دفعت عودة تنظيم القاعدة وفرع خراسان التابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للظهور في أفغانستان خلال الأشهر الماضية الولايات المتحدة إلى توسيع نطاق تعاونها مع دول آسيا الوسطى لمواجهة خطر الإرهاب في المنطقة.
ورغم المعلومات الاستخبارية المحدودة، ترى الولايات المتحدة فعلا إعادة إنشاء معسكرات تدريب لعناصر إرهابية داخل أفغانستان، وفق ما ذكره قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل إيريك كوريلا لصحيفة وول ستريت جورنال في مقال نشر بتاريخ 23 حزيران/يونيو من دون الإدلاء بتفاصيل إضافية.
وأدلى كوريلا بتصريحاته خلال جولة أجراها في دول آسيا الوسطى في مطلع حزيران/يونيو، حيث بحث الملف الأمني مع مسؤولين من طاجكستان وأوزبكستان وكازاخستان.
وفي 15 حزيران/يونيو، بحث الوفدان الأميركي والطاجيكي توسيع محتمل للعلاقات بين الولايات المتحدة وطاجكستان، لا سيما في المجالين العسكري والأمني.
وأجرى الطرفان محادثات بشأن الوضع الإقليمي والعالمي والحرب ضد الإرهاب وتجارة المخدرات وغيرها من الجرائم العابرة للحدود.
والتقى كوريلا أيضا بمسؤولين في وزارة الدفاع الأوزبكية بتاريخ 14 حزيران/يونيو.
وذكر بعد الاجتماع "خلال محادثاتنا، بحثنا عن فرص قد تسمح لجيوشنا بمشاركة الدروس المستقاة من الخبرة القتالية التي اكتسبت خلال فترة 20 سنة"، بحسب ما جاء في بيان صدر عن السفارة الأميركية في طشقند.
وقال "سنشارك اليوم هذه الحكمة التي اكتسبت بشق الأنفس مع شركائنا الأوزبك. ونأمل أيضا أن نتعلم التدريبات والتقنيات والإجراءات الأوزبكية التي قد تكون مفيدة لجيشنا الأميركي".
وأضاف كوريلا "ناقشنا مسألة أخرى هي التهديد الذي يشكله الفكر العنيف، وهي مشكلة ليس لها حل عسكري بحت. نتشارك المخاوف نفسها بشأن الجماعات التي تعتنق هذا النوع من الأفكار والتي لا تزال تشكل تهديدا".
كذلك، بحث كوريلا ووزير الدفاع الكازاخي رسلان جاكسيلكوف خلال اجتماع عقد في 11 حزيران/يونيو المخاوف الأمنية المتبادلة وفرص توسيع نطاق التعاون الدفاعي في منطقة آسيا الوسطى.
وأوضح كوريلا أن "المخاوف الثلاثة الأبرز بالنسبة لهم هي أفغانستان، ثم أفغانستان، ثم أفغانستان"، حسبما جاء في مقال نشرته واشنطن بوست في حزيران/يونيو، وذلك في إشارة إلى مخاوف إقليمية من قيام فرع خراسان التابع لداعش أو القاعدة باستغلال حالة الفقر المدقع في أفغانستان لزعزعة أمن المنطقة بشكل عام.
ونقلت واشنطن بوست أن "المعلومات الاستخبارية التي يمكن أن توفرها دول آسيا الوسطى للولايات المتحدة بشأن إعادة ظهور تهديدات إرهابية في أفغانستان كبيرة، بحسب مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين منخرطين في المنطقة".
ʼإرهاب وعنفʻ
وفي السياق نفسه، عبّر محللون أفغان أيضا عن مخاوف بشأن إعادة ظهور قواعد تدريب لفرع خراسان والقاعدة في أفغانستان.
وقال الجنرال (المتقاعد) سيد سامر سادات، وهو محلل عسكري أفغاني مقيم حاليا في تركمنستان "للأسف، لا تزال أفغانستان منصة انطلاق مناسبة للإرهابيين العالميين. ومنذ فترة غير بعيدة، سافر نجل أسامة بن لادن عبدالله إلى أفغانستان حيث التقى سرا بالحكام وزار مناطق شمال البلاد".
وأضاف سادات أن "الإرهابيين العالميين، وبينهم عناصر القاعدة والمنشقون والمتطرفون القادمون من الشيشان [في روسيا] وآسيا الوسطى ودول أخرى، بدأوا بالتجنيد وبإنشاء موطئ قدم لهم في أفغانستان".
وتابع أن "الأفغان هم الضحايا الحقيقيون لانتعاش تنظيم القاعدة".
وأشار إلى أن "انتعاش ذلك التنظيم سيؤدي إلى الحرب والعنف والفوضى وسيعزل أفغانستان على الساحة العالمية".
وقال إن وجود القاعدة في أفغانستان كان ولا يزال يشكل تهديدا كبيرا بالنسبة للمنطقة والعالم، ويشكل في الوقت عينه خطرا أساسيا على أمن أفغانستان واستقرارها.
وبدوره، قال المحلل السياسي المقيم بكابل مطيع الله ابراهيم زاي إن عددا من التنظيمات الإرهابية ولا سيما القاعدة، استعادت قوتها وأصبحت نشطة في أفغانستان خلال العام الماضي.
وأضاف أن الشبكة الإرهابية تمكنت بسهولة ونظرا لتاريخها وروابطها السابقة بأفغانستان، من إعادة تنظيم صفوفها وتعمل حاليا على تجنيد وتعزيز قواتها في أفغانستان.
وأشار إلى أن "انتعاش القاعدة سيغرق أفغانستان من جديد في الإرهاب والعنف وسيحول البلاد إلى ملاذ آمن ومركز للإرهاب الدولي".
وقال إن هذا الانتعاش "سيسهل أيضا عمليات التجنيد لصالح التنظيمات الإرهابية وسيؤدي إلى انهيار اقتصاد أفغانستان المفلس أصلا".
ومن جانبه، ذكر المحلل السياسي الأفغاني المقيم في إيران عارف كاياني أن "للقاعدة اليوم وجود أقوى من السابق في أفغانستان، وهذا مصدر قلق للبلاد والعالم".
وأوضح أن "أهداف القاعدة تشمل المنطقة وخارجها [و]سيكون لها تداعيات أمنية سلبية إقليميا وعالميا".
وقال إنه "من الضروري على هذا الأساس أن يتحرك المجتمع الدولي لاحتواء التنظيم. وفي حال لم يحصل ذلك ونظرا للأسلحة والمعدات في أفغانستان، يمكن أن يهدد تنظيم القاعدة الأمن الإقليمي والعالمي".
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي سيد مقدم أمين، وهو من كابل، إن "تنظيم القاعدة يحاول بدون شك إعادة تجميع صفوفه في أفغانستان وفي المنطقة حتى".
وأضاف "في حال انتعش [التنظيم]، ستتحول أفغانستان إلى مركز للتنظيمات الإرهابية والمدمرة. ستجتاح الحرب والفوضى بلادنا من جديد".
[ساهم حمزة من كابل في إعداد هذا التقرير.]