قال مراقبون إنه في الوقت الذي تكثف الصين فيه صادراتها من الطائرات المسيؤة لعملاء في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، فهي لا تفعل شيئا لمنع وصول الطائرات المسيرة الصينية الأخرى إلى الميليشيات التي تدعمها إيران في المنطقة.
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إن الطائرات المسيرة التي أطلقها وكلاء إيران في السنوات الأخيرة تورد من الصين.
وذكرت في 4 آب/أغسطس لأعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، أن "تلك الطائرات المسيرة التي يستخدمها وكلاء إيران صينية الصنع. ومع أنها لا تورد من قبل الدولة نفسها، إلا أن الدولة لا تحاول الحد من تدفقها".
وحثت دول الخليج على محاسبة بيجين لأن "الصين تتنصل من مسؤوليتها في المشاركة بالقتل بشكل ما".
وكانت الميليشيات التي تدعمها إيران قد تبنت المسؤولية عن عدة هجمات قاتلة بالطائرات المسيرة على مجموعة منوعة من الأهداف، بما فيها منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وناقلة نفط مملوكة لإسرائيلي قبالة ساحل عمان و قواعد تضم قوات أميركية في العراق.
'شريك في الإرهاب والفوضى'
بدوره، قال المحلل العسكري العراقي ربيع الجواري إن "الصين شريك في الإرهاب والفوضى التي يثيرها الحرس الثوري الإيراني وأتباعه في الشرق الأوسط".
وأضاف أن الصين تتعامل مع بلدان عديدة في المنطقة الغنية بالنفط لجني الثمار الاقتصادية وتقوية اقتصادها أكثر فأكثر.
وتابع "يقوم الصينيون بإمداد حلفائهم الإيرانيين بالمسيرات، ويتعاقدون في الوقت نفسه على بيعها لدول الخليج (...) لأنهم يسعون للحصول على مكاسب مالية فيما يستمرون في سعيهم للهيمنة على منابع النفط والغاز الطبيعي العالمية".
وشدد الجواري على أن سلوك الصين "يهدد الأمن الإقليمي ويدفع إلى سباق تسلح بين دول المنطقة قد يشعل فتيل صراعات وحروب".
وأردف "ما تريده بيجين بالنهاية هو فرض نفوذها هناك عبر تأليب كل طرف على آخر إما بالقوة المميتة أو الناعمة".
ونوه إلى أن الصين وإيران لهما الأهداف نفسها، "فإيران تعتبر اليوم عضوا في التحالف المناوئ للغرب الذي تتزعمه الصين وروسيا، وتريد أيضا توسيع نفوذها عبر محاولة إضعاف جيرانها".
البلاد العربية تتوجه للصين للحصول على السلاح
هذا، وتعد السعودية والإمارات من بين أكبر ثلاثة بلدان في العالم تنفذ فيها مشاريع إنشاء صينية في إطار مبادرة الحزام والطريق، التي تعرف أيضا باسم حزام واحد، طريق واحد.
وفي آذار/مارس الماضي، وقع مسؤولون من شركتين سعودية وصينية اتفاقا لبناء مصنع للطائرات المسيرة في المملكة.
والشركتان هما الشركة السعودية لأنظمة الاتصالات والإلكترونيات المتقدمة (ACES) ومجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية (CETC)، وهي تكتل دفاعي صيني مملوك من الدولة.
وكانت الرياض قد بدأت في شراء مسيرات صينية بدءا من عام 2014 حين اشترت طائرات مسيرة صينية من نوع Wing Loong II وCH-4، وهي سلسلة طائرات دون طيار تمثل نسخا مقلدة من المسيرة الأميركية طراز MQ-9 Reaper.
وتستطيع هذه المجموعة من المسيرات تنفيذ مهام المراقبة والاستطلاع ولديها القدرة على حمل صاروخين جو-أرض.
وبين عامي 2016 و2020، زادت الصين من مبيعاتها من الأسلحة إلى السعودية والإمارات بنسبة 386% و169% على التوالي مقارنة بفترة الأربع سنوات المنتهية في العام 2015، حسبما أوردت مجلة ديفنيس نيوز في نيسان/أبريل، علما أنه تاريخيا، لم تكن الصين موردا رئيسا للأسلحة لمنطقة الشرق الأوسط.
وقالت التقارير إن الإمارات اشترت هي الأخرى عددا من الطائرات المسيرة من إنتاج الصين من طراز Wing Loong، كما اشترى كل من العراق والأردن والجزائر طائرات بلا طيار صينية من نوع CH-4B.
وأضافت ليف أن "الصينيين تغلغلوا بالفعل في المنطقة بسبب احتكارهم الفعلي لتكنولوجيا الطائرات المسيرة، وقاموا بنشرها في جميع أنحاء المنطقة بصورة فوضوية".
وتابعت أنه على الرغم من النفوذ الاستراتيجي الصيني المتزايد في الشرق الأوسط، تحتفظ واشنطن بدورها الريادي بسبب شراكاتها الدفاعية التي لا مثيل لها مع حلفائها في المنطقة.
وفي تموز/يوليو، شدد الرئيس الأميركي جو بايدن في كلمة له أمام مجلس التعاون الخليجي بالسعودية على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج.
وقال "لن نتخلى عن الشرق الأوسط، ولن نترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران".
قلق حيال الاعتماد على الصين
هذا وتشعر البلدان العربية بالقلق من تنامي التهديدات الإيرانية، خاصة في ضوء الهجمات المتكررة بواسطة الطائرات المسيرة والصواريخ التي شنتها الجماعات التي تدعمها إيران.
وإزاء ذلك، سعت تلك البلدان لتنويع مصادر التسليح والطائرات المسيرة عبر الاتجاه نحو الصين مع الاحتفاظ بالروابط القوية مع الولايات المتحدة.
لكن المحللين يحذرون من أن الاعتماد على الصين ليس فكرة جيدة، إذ أن الصين، ونظرا لأنها حليف استراتيجي لإيران، تدعم بصورة غير مباشرة الحرس الثوري الإيراني وتبيع أجزاء المسيرات ومحركاتها للحرس الثوري وتساعد طهران في تطوير ترسانتها من الطائرات المسيرة.
ويقوم الحرس الثوري الإيراني بتجميع هذه المسيرات، ويشحنها بعد ذلك إلى أذرعه في العراق وسوريا ولبنان واليمن كأداة للتحريض على الصراع والإرهاب في المنطقة، بحسب المحللين.
وتساعد بيجين كذلك في تحسين أنظمة توجيه الطائرات الإيرانية بدون طيار من خلال الملاحة بالأقمار الصناعية وخطوط الاتصالات.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أوردت وسائل إعلام إيرانية أن شركة الصناعات الإلكترونية الإيرانية، وهي شركة مملوكة للدولة تابعة لوزارة الدفاع، وقّعت عقدا مع الصين لشراء تكنولوجيا نظام بايدو-2 وإطلاق نظام ملاحة بالأقمار الصناعية لأغراض عسكرية.
ومنذ ذلك الحين، تقوم إيران بتوسيع شراكتها مع الصين على نحو متزايد .
ففي العام الماضي، وقع البلدان "اتفاقية تعاون استراتيجي" سرية لمدة 25 عاما.
وتعد هذه الاتفاقية، التي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار أميركي وما تزال تفاصيلها غامضة حتى الآن، جزءا من خطة صينية ضخمة لتمويل مشروعات البنية التحتية وزيادة تأثير الصين على مستوى العالم.
وقام مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني بانتقاد طهران بشدة على "بيع إيران" لبيجين.