واشنطن - التزمت الولايات المتحدة بتقديم أكثر من ملياري دولار كمساعدات جديدة عاجلة للأمن الغذائي على المدى القصير والطويل للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي.
وتعهدت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور يوم الاثنين، 18 تموز/يوليو، بتقديم مبلغ 1.18 مليار دولار للمساعدة على الحؤول دون وقوع مجاعة في القرن الإفريقي، وحثت الدول الأخرى بينها الصين على بذل المزيد من الجهود لمكافحة أزمة الغذاء التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
ودق باور ناقوس الخطر باعتبارها أن الحرب وتغير المناخ يؤديان إلى تفاقم الجوع في مختلف أنحاء العالم، وذلك مباشرة بعد عقد من التقدم الذي "محته" جائحة كوفيد-19.
وقالت في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بالعاصمة الأميركية واشنطن "نواجه اليوم كارثة أكبر، إذ لا يواجه عشرات الملايين من الناس الجوع الخطير فحسب، بل إن العديد منهم معرضون لخطر المجاعة بالمعنى الكامل للكلمة".
وأضافت أن الوضع مزر بشكل خاص في الصومال وإثيوبيا وكينيا أو ما يعرف بالقرن الإفريقي الذي يتوقع أن يشهد خامس موسم جفاف على التوالي خلال العام الجاري.
ومع إعلانها أنها ستزور القرن الإفريقي قريبا، قالت باور إن المساعدات الأميركية البالغة 1.18 مليار دولار ستشمل أغذية طارئة لا سيما حبوب الذرة الرفيعة التي تستخدم محليا والمتوفرة بسهولة أكبر من القمح، بالإضافة إلى مكمل يعتمد على الفول السوداني للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والخدمات البيطرية للماشية المعرضة للموت.
وذكرت أن ما لا يقل عن 1103 أطفال لقوا حتفهم في المنطقة، وأن نحو 7 ملايين آخرين يعانون من سوء التغذية الحاد.
وتابعت "نحتاج اليوم أن يبذل الآخرون المزيد من الجهود قبل أن تنتشر المجاعة وقبل أن يجد ملايين الأطفال أنفسهم على حافة الموت".
وارتفعت أسعار المواد الغذائية عالميا بشكل كبير بسبب اجتياح روسيا لأوكرانياالتي تعد من أهم الجهات المصدّرة للقمح، مع إغلاق السفن الحربية الروسية الموانئ وقيام كييف بزرع البحر بالألغام لمنع روسيا من شن هجوم برمائي.
وانتقدت باور السياسات الروسية "الشريرة" وألقت باللوم أيضا على الصين لفرضها قيودا تجارية على الأسمدة وقيمها بتخزين الحبوب.
وقالت إنه إذا طرحت الصين الأسمدة أو الحبوب في السوق العالمية أو منحتها لبرنامج الغذاء العالمي، فإنها "ستخفف بشكل كبير من الضغط على أسعار المواد الغذائية والأسمدة، وستظهر بقوة رغبة البلاد في أن تكون جهة رائدة عالمية وصديقة لاقتصادات العالم الأقل نموا".
شراكات استراتيجية
وجاء إعلان باور عقب تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن يوم السبت بتقديم مليار دولار كمساعدات لتعزيز الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتأتي هذه الخطوة التي أعلن عنها في قمة جدة الأولى للأمن والتنمية بحضور قادة مجلس التعاون الخليجي والشركاء الإقليميين، في إطار التزام أميركي جديد بتعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين لمواجهة التحديات الراهنة.
والتقى بايدن بقادة دول مجلس التعاون الخليجي (أي البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات)، وكذلك مصر والعراق والأردن (التي تعرف مجتمعة باسم دول مجلس التعاون الخليجي +3).
وأكدت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي +3 معا مجددا التزامها بشرق أوسط مزدهر وسلمي ومتكامل، والتزامها بالتعاون لمواجهة التحديات العالمية.
وأعلن البيت الأبيض أن "بايدن أعاد التأكيد [خلال القمة] على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لشراكاتها الاستراتيجية القائمة منذ عقود في منطقة الشرق الأوسط".
