تملأ المنتجات والبضائع الإيرانية رفوف المتاجر ومحلات السوبر ماركت في جميع أنحاء المنطقة، وأدى إغراق الأسواق بها إلى إخراج السلع المحلية من المنافسة وخلق صعوبات اقتصادية للذين ينتجونها.
ويصح ذلك بشكل خاص في بلدان مثل سوريا والعراق واليمن، حيث تسعى إيران لتوسيع امتدادها السياسي والاقتصادي، وفقا لخبراء اقتصاديين محليين.
وفي سوريا، حذر المحللون من أن الأعمال الجشعة لإيران ووكلائها سيكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد السوري.
استطاعت إيران إحكام قبضتها على جميع قطاعات الاقتصاد السوري من خلال مجموعة من الاتفاقيات التي وقعتها مع النظام السوري، بحسب الاقتصادي السوري والمحاضر في جامعة دمشق محمود مصطفى.
وأشار إلى أن العديد من هذه الاتفاقيات غير متوازنة لأن إيران هي المستفيد الأكبر منها. فقد تم إنشاء أسواق إيرانية في سوريا، على سبيل المثال، وسيطرت إيران بشكل كبير على قطاعي الطاقة والبنية التحتية في البلاد
وبالمثل، قال فارس النجار للمشارق إن "اليمن أصبح سوقا مفتوحة للمنتجات الإيرانية".
ولفت النجار إلى أن "هذا يشكل خطرا كبيرا على المنتجات المحلية وغيرها من المنتجات المستوردة التي تدخل البلاد عبر المنافذ الرسمية وتخضع لفحص المواصفات والمقاييس".
وأشار إلى أن تدفق الفواكه مثل التفاح والكيوي وبعض أنواع البسكويت والكعك من إيران أدى إلى انخفاض الطلب على المنتجات والسلع المحلية.
وهذا الأمر "يؤدي إلى خسائر للمنتجين وانخفاض في الإنتاج، ما يسفر بدوره عن تسريح بعض العمال الذين يعيلون أسرهم ويفاقم تاليا المشكلة".
المزارعون اليمنيون يتأثرون سلبا
وقال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت، إن المنتجات الزراعية المستوردة من إيران "لها تأثير كبير على المنتجات الزراعية المحلية".
وأشار إلى أن وزارة الزراعة اليمنية حظرت استيراد الزبيب والمكسرات، بما في ذلك من إيران، "لأنها تؤثر سلبا على المنتجات اليمنية المماثلة".
وأضاف أن "المنتجات المستوردة أرخص لكن جودتها أقل، والمستهلك اليمني يفضل الأقل سعرا لأن قدرته الشرائية في تناقص مستمر".
وأكد أن هذا الأمر أضر بالمزارعين اليمنيين، مشيرا إلى أن تدفق الزبيب الإيراني مثلا "تسبب في خسائر للمزارعين تتراوح بين 50 و70 في المائة".
وأضاف أنه في الوقت الذي يكافح فيه اليمنيون لتغطية نفقات حاجاتهم في ظل الحرب وانقطاع الحكومة عن دفع رواتب موظفيها وتوقف العمل، "وجد الزبيب الإيراني إقبالا نتيجة انخفاض سعره رغم أن جودته أقل بكثير" على حد قوله.
ولفت إلى أن "اليمنيين في ظل هذه الظروف لا يهمهم الجودة بل يهمهم توفيرها خصوصا في مناسبات الأعياد".
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الزراعة التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء، تقلصت المساحة المزروعة بالعنب اليمني إلى 1869 هكتارا بعد أن كانت تبلغ 13 ألف هكتار عام 2013.
وعزا ثابت ذلك إلى خضوع المنتجات اليمنية لمنافسة غير عادلة في ظروف صعبة يعيشها المستهلكون.
وأوضح أن "ما ينطبق على العنب والزبيب ينطبق على بقية المنتجات الإيرانية التي غزت الأسواق اليمنية مثل زيوت الطعام وزيوت السيارات التي تؤثر على المحلي لرخص أسعارها".
وقال ثابت إن بعض هذه المنتجات لها أيضا تأثير سلبي "على صحة الإنسان والبيئة بسبب جودتها الأقل".
