عدن -- أكد مسؤولون وخبراء في اليمن أن زيادة عدد الهجمات الإرهابية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية في الأسابيع الأخيرة تأتي نتيجة التعاون السري بين تنظيم القاعدة الإرهابي وجماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وقالوا إن تشكيل لجنة عسكرية لتوحيد قوات الأمن والجيش أقلق الحوثيين والجماعات الإرهابية، ملمحين إلى أن هذه الجماعات صعدت هجماتها ردا على ذلك.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن سبعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم يوم 29 حزيران/يونيو في انفجار سيارة مفخخة تستهدف موكب مدير أمن محافظة لحج، صالح السيد، في مدينة عدن.
ونجا السيد من محاولة الاغتيال، لكن أربعة جنود وثلاثة مدنيين على الأقل لقوا حتفهم. ولم تتبن أي جماعة المسؤولية عن الهجوم.
وكان صحافي يمني قد لقي حفته في وقت سابق من شهر حزيران/يونيو حين انفجرت قنبلة في سيارته في عدن.
كما نفذت عناصر من تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب يوم الأربعاء، 22 حزيران/يونيو، هجوما استهدف نقطة تفتيش قرب عتق بمحافظة شبوة ، أسفر عن مقتل 5 جنود يمنيين وإصابة 7 آخرين.
وفي هجوم منفصل في نفس اليوم بمحافظة أبين المجاورة، نصبت عناصر من تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب كمينا لقوات الأمن أثناء تنفيذها دورية في مديرية أحور، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود في مكان الحادث وإعدام جنديين اثنين لاحقا بعد أسرهما.
وأطلقت وحدات عسكرية من قوات مكافحة الإرهاب بمحافظة أبين بقيادة العقيد عبد الرحمن الشنيني يوم 2 تموز/يوليو عملية عسكرية واسعة ضد عناصر تنظيم القاعدة.
واستهدفت العملية عددا من الوديان في منطقة دلتا أبين، وذلك استجابة لبلاغات حول تواجد عناصر من تنظيم القاعدة في المنطقة.
وأكد الشنيني أن الحملة ستستمر حتى يستتب الأمن في المحافظة بشكل كامل.
لجنة عسكرية جديدة
وكان رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك قد ترأس اجتماعا للقيادات الأمنية في 3 تموز/يوليو، وأصدر توجيهات تتعلق برفع الجهوزية الأمنية في عدن والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وشدد على ضرورة مواجهة المخططات الإرهابية وتفعيل الجهد الاستخباراتي لإفشال أي مخططات قبل تنفيذها.
وأشار أيضا إلى ما وصفه بـ " التخادم بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية التي ستحاول بكل الوسائل والأساليب استهداف أمن عدن واستقرارها"، كما المحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي محمود الطاهر إن "وجود وحدات متباينة للأمن والجيش [في مناطق سيطرة الحكومة] يجعل الوضع مهيأ لتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية لتنفيذ عمليات إرهابية".
وأشار إلى احتمال كبير أن يكون الحوثيون يتعاونون مع التنظيمات الإرهابية لتنفيذ هذه العمليات، "خصوصا بعد إطلاقهم سجناء تابعين للقاعدة من السجون الواقعة تحت سيطرتهم".
ويوم 30 أيار/مايو، أعلن مجلس القيادة الرئاسي تشكيل لجنة عسكرية رفيعة المستوى لإعادة هيكلة قوات الجيش والشرطة، في خطوة تهدف لحفظ السلام والأمن في اليمن.
وتضم اللجنة التي يترأسها اللواء الركن هيثم قاسم طاهر 59 عضوا من القيادات الأمنية والعسكرية.
وقال المجلس في بيان إن اللجنة "ستعتمد السياسات التي من شأنها منع حدوث أي مواجهات مسلحة في جميع أنحاء الجمهورية، واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون وإنهاء الصراعات المسلحة كافة".
وأكد الطاهر أن جهود المجلس لتوحيد قوات الجيش والأمن "أثارت رعب الحوثيين والتنظيمات الإرهابية معا".
الهجمات تخدم مصالح إيران
بدوره، أكد مدير مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، عبد السلام محمد، أن التعاون الحوثي مع تنظيم القاعدة "ترعاه إيران ويخدم مصلحتها في زعزعة أمن المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية".
وقال إن إيران قد أصبحت "مركزا عالميا لتوجيه الجماعات الإرهابية لتنفيذ العمليات الإرهابية، خصوصا بعد الكشف عن دور إيران في دعم تنظيم القاعدة".
وكانت إيران قد قدمت الدعم لتنظيم القاعدة، عبر توفير الاستضافة وغير ذلك من أنواع المساعدات منذ لجوء زعماء التنظيم إليها عام 2001.
وتضمن تقرير رفعته الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن الدولي عام 2018 معلومات حول إطلاق الحوثيين لسراح 252 من قياديي القاعدة من سجونهم في العام نفسه.
ومن بين هؤلاء القياديين جمال البدوي، وهو العقل المدبر اليمني وراء الهجوم الذي شنته القاعدة عام 2000 ولستهدف المدمرة يو إس إس كول وأسفر عن مقتل 17 بحارا أميركيا. وقتل البدوي في ضربة جوية في شهر كانون الثاني/يناير 2019 في اليمن.
من جانبه، قال المحلل السياسي فيصل أحمد إن عودة العمليات الإرهابية في عدن ومحافظات محررة أخرى "يأتي ضمن التعاون الذي ترعاه إيران بين الحوثيين وتنظيم القاعدة".