واشنطن - قال مسؤولون إن فشل مخطط إيران لاغتيال 2 من المسؤولين الحكوميين الأميركيين السابقين، يؤكد عدم كفاءة الحرس الثوري الإيراني ودور طهران كـ"حكومة معادية".
وأعلنت وزارة العدل الأميركية يوم الأربعاء، 10 آب/أغسطس، أنها أحبطت مخططا لعنصر في الحرس الثوري لقتل مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون.
وقالت وزارة العدل إنها وجهت اتهامات إلى شهرام بورصافي، 45 عاما والمعروف أيضا باسم مهدي رضائي، على خلفية مزاعم بشأن عرضه دفع 300 ألف دولار لشخص في الولايات المتحدة لقتل بولتون.
ولكن لم يصل المخطط الذي بدأ وضعه في تشرين الأول/أكتوبر الماضي واستمر حتى نيسان/أبريل، إلى خواتيمه لأن القاتل المفترض الذي كان يتواصل معه بورصافي كان في الواقع مخبرا لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.
وتظهر وثائق المحكمة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ترك المخطط يستمر لأشهر عدة من أجل جمع المعلومات حول بورصافي ومخططات إيران الأوسع.
وشملت هذه المخططات مخططا آخر لقتل مسؤول أميركي سابق أرفع مقابل دفعة بقيمة مليون دولار. ولم يحدد مكتب التحقيقات الفيدرالي هوية هذا المسؤول، إلا أن الأنباء نقلت أنه وزير الخارجية السابق ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق مايك بومبيو.
ووجهت إلى بورصافي الذي يعتقد أنه موجود في إيران، تهمتان تتعلقان بالتخطيط لجريمة قتل.
واتهم باستخدام مرافق تجارية بين الولايات لارتكاب جريمة قتل مأجورة وتصل عقوبة هذه التهمة إلى 10 سنوات في السجن، كما اتهم بتقديم ومحاولة تقديم دعم مادي لمخطط قتل عابر للحدود وعقوبة هذه التهمة هي سجن لمدة 15 عاما.
وما فاقم الموقف المحرج للحرس الثوري الإيراني، كان عدم كفاءة "كبير الجواسيس" المزعوم هذا.
وفي سياق تنفيذ مخطط الاغتيال، كشف بورصافي عن هويته الحقيقية كما كشف عن معلوماته الشخصية وأوراقه الثبوتية.
وذكرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن رقم هويته الوطنية الإيرانية هو 1930098431 وأن عنوان بريده الإلكتروني هو [email protected]. وأشارت إلى أن رقم هاتفه هو 989125666366+ وحسابه على تويتر هو shahrampoursafi
وقال العديد من مراقبي الأمن إن مثل هذا المجاهرة عمل غير مسبوق لشخصية استخباراتية بارزة.
علاقات بفيلق القدس التابع للحرس الثوري
وطبقا لوثائق المحكمة، طلب بورصافي في تشرين الأول/أكتوبر من مواطن أميركي التقى به عبر الإنترنت ("الشخص أ") تصوير بولتون، مدعيا أن الصور كانت لكتاب يعمل على تأليفه.
وأحال الشخص أ بورصافي إلى زميل له، تشير إليه وثائق المحكمة على أنه مصدر بشري سري.
وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر، اتصل بورصافي بالمصدر البشري السري عبر تطبيق مراسلة مشفر ووجهه إلى تطبيق مشفر ثان لمتابعة الاتصالات بينهما.
وعرض بورصافي على المصدر السري مبلغ 250 ألف دولار لتوظيف شخص ما لـ"تصفية" بولتون. وتم لاحقا التفاوض على هذا المبلغ حتى وصل إلى 300 ألف دولار. وأعلمه بورصافي أن لديه "مهمة" إضافية له سيدفع مقابلها مليون دولار.
وطلب بورصافي من المصدر السري فتح حساب بالعملة الرقمية لكنه اشترط على المصدر أن ينفذ جريمة القتل قبل تلقي المال.
وأوضح كذلك أنه إذا تلقى المصدر السري أجره ولم ينفذ عملية القتل، فإن "جماعته" ستغضب.
وكشف بحث لاحق في أحد حسابات بورصافي على الإنترنت عن صور له وهو يرتدي زيا رسميا عليه شارة الحرس الثوري. وخلال اتصالاتهما، أشار المصدر السري عدة مرات إلى ارتباط بورصافي بفيلق القدس التابع للحرس الثوري.
الهرم القيادي
وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر، قال بورصافي للمصدر السري إن كيفية تنفيذ عملية القتل غير مهمة لكن "جماعته" تريد تأكيد الوفاة عبر شريط فيديو.
