عدن - أكد سكان المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين أن الجماعة المدعومة من إيران تحكم قبضتها الحديدية عليهم عبر التجسس عليهم واستغلالهم.
وقد قامت بذلك عبر طرق عدة، منها غسل أدمغة بعض السكان أو إجبار البعض الآخر على العمل كمخبرين لها، إضافة إلى التحكم بمحتوى المناهج التي تدرس في الجامعات ومطالبة الشباب بحضور دروس تروج لعقيدتها.
وقال محمد ناصر المقيم في صنعاء والذي يعمل لصالح جهاز أمني في المدينة، إنه اعتقل في أحد أسواق صنعاء بسبب مكالمة هاتفية أجراها.
وذكر ناصر الذي طلب استخدام اسم مستعار، أن الحوثيين ألقوا القبض عليه بسبب "مجاهرته وانتقاده" ممارساتهم، والتي قال إنها "جعلت الوضع مأساويا للأسرة اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم".
وأضاف إنهم تنصتوا على ما يبدو على مكالمة هاتفية أجراها مع أحد أصدقائه بعد انتقال هذا الأخير إلى المخا على ساحل البحر الأحمر وانضمامه إلى قوات المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق محمد عبد الله صالح.
وإن صالح هو ابن شقيق الرئيس اليمني السابق ورئيس حزب المؤتمر الشعبي العام علي عبد الله صالح، الذي قتل على يد الحوثيين بعد تخليه علنا عن تحالف حزبه مع الميليشيا المدعومة من إيران.
وقال ناصر للمشارق إن المكالمة الهاتفية التي أجراها مع صديقه "لم تكن تتعدى السؤال العام عن الأحوال بشكل عام ولم تكن متعلقة بالنزاع القائم".
وأشار إلى أنه مع ذلك، اعتقل وسجن حتى مطلع العام 2022 ولم تتلق أسرته أي معلومات حول مكان وجوده خلال فترة سجنه التي استمرت أكثر من عام.
وأوضح ناصر أن إطلاق سراحه من السجن كان مشروطا بمشاركته في عدة "دورات ثقافية"، وهو ما أجبره سجانوه هو ورفاقه السجناء على القيام به.
وفي هذه الأثناء، قال الضابط العسكري المتقاعد حمود خالد إنه تعرض للتمييز العنصري من مشرف الحي الذي عينه الحوثيون، إذ منعه من الحصول على واحدة من أسطوانات الغاز التي توزعها الجماعة على السكان.
وذكر خالد المقيم في صنعاء والذي طلب استخدام اسم مستعار، أنه أجبر على تسجيل ابنه في دورات ثقافية ينظمها الحوثيون.
وكشف أنه بعد الانتهاء من الدورات، أرسل نجله إلى الجبهة دون علمه وبقي يجهل خالد مكان وجوده لأكثر من 6 أشهر.
وأوضح "أخذ ابني للجبهة عنوة لضمان ولائي. ومع ذلك لا يتم توزيع الغاز والمساعدات الغذائية إلا للأشخاص الموالين للحوثيين فكريا بينما البقية لا تعني لهم شيئا".
وأضاف خالد أن ما يزيد الأمر سوءا، هو خضوعه للاستجواب بعد كل زيارة يقوم بها لقريب أو صديق، وهو ما وصفه بأنه "وضع لا يطاق".
أجواء قمعية
وبدوره، قال المحلل السياسي فيصل أحمد إن الحوثيين يقمعون السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في محاولة للتحكم بأقوالهم وأفعالهم.
وأضاف أنهم يحاولون حتى التحكم بما يتم تدريسه في الجامعات.
وتابع أن "جماعة الحوثي استنسخت الطريقة الإيرانية في مراقبة تحركات الناس وأنشطتهم من خلال المخبرين الذين زرعتهم في الأحياء".
وأوضح أن "الجماعة تقوم أيضا بمراقبة من يشارك من السكان في أنشطتها وفعالياتها، حيث أن الشخص غير المتفاعل يحرم من الخدمات ومن المساعدات. وقد يتعرض هؤلاء حتى للاعتقال باعتبارهم معارضين لتوجهات الحوثيين".
ولفت أحمد إلى أن الحوثيين بدأوا في قمع السكان وتنفيذ الاعتقالات بعد مقتل الرئيس السابق صالح عام 2017.
وأضاف أن الجماعة روجت أيضا لخط ساخن عبر وسائل إعلامية تابعة لها، وشجعت الأهالي على استخدامه للإبلاغ عن المناهضين لها.
وقال إن العديد من المعارضين للحوثيين الذين كشف الخط الساخن عنهم اعتقلوا لاحقا، و"لا يزال بعضهم في السجن منذ 5 سنوات".
وأوضح أن "مراقبة السكان تنفذ بأشكال مختلفة في مقار أعمالهم، حيث يوجد مشرف حوثي في كل المؤسسات العامة والخاصة وأيضا في المدارس والجامعات".
وأضاف أن هذا التعقب انتقل من مراقبة السلوك إلى مراقبة أبحاث الدراسات العليا، إذ لا يسمح لأي شخص بأن يبدأ البحث في الموضوع المختار دون موافقة المشرف.
ومن جانبه، قال وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي إن الحوثيين يستخدمون أساليب قمعية من أجل "قتل كل مقاومة مجتمعية لهم وقتل كل فكر رافض لهم".
وأشار إلى أن الحوثيين يتصرفون مثل "العصابات الإرهابية" في سعيهم لقمع السكان المحليين. ويعملون أيضا على استخدام جميع المنصات الإعلامية المتاحة لتوسيع نطاق طموحاتهم وحشد أفراد المجتمعات المختلفة.
استغلال عقال القرى
وتستخدم الجماعة كذلك عقال الأحياء لتحقيق أهدافها ونشر عقيدتها، بحسب ما ذكرته المتحدثة باسم اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إشراق المقطري.
وكشفت المقطري أن التنظيم يستغل عقال الأحياء لا سيما في الحديدة وإب وذمار وريمة وصنعاء.
وأشارت إلى أن الجماعة توكل إليهم تسجيل المستحقين للمساعدات وتوزيع اسطوانات الغاز المنزلي والضغط على السكان والنازحين للحصول على البيانات الشخصية لأسرهم.
وذكرت أن البيانات تستخدم للتحقق من الميول السياسية للعائلات وإجبارها على الموافقة على تجنيد أبنائها.
وقالت المقطري إنها اكتشفت من خلال عملها أن الحوثيين اعتقلوا عددا كبيرا من سكان إب والحديدة وتعز بمساعدة عقال القرى والأشخاص المعينين من جماعة الحوثي والذين يعملون كمخبرين.
وأضافت أن الحوثيين عمدوا قصدا إلى استبدال معظم عقال الأحياء بأشخاص متعاطفين معهم، وكلفوهم بمهمة ثقافية للترويج لفكر الجماعة المدعومة من إيران.
واتهمت المقطري الحوثيين بقمع السكان المحليين من خلال التحقيق مع المعارضين لهم ومراقبة منازلهم والتنصت عليهم عبر النوافذ لمعرفة ما يجري داخل المنازل.