وفي أواخر العام الماضي، رفضت عدة دول استقبال المنتجات الزراعية الإيرانية المستوردة، متذرعة بأنها تحتوي على آثار من الأسمدة والعفن وعدم إيفائها بمستلزمات الحجر الصحي.
وفي هذا السياق، أعادت الهند وروسيا وأوزبكستان والإمارات وسلطنة عمان وتركمانستان واردات الفواكه والخضروات الآتية من إيران، بينها الكيوي والفلفل والبطاطس، أو حظرت استيرادها.
’أضرار جسيمة تلحق بالاقتصاد العراقي‘
من جهة أخرى، تغرق منتجات الألبان الإيرانية مثل الجبن والقشدة والحليب واللبن الرائب السوق العراقية، وتباع بالتجزئة بتكلفة أقل من منتجات الألبان المحلية.
وكان للتدفق الكبير للطماطم ومعجون الطماطم الإيراني تأثير سلبي على مزارعي الطماطم العراقيين الذين اتلفوا محصولهم احتجاجا، في خطوة دفعت الحكومة العراقية إلى حظر هذه الواردات.
ودعت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم الحكومة العراقية إلى تبني سياسة اقتصادية تعطي الأفضلية للإنتاج المحلي على ذاك المستورد.
وقالت للمشارق إن "السوق العراقية تكتظ اليوم بالبضائع والمنتجات المستوردة سواء من إيران أو غيرها".
وأضافت أن "الإغراق السلعي الذي يجري بدون ضوابط أو آليات مراقبة فعّالة أدى لإلحاق ضرر فادح بالاقتصاد الوطني، فهناك مشاريع ومعامل كثيرة توقفت عن الإنتاج نهائيا".
وتابعت "وحتى السلع القليلة التي تنتج محليا باتت تتكدس في الأسواق ولا أحد يشتريها بسبب المنافسة القوية من المستورد".
وأوضحت سميسم أن "فتح الباب على مصراعيه للمستورد يعني بصورة رئيسية تعطل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي في البلد وبالتالي تفشي البطالة واستنزاف موارد الدولة من العملة الصعبة".
وذكرت أنه "في غضون ذلك، تنتعش اقتصاديات الدول التي تستورد منها البضائع".
اجراءات لحماية البضائع العراقية
وأشارت سميسم إلى أن الحكومة العراقية خفضت قبل عامين سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار الأميركي لمواجهة الأزمة الاقتصادية بعد انهيار أسعار النفط.
وقالت إن "المتبقي من المنتجات الوطنية تصارع بقوة للبقاء صامدة أمام مزاحمة السلع الإيرانية والصينية والتركية لها في السوق".
وأردفت أنه لحماية البضائع العراقية، "على الحكومة تنفيذ سياسة اقتصادية مبنية على رؤية وتخطيط مدروس وواقعي وليس على ردود أفعال أو إجراءات وقتية".
وأكدت ضرورة أن تقدم أولا، على سبيل المثال، الدعم والتمويل الكافيين للمشاريع الصناعية لإعادة تشغيل خطوط الإنتاج وتطويرها بما يتلاءم مع احتياجات السوق.
وأضافت أنه يجب منح القطاع الخاص والصناعة المحلية حوافز للمشاركة في جهود التنمية الإنتاجية من خلال تمكينها من شراء المواد الخام ومستلزمات التشغيل بأسعار مدعومة.
ويمكن تنشيط القطاع الزراعي والصناعات الغذائية من خلال توفير الدعم المالي للمزارعين ومربي الماشية لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم من البذور والأسمدة والأعلاف وآلات الإنتاج.
وقالت إن "خطة إنعاش الإنتاج الوطني تتطلب اتخاذ تدابير وتشريعات لحماية المنتجات المحلية من أية ممارسات تجارية ضارة بها أو أنشطة فساد مع ضرورة الاهتمام جيدا بتسويقها".
وأوضحت أن ذلك يشمل بذل جهود للترويج للمنتجات المحلية على الإنترنت على حساب المنتجات المستوردة، مشيرة إلى أن "إظهار الإسناد المعنوي للإنتاج المحلي ضروري للنهوض بالصناعة الوطنية".