كذلك، "شدد على التزام الولايات المتحدة الدائم بأمن شركائها والدفاع عن أراضيهم، منوها بالأهمية المتزايدة لدور المنطقة كمفترق طرق للتجارة والتكنولوجيا".
5 مبادئ توجيهية
وحدد الرئيس بايدن 5 مبادئ لتوجيه المشاركة الأميركية في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، وهي الشراكة والردع والدبلوماسية والتكامل والقيم.
وقال إن الولايات المتحدة ستدعم الشراكات وتعززها مع الدول التي تلتزم بالنظام الدولي القائم على قواعد محددة، وستضمن تمكن تلك الدول من الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية.
وأشار إلى أنها لن تسمح للقوى الخارجية أو الإقليمية بتعريض حرية الملاحة عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط للخطر، بما في ذلك مضيق هرمز وباب المندب.
وجدد بايدن تأكيد التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على الحركة الحرة للتجارة عبر هذه الممرات المائية الاستراتيجية من خلال عدة فرق عمل بحرية مشتركة.
وأضاف أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع جهود أي دولة للسيطرة على دولة أخرى أو على المنطقة، من خلال تعزيزات عسكرية أو توغلات أو تهديدات.
وتعهد بايدن بأن تعمل الولايات المتحدة على خفض التوترات ووقف التصعيد وإنهاء النزاعات عبر الدبلوماسية حيثما أمكن.
وقال إنها ستبني روابط سياسية واقتصادية وأمنية بين شركاء الولايات المتحدة متى أمكن ذلك، مع احترام سيادة كل دولة وخياراتها المستقلة.
وخلص إلى أن الولايات المتحدة ستعمل دوما على تعزيز حقوق الإنسان والقيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
الالتزام بالأمن الغذائي
وأكد قادة مجلس التعاون الخليجي التزامهم بدعم الفئات السكانية الضعيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال حزمة أمن غذائي بقيمة 10 مليارات دولار أعلنت عنها مجموعة التنسيق العربية في أيار/مايو الماضي.
وقال البيت الأبيض "ستعمل الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي معا على الاستفادة من أموال المساعدات الجماعية لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة وتخطي العراقيل".
وأوضح أن ذلك سيشمل "ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى السكان المحتاجين في جميع أنحاء المنطقة".
وفي أيار/مايو، وقعت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي +3 خارطة الطريق للأمن الغذائي العالمي تحت اسم "دعوة للعمل".
وأكد القادة في قمة جدة التزامهم بالعمل على وجه السرعة وعلى نطاق واسع وبالتوافق للاستجابة للاحتياجات الملحة للأمن الغذائي والتغذية لملايين الأشخاص الذين يعيشون أوضاعا هشة.
ومن بين التزامات أخرى، التزموا بتقديم مساعدات إنسانية فورية وبناء القدرة على الصمود لمن هم في أوضاع هشة.
تعاون دفاعي متكامل
وأكد الرئيس بايدن التزام الولايات المتحدة بتسريع العمل مع حلفائها وشركائها في الشرق الأوسط لدمج التعاون الأمني وتعزيزه.
ويتمثل أحد الأهداف الرئيسة في هذا المجال بتطوير بنية دفاعية جوية وصاروخية أكثر تكاملا ضمن شبكات إقليمية وبمواجهة عمليات نشر الأنظمة الجوية بدون طيار والصواريخ من قبل جهات غير حكومية تهدد الأمن في المنطقة.
وينوي الشركاء في مجلس التعاون الخليجي استثمار 3 مليارات دولار في مشاريع تتوافق مع أهداف الشراكة الأميركية للبنية التحتية والاستثمار العالمي. وسيتم تنفيذ الشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالمي والتي تم الكشف عنها في قمة مجموعة السبع في 26 حزيران/يونيو الماضي، عبر 4 ركائز ذات أولوية.
وتشمل هذه الركائز معالجة أزمة المناخ وتعزيز أمن الطاقة العالمي وتطوير وتوسيع ونشر الشبكات والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الآمنة وتعزيز المساواة والإنصاف بين الجنسين وتطوير البنية التحتية للنظم الصحية وتحسينها والمساهمة في الأمن الصحي العالمي.