أمن

تزويد إيران الحوثيين بالألغام القاتلة يزعزع استقرار اليمن والمنطقة

نبيل عبد الله التميمي

عنصر من القوات الموالية للحكومة اليمنية يمشط منطقة بحثا عن ألغام أرضية في قرية حيس قرب منطقة الصراع بمحافظة الحديدة، في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. [خالد زياد/وكالة الصحافة الفرنسية]

عنصر من القوات الموالية للحكومة اليمنية يمشط منطقة بحثا عن ألغام أرضية في قرية حيس قرب منطقة الصراع بمحافظة الحديدة، في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. [خالد زياد/وكالة الصحافة الفرنسية]

عدن - قال مسؤولون يمنيون إن إيران تواصل تزويد الحوثيين بالألغام المضادة للأفراد المحظورة دوليا، في انتهاك للاتفاقيات الدولية وتجاهل للضرر الجسيم الذي تسببه للسكان المدنيين.

وأكدوا أنه بالإضافة إلى إمداد الحوثيين بهذه الألغام، تساعد إيران وكلاءها على تصنيع الألغام في اليمن، في خطوة تزعزع عمدا استقرار البلاد وجيرانها.

ويمكن للألغام المضادة للأفراد والمصممة لتستخدم ضد البشر، أن تقتل أو تشوه المدنيين الذين يتعثرون بها في حياتهم اليومية.

وقال محللون إن هذه الأسلحة تقتل عشوائيا دون أي تمييز، وغالبا ما يكون ضحاياها من النساء والأطفال كما المقاتلين على جبهات القتال.

ألغام أرضية يقال إن الحوثيين زرعوها بعد تفكيكها وتكديسها في مؤخرة شاحنة، فيما يقوم أخصائي موال للحكومة بتمشيط منطقة في ضواحي بيحان بمحافظة شبوة اليمنية في 19 كانون الثاني/يناير. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

ألغام أرضية يقال إن الحوثيين زرعوها بعد تفكيكها وتكديسها في مؤخرة شاحنة، فيما يقوم أخصائي موال للحكومة بتمشيط منطقة في ضواحي بيحان بمحافظة شبوة اليمنية في 19 كانون الثاني/يناير. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

وقال العميد أمين العقيلي مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في اليمن، إن الحوثيين لم يكتفوا بزرع الألغام والعبوات الناسفة المصنعة محليا إنما واصلوا "استقدام أنواع أخرى من إيران عبر التهريب".

وأضاف في بيان صدر يوم 22 آب/أغسطس، أن "استمرار تدفق وصناعة الألغام يشير إلى نوايا الحوثيين في استغلال الهدنة بزراعة الكثير من الألغام بشكل ممنهج ومنظم".

وتم التوصل إلى الهدنة بوساطة الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ منذ 2 نيسان/أبريل الماضي ومن المقرر أن تمتد حتى تشرين الأول/أكتوبر، بعد التزام الجانبين بالمشاركة في مفاوضات والتوصل إلى اتفاق موسع لوقف إطلاق النار.

وفي وقت أحيت فيه الأمل بإمكانية تحقيق وقف إطلاق نار دائم، أسدلت انتهاكات الحوثيين المتواصلة الستارة على هذا الرجاء.

ضحايا مدنيون

وطالب العقيلي الحوثيين بالتوقف عن زرع الألغام وتسليم خرائط عن الألغام التي سبق وزرعوها في اليمن، مشيرا إلى أن الكارثة ستمتد لعشرات السنوات إذا لم يتم تسيلم هذه الخرائط.

وتابع العقيلي أن المشروع السعودي لإزالة الألغام (مسام) الذي يموله مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، يبذل جهودا "جبارة" لإنقاذ الشعب اليمني من إصابات الألغام الأرضية.

وأعلن مشروع مسام مؤخرا أنه في الأسبوع الأول من شهر أيلول/سبتمبر وحده، فكك فريق عمله 734 لغما زرعها الحوثيون في مناطق يمنية متفرقة.

وبحسب مشروع رصد الأثر المدني في الأمم المتحدة، تسببت الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون بوقوع نحو 9 آلاف ضحية في صفوف المدنيين في أعقاب الانقلاب الذي نفذته الجماعة المدعومة من إيران في أيلول/سبتمبر 2014.

وفي حديثه للمشارق، قال وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي إن استخدام الألغام المضادة للأفراد هو جريمة بموجب معاهدات دولية مختلفة.

وتشمل هذه المعاهدات اتفاقية كيوتو لحظر الألغام لعام 1997 والمعروفة بمعاهدة أوتاوا، واليمن من الموقعين عليها.

