قالت جماعتان حقوقيتان يوم الأربعاء، 27 تموز/يوليو، إن إيران تنفذ عمليات إعدام توافق عليها الدولة بوتيرة "مرعبة" وعلى نطاق واسع، ما يشكل "اعتداء مقيتا" على الحق في الحياة.
ففي بيان مشترك، قالت منظمة العفو الدولية ومركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان في إيران، إنها تأكدت من حدوث 251 عملية شنق هذا العام حتى نهاية شهر حزيران/يونيو، مع أن العدد الفعلي قد يكون أعلى من ذلك.
وأضافت الجماعتان أنه "إذا استمرت عمليات الإعدام بهذه الوتيرة المرعبة، فإنها ستتجاوز سريعا مجموع عمليات الإعدام التي سُجلت عام 2021 وبلغت 314 عملية".
وذكرتا أن 146 سجينا أعدموا العام 2022 بعد إدانتهم بجريمة القتل، "وسط نمط موثق جيدا من عمليات الإعدام التي يتم تنفيذها على نحو ممنهج في أعقاب محاكمات بالغة الجور".
لكن 86 شخصا آخر على الأقل أعدموا على خلفية جرائم متعلقة بالمخدرات، علما أن عمليات الإعدام بسبب جرائم كهذه انخفضت بصورة حادة خلال السنوات الأخيرة وحتى عام 2022، وذلك عقب تعديلات في التشريعات المحلية.
وقالت نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، ديانا الطحاوي، إنه "في الأشهر الستة الأولى من عام 2022، أعدمت السلطات الإيرانية ما معدله شخصا واحدا يوميا على الأقل. وتنفذ أجهزة الدولة عمليات قتل واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد في اعتداء مقيت على الحق في الحياة".
وجاء في التقرير أن المسؤولين نفذوا بصورة منتظمة عمليات إعدام جماعية في السجون في جميع أنحاء إيران، مع إعدام 12 سجينا في الوقت نفسه.
وأكدت المنظمتان تقريرا أعدته المنظمة الإيرانية لحقوق الإنسان التي يقع مقرها في النرويج، ومفاده أن إيران نفذت أيضا يوم السبت الماضي أولى عمليات الإعدام العلنية في عامين.
وقال البيان أيضا إن التعليقات التي يدلي بها المسؤولون الإيرانيون ويعترفون فيها بمشكلة اكتظاظ السجون، أثارت مخاوف من "أن تكون الزيادة في عمليات الإعدام تتعلق بالجهود الرسمية لخفض عدد السجناء".
وأعربت المنظمتان أيضا عن قلقهما من أن أكثر من ربع السجناء الذين أعدموا حتى الآن هذا العام، كانوا من أبناء أقلية البلوش العرقية في إيران التي تشكل 5 في المائة فقط من سكان البلاد.
وقالت رويا بوروماند مديرة مركز بوروماند لحقوق الإنسان في بيان، إن "الاستخدام غير المتناسب لعقوبة الإعدام ضد أبناء أقلية البلوش في إيران، يجسد التمييز والقمع الراسخين اللذين تتعرض لهما تلك الأقلية منذ عقود".
وأضاف البيان المشترك أن الزيادة في عمليات الإعدام تزامنت أيضا مع وصول رئيس مجلس القضاء السابق إبراهيم رئيسي إلى منصب الرئيس، وتعيين وزير الاستخبارات السابق غلام حسين محسني-إيجي كرئيس مجلس القضاء.
وقال نشطاء إن إيران تشن حملة قمع كبيرة مع استمرار الاحتجاجات بشأن الأحوال المعيشية وسط أزمة اقتصادية حادة.
تزايد القمع والاعتقالات
فمنذ كانون الثاني/يناير الماضي، اعتقل عدد كبير من النشطاء العماليين والمعلمين والمفكرين والمخرجين السينمائيين، بينهم المخرج محمد رسولوف الذي فاز فيلمه "لا يوجد شر" بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي 2020، وينتقد الفيلم بشدة عقوبة الإعدام متناولا خطورة آثار استخدامها في إيران.
