عدن - سلّطت محاميات وناشطات في مجال حقوق الإنسان الضوء على تاريخ مؤلم من العنف والجرائم ضد النساء في اليمن ارتكبت في الغالب من قبل الحوثيين، وذلك أثناء ندوة عقدت يوم 23 حزيران/يونيو في جينيف بسويسرا.
وأقيمت الندوة التي حملت عنوان "الجرائم والانتهاكات ضد النساء في اليمن في بيئة الإفلات من العقاب" بتنظيم من الرابطة الإنسانية للحقوق وجرت على هامش انعقاد الدورة الـ 50 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.
فخلال الفترة الممتدة بين عام 2014 و2022، اعتقل الحوثيون 1714 امرأة يمنية، وقد تعرض الكثير منهن للعنف أو الاعتداء في سجون الجماعة المدعومة من إيران.
وطالبت الندوة الحوثيين بالإفراج عن جميع النساء المعتقلات في السجون الرسمية والسرية والمحتجزات في مديريات الشرطة والبحث الجنائي وسجون الأمن السياسي بصنعاء وذمار وقلعة رداع.
وطالبت الندوة المجموعة المدعومة من إيران بالإفصاح عن أماكن تواجد النساء المعتقلات والمخفيات قسرا والإفراج عنهن فورا مع وقف كافة ممارسات العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد المرأة.
ودعا المشاركون في الندوة المجتمع الدولي أيضا للضغط على الحوثيين لإطلاق سراح النساء المعتقلات والمخفيات قسرا على الفور وبدون قيد أو شرط مع وقف كافة الانتهاكات بحق النساء.
وفي هذا السياق، وصفت نورا الجروي رئيسة تحالف نساء من أجل السلام في اليمن أشكال التعذيب الجسدي والمعنوي التي تعرض لها عدد من النساء على يد الحوثيين في السجون التابعة لهم.
وأضافت أن 504 امرأة محتجزة في السجن المركزي بصنعاء من أصل 1714 امرأة يمنية تعرضن للاعتقال على يد الحوثيين في الفترة الممتدة بين 2014 و2022. وتابعت أن 291 امرأة أخرى وقعن ضحية الإخفاء القسري، مشيرة إلى احتمال احتجازهن في سجون سرية.
وذكرت أن المحاكم الخاضعة للحوثيين أصدرت 193 حكما بحق نساء بتهم التجسس والانخراط في شبكات دعارة وشن "حرب ناعمة".
وأوضحت الجروي أن المعتقلات في سجون الجماعة تعرضن للتعذيب الجسدي والضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية والصعق الكهربائي والخنق والصفع والإهانة والاعتداء اللفظي.
وأوضحت أن هذه الأساليب اعتمدت في بعض الحالات من أجل إجبار المعتقلات على الاعتراف بتهم لم يرتكبنها.
تصعيد في الانتهاكات
وبدورها، قالت المحامية إشراق المقطري الناطقة باسم اللجنة الوطنية للتحقق من ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، "تعتبر ظاهرة اختطاف واعتقال وتقييد حرية النساء بسبب آرائهن أو مشاركتهن السياسية أو المجتمعية جديدة على المجتمع اليمني".
وأضافت في حديث للمشارق أن انتهاكات حقوق النساء "آخذة بالتصاعد التدريجي من حيث العدد وطرق الممارسة وأساليب التقييد، وصولا إلى الإخفاء والعنف الجنسي".
وذكرت "المؤسف أنها بدأت في العاصمة صنعاء بحكم موقعها والحراك النسوي الفاعل فيها، وهي تجري منذ فترة".
وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات امتدت الآن إلى الحافظات والمديريات معروفة بثقافتها القبلية القائمة على العادات والتقاليد التي تعيب المساس بكرامة النساء.
وأكدت أن اللجنة وثقت حالات اختطاف واعتقال لنساء في ريف محافظتي حجة والمحويت وفي بعض أنحاء الحديدة حيث يتم قمع الحريات بصورة دورية.
وقالت إنه في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين بمحافظة تعز، تم اقتياد عدد من النساء والفتيات لسجن الصالح. وقد حققت اللجنة في هذه الوقائع وقدمتها كنماذج في تقارير عديدة سابقة.
وشددت المقطري على ضرورة محاكمة مرتكبي "هذه الأنماط المتكررة من العنف المتمثل بتقييد حرية النساء وتعذيبهن وترهيبن"، وذلك من أجل محاسبتهم على تلك الجرائم.
وتابعت أن هذا الأمر هام على نحو خاص ذلك أن "مرتكبي هذه الحوادث معروفون وكذلك القادة الذين وجهوا بارتكابها وصمتوا عن وقوعها واستمرارها".
ومن جانبها، قالت رئيسة منظمة العمل لحقوق الإنسان واللاجئين ليلى خليل في حديث للمشارق إنه "من المخزي" أن تحصل عمليات خطف النساء في اليمن بهذه الأعداد الكبيرة.
وأضافت خليل أن "الاعتقال يعد تعسفيا لأن جماعة الحوثي التابعة لايران تسعى للتجارة بالنساء إضافة للاستغلال الجنسي الذي يحدث للمعتقلات في السجون وخارجها".
وقالت إنه من غير المستبعد أن تكون بعض المعتقلات قد تعرضن لتجارة الأعضاء.
شهادات ʼمروعةʻ
وفي هذا السياق، قالت المحامية زعفران زايد للمشارق إن شهادات بعض المعتقلات اللواتي أفرج عنهن كانت "مروعة".
وأوضحت أن "الميليشيات الحوثية تمارس انتهاكات عديدة بحق السجينات والمختطفات، أبرزها التعذيب الجسدي أثناء التحقيقات وباشراف مجموعة من المجندات الحوثيات التي يطلق عليهن الزينبيات".
وأشارت إلى أن أحد أشكال التعذيب أثناء التحقيق يتمثل بخلع ملابسه النساء لإرغامهن على التكلم.
وتابعت أن "جرائم اغتصاب المعتقلات [في سجون الحوثيين] تضمنها تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن للعام 2021 والذي قدم إلى مجلس الأمن في 25 كانون الثاني/يناير الماضي".
وشددت زايد على أهمية محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وإعلان أسمائهم.
هذا وذكرت الناشطة الحقوقية وسام باسندوه للمشارق أن اعتقال النساء هو جريمة يرتكبها الحوثيون بحق النساء ومجتمعهن.
وأضافت أن "المجتمع اليمني محافظ واعتقال المرأة عيب، ولذلك يتخلى بعض الأهالي عن سجيناتهم خوفا من العار".
ولفتت إلى أن "جماعة الحوثي تلصق بهن تهما غير أخلاقية حتى لا يطالب الأهالي بإخراجهن".