القطاع الخاص إلى الشركات المملوكة من الحرس الثوري أو التابعة له والتي تجني الفوائد وتغسل الأموال وتتهرب من العقوبات في ظل مواجهة الشعب لضغوط اقتصادية هائلة.
وقال مهندس بتروكيماويات مقيم في إيران والمدير المالي لشركة نفط خاصة للمشارق، إن شركته خسرت خلال السنوات الثلاث الماضية مناقصات لصالح الشركات التابعة للحرس الثوري في الأهواز وعسلوية.
وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه "ما لم تكن عضوا سابقا أو حاليا في الحرس الثوري أو لديك صلات وثيقة بالحرس، فمن المرجح أنك لن تفوز بعقود نفط في هذه البلاد".
من جهة أخرى، استمر النظام الإيراني في المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تهريب ونقل النفط غير المشروعة وأعمال القرصنة وعمليات غسيل الأموال، مستخدما في غالبية الأحيان شركات واجهة للتهرب من العقوبات.
كذلك، انخرط في أعمال شحن خادعة وواصل تهديد سفن النفط التي تعبر في مضيق هرمز بأعمال قرصنة.
وفي آيار/مايو الماضي، فرضت عقوبات أميركية على شبكة دولية لتهريب النفط وغسيل الأموال يقودها مسؤولون من فيلق القدس التابع للحرس الثوري.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن الشبكة التي تدعمها الحكومة الروسية ومنظمات اقتصادية تديرها الدولة قد سهلت بيع نفط إيراني بمئات الملايين من الدولارات لحساب فيلق القدس التابع للحرس الثوري وحزب الله اللبناني.
وتابعت الخزانة في بيان أن الشبكة "لعبت دورا محوريا في توليد الإيرادات من النفط الإيراني وفي دعم الفصائل المسلحة الوكيلة التي تستمر في نشر الصراع والمعاناة في جميع أنحاء المنطقة".