واعتقل روسولوف في 9 تموز/يوليو الجاري.
ومع ارتفاع درجات الحرارة،نشر النظام أيضا عددا كبيرا من القوات وغالبيتها من النساء، من أجل ملاحقة النساء العاديات اللواتي يرفضن تغطية أجسادهن تغطية كاملة.
وتحاول القوات إلقاء القبض على من "لم يغطين أنفسهن بالكامل وفقا لما ينص عليه القانون"، إلا أن العديد من أولئك النساء يقاومن الاعتقالات.
وتزداد الاشتباكات في الشوارع وفي وسائل النقل العام بين قوات النظام والمواطنين الذين يرفضون اعتماد اللباس المفروض بشكل كامل.
ويوم 15 حزيران/يونيو، أعربت مجموعة من الخبراء الحقوقيين المستقلين التابعين للأمم المتحدة عن قلقهم جراء "القمع العنيف" ضد المعلمين والمجتمع المدني الأوسع في إيران، مطالبين بمحاسبة المسؤولين.
وهؤلاء الخبراء الـ 11 معينون من قبل الأمم المتحدة لكنهم لا يتحدثون نيابة عنها، بينهم جاويد رحمن، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران.
وقال الخبراء إن أكثر من 80 معلما محتجا اعتقلوا أو استدعوا من قبل السلطات في الجمهورية الإسلامية في الأشهر الماضية.
وذكر الخبراء في بيان أصدرته الأمم المتحدة "نشعر بالقلق من التصعيد الأخير في الاعتقالات التعسفية للمعلمين والمدافعين عن حقوق العمال ورؤساء النقابات والمحاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وغيرهم من الفاعلين في المجتمع المدني".
ويوم الجمعة الماضي، أفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان أن 45 إيرانيا على الأقل أعدموا في فترة الـ 31 يوما التي انتهت يوم الجمعة الماضي، كما صدر حكم بالإعدام ضد أحد السجناء السياسيين.
وقال التقرير إن "معظم عمليات الإعدام نفذت بناء على اتهامات مثل القتل والاغتصاب والسطو المسلح وجرائم المخدرات".
أكبر عدد من عمليات الإعدام المعروفة عام 2021 جرت في إيران
يذكر أن الاعتقالات وعمليات الإعدام التعسفية قد تزايدت بصورة كبيرة في عهد رئيسي.
وفي يوم 28 نيسان/أبريل، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن منظمة حقوق الإنسان في إيران ومنظمة معا ضد عقوبة الإعدام التي يقع مقرها في فرنسا قولهما إن 333 شخصا على الأقل حكم عليهم بالإعدام في إيران في عام 2021.
وقال تقريرهما إن عدد عمليات الإعدام بتهمة جرائم المخدرات، وهي 126، كانت أعلى بمقدار خمس مرات مقارنة بعام 2020.
وأوردت بي بي سي أن أحد خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حذر في تشرين الأول/أكتوبر من أن تقريبا كل عمليات الإعدام في إيران كانت "حرمانا تعسفيا من الحياة"، وحث البلاد على إنهاء عقوبة الإعدام لأنها تنتهك القانون الدولي.
وتحدثت منظمة العفو الدولية عن زيادة مثيرة للقلق في عمليات الإعدام عام 2021 في إيران، مع تراجع القيود المفروضة بسبب كوفيد-19.
وذكرت المنظمة في تقرير في أيار/مايو أنه من المعروف أن 579 عملية إعدام على الأقل نفذت في 18 بلدا عام 2021، بزيادة قدرها 20 في المائة مقارنة بعام 2020.
وأضاف التقرير أن إيران شكلت الجزء الأكبر من هذه الزيادة على مستوى العالم، حيث أنها حكمت بالإعدام على 314 شخصا على الأقل، مقارنة بـ 246 شخصا عام 2020. ومع ذلك، فإن الصين ما تزال "أكبر منفذ للإعدامات في العالم"، لكن عدد عمليات الإعدام هذه تبقى سرا من أسرار الدولة.