وأوضح المجيدي أن الألغام التي تستهدف الأفراد والتي زرعها الحوثيون "تصنع محليا بمساعدة خبراء الحرس الثوري الإيراني في اليمن أو هي من صناعة إيرانية".

وأردف أن إيران دربت الحوثيين على صناعة الألغام كما زودتهم بألغام إيرانية الصنع.

وشدد على أن "إيران مشاركة بشكل مباشر في الدمار الحاصل في اليمن والمنطقة".

وكشف المجيدي أنه بالإضافة إلى الألغام المضادة للأفراد، زودت إيران الحوثيين "بالألغام البحرية التي تستهدف الملاحة الدولية".

ومن جانبه، قال رئيس المركز الأميركي للعدالة المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان إن "إيران قدمت للحوثيين خبراء من الحرس الثوري الإيراني ساهموا بشكل كبير في تدريب عناصرها على صناعة الألغام، وهناك أيضا ألغام صنعت في إيران موجودة لدى الحوثي".

وأكد للمشارق أن "الألغام إيرانية الصنع وجدت في المناطق التي زرعتها الميليشيات ووجدتها الجهات العاملة في عملية نزع الألغام".

وأشار إلى أن تهريب الألغام من إيران إلى اليمن يعد خرقا للاتفاقية الدولية التي تحظر زرع الألغام المضادة للأفراد.

ووصف هذه الألغام بأنها "قاتل أعمى لا يميز بين طفل وامرأة ومدني وعسكري، وبذلك تشكل خطورة على المجتمعات التي زرعت فيها".

وأضاف أن "أغلب ضحايا تلك الألغام في اليمن هم المدنيون".

تهريب الأسلحة

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق إن إيران تسعى لزعزعة أمن واستقرار اليمن والدول المجاورة لها، من خلال الاستمرار بدعم وكلائها وبينهم الحوثيين بالسلاح والتدريب والخبرات.

وأشار إلى أن القوات اليمنية أحبطت مؤخرا تهريب أسلحة ومتفجرات من قبل الحوثيين والحرس الثوري عبر موانئ محافظة الحديدة في مناسبات عدة.

هذا وأعلنت القوات المشتركة على ساحل البحر الأحمر اليمني في منتصف آب/أغسطس، أنها فككت خلية تهريب بحرية تابعة للحوثيين المدعومين من إيران بعد تفكيك خليتين مماثلتين قبل أيام فقط.

واعترف أعضاء الخلية بأنه تم تجنيدهم من قبل الحوثيين لتهريب مواد متفجرة من جيبوتي إلى مينائي الصليف ورأس عيسى في محافظة الحديدة.

وأقروا أيضا بتورطهم في نقل شحنتين من الأسمدة المصنوعة من اليوريا والتي تستخدم على نطاق واسع في تصنيع المتفجرات، قبل أن تعترضهم قوات خفر السواحل قبالة الخوخة جنوب الحديدة.

وكانت القوات الموالية للحكومة قد أعلنت في وقت سابق أنها فككت في آب/أغسطس 7 خلايا للحوثيين تعمل على طول الساحل اليمني على البحر الأحمر، وتضم 35 عضوا. وكانت الخلايا تتجسس وتهرب الأسلحة لصالح الحرس الثوري.

استهداف الاستقرار

وذكر أحمد أن إيران أرسلت خبراء من الحرس الثوري إلى اليمن لتدريب الحوثيين على تجميع الأسلحة التي تهرب على شكل قطع، إلى جانب صناعة الألغام البدائية التي تأخذ أشكالا متعددة وتتماهى مع الطبيعة الجغرافية المحلية.

وأكد أن شبكات التهريب العاملة لتوصيل السلاح والمتفجرات والمخدرات من إيران إلى الحوثيين في اليمن، تتحرك في معظم دول المنطقة.

واعتبر أن هذا الأمر "يعد نوعا غير مباشر من استهداف إيران لاستقرار دول المنطقة بما فيها اليمن".

ومن جهته، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد إن إيران أقرت العام الماضي بمشاركتها في الحرب اليمنية من خلال تقديم الدعم العسكري للحوثيين.

فبحسب الجنرال رستم قاسمي، مساعد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، إن كل ما يمتلكه الحوثيون من أسلحة ناتج عن مساعدات قدمتها طهران، لا سيما في تكنولوجيا صناعة السلاح.

وتجري عملية التصنيع في اليمن، وتشمل بشكل خاص الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

وقال محمد إن قاسمي أقر بوجود خبراء إيرانيين في اليمن، مدعيا أنهم يلعبون دورا استشاريا.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500