وسأل المصدر السري بورصافي عما سيحدث إذا اتهمت إيران بعملية القتل. فأجابه بورصافي أن عليه ألا يقلق وأن "جماعته" ستهتم بالأمر.
وفي 22 كانون الأول/ديسمبر، أرسل بورصافي صورة فوتوغرافية لكيسين بلاستيكيين، يبدو أن كلا منهما يحتوي على رزمات من العملة الأميركية وتحتهما ملاحظة بخط اليد كتب عليها "[اسم المصدر السري] 22.12.2021".
وفي 29 كانون الأول/ديسمبر، سأل بورصافي المصدر السري عن موعد تنفيذ جريمة القتل وأبلغه أن "جماعته" تريد تنفيذها بسرعة.
وفي 3 كانون الثاني/يناير، أشار بورصافي إلى أنه يتعرض لضغوط من "رؤسائه" لإتمام جريمة القتل، قائلا إن عليه الإبلاغ عن أي تأخير في تنفيذها. وسأل المصدر السري بورصافي عن عدد الأفراد المتورطين في العملية.
وقال بورصافي إنه يرفع تقاريره إلى شخص واحد فقط، لكن هناك هرمية قيادية على رئيسه العودة إليها. وأعرب عن أسفه لأن جريمة القتل لن تتم بحلول ذكرى وفاة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. وأعرب أيضا عن قلقه من أنه إذا لم تتم عملية الاغتيال قريبا، فإن طهران ستسحب توكيل المهمة منه ومن المصدر السري.
وفي 21 كانون الثاني/يناير، قال بورصافي للمصدر السري إنه بعد الانتهاء بنجاح من "المهمة" الأولى، لديه "مهمة" ثانية له وأبلغه أن مراقبة الهدف الثاني قد اكتملت.
واستمرت الاتصالات عدة أشهر أخرى، وفي نهاية المطاف رفض المصدر السري المضي قدما بالمهمة دون تلقيه أجره مسبقا.
في 28 نيسان/أبريل، وافق بورصافي على إرسال 100 دولار من العملة الرقمية إلى المحفظة الافتراضية للمصدر السري لإثبات إمكانية إتمام عملية الدفع. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، وصلت إلى محفظة العملة الرقمية دفعتين قيمتهما الإجمالية 100 دولار.
’عواقب وخيمة‘
وحقق المكتب الميداني لمكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن في القضية، وتم الكشف عنها يوم الأربعاء.
وقال المدعي العام الأميركي لمنطقة كولومبيا ماثيو م. غريفز إن "الحرس الثوري الإيراني حاول من خلال المتهم تدبير مخطط وقح".
وأضاف "على إيران والحكومات المعادية الأخرى أن تفهم أن مكتب المدعي العام الأميركي وشركاءنا في إنفاذ القانون سيفعلون كل ما في وسعهم لإحباط مخططاتهم العنيفة وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة".
وفي هذا السياق، قال مساعد المدعي العام ماثيو جي. أولسن، إن "وزارة العدل لديها واجب جليل للدفاع عن مواطنينا من الحكومات المعادية التي تسعى لإيذائهم أو قتلهم".
وتابع "هذه ليست المرة الأولى التي نكشف فيها عن مخططات إيرانية للانتقام من أشخاص على الأراضي الأميركية، وسنعمل بلا كلل لفضح وتعطيل كل جهد من هذه الجهود".
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان "إذا هاجمت إيران أيا من مواطنينا و من بينهم من يواصلون خدمة الولايات المتحدة أو أولئك الذين خدموها سابقا، فستواجه عواقب وخيمة".
وذكرت المساعدة التنفيذية لفرع الأمن القومي بمكتب التحقيقات الفيدرالي لاريسا ل. ناب، "يجب ألا يكون هناك شك: يبقى مكتب التحقيقات الفيدرالي والحكومة الأميركية وشركاؤنا متيقظين في مكافحة مثل هذه التهديدات أكان هنا في الولايات المتحدة أو خارجها".
وفي بيان صدر يوم الأربعاء، انتقد بولتون الحكومة الإيرانية ووصفها بأنها "كاذبة وإرهابية وعدوة للولايات المتحدة".
وقال في مقابلة يوم الخميس مع شبكة سي إن إن، إن المخطط المزعوم يكشف نهج إيران في السياسة الخارجية.
وأضاف "ما يهم فهمه هو حجم عملية التخطيط لقتلي وإلى أي مدى فكرت الحكومة الإيرانية في ذلك وانخرطت فيه".
وأعاد المخطط الأخير إلى الذاكرة مخطط إيران الفاشل والمحرج لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في واشنطن عام 2011 بتفجير شاحنة مفخخة في مطعم شعبي.