بيروت -- أعلنت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلقاء القبض على أحد كبار صانعي القنابل التابعين لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في عملية جوية نفذت قبل فجر يوم الخميس، 16 حزيران/يونيو، في شمال سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومراسلون من وكالة الصحافة الفرنسية إن مروحيتين عسكريتين حطتا لدقائق معدودة في قرية بمحافظة حلب، في منطقة خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا.
ولم يكشف التحالف الدولي عن اسم عنصر داعش المستهدف، إلا أن مسؤولين أميركيين حددوا هويته بأنه هاني أحمد الكردي ولقبه "والي الرقة"، التي كانت تشكل العاصمة الفعلية للتنظيم، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.
ولم يتمكن المرصد من تأكيد هوية العنصر.
وذكر التحالف أن "الشخص الذي تم إلقاء القبض عليه هو صانع قنابل متمرس وميسر عمليات أصبح أحد كبار قادة فرع داعش في سوريا".
وأشار المرصد إلى أن القوات الأميركية أحضرت بعد ظهر الأربعاء شاحنات وقود إلى قاعدة لافارج في ريف كوباني شرقي حلب، مضيفا أن عناصر قوات سوريا الديموقراطية (قسد) شاركوا في "التحضير الدقيق والسري للعملية العسكرية".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن مروحيتين هبطتا في الحميرة بالقرب من الموقع المستهدف وأقلعتا بعد 7 دقائق، مضيفا أنه لم يتم إطلاق إلا طلقات نارية معدودة خلال العملية.
وتابع أن "العملية الأميركية كانت سريعة وسلسة. وجرت في بلدة الحميرة شمالي شرقي سوريا وعلى بعد 4 كيلومترات من الحدود التركية".
وذكر المرصد أنه بعد انتهاء العملية، حطت المروحيتان التابعتان للتحالف الدولي في قاعدة لافارج.
ولفت إلى أن القاعدة استخدمت كمنصة انطلاق لعمليات سابقة.
وتعد مثل هذه العمليات نادرة في مناطق شمالي غربي سوريا الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة السورية المدعومة من تركيا والجماعات المتطرفة غير داعش كتحرير الشام.
وأدى آخر هجوم مماثل حصل في مطلع شباط/فبراير، إلى مقتل زعيم التنظيم أبو ابراهيم القرشي الذي فجر سترة ناسفة لتجنب الاعتقال.
وذكر التحالف الدولي في بيانه أنه "تم التخطيط للمهمة بدقة عالية للتخفيف من خطر حصول أضرار جانبية، وخصوصا أي أذى للمدنيين".
وأضاف "لم يتأذ أي مدنيين خلال العملية، كما لم تسجل أية أضرار في الطائرات أو الأصول التابعة للتحالف".
وفي هذا السياق، قال الجنرال مايكل إ. كوريلا قائد القيادة المركزية الأميركية إن العملية "تظهر التزامنا تجاه أمن المنطقة وإلحاق هزيمة دائمة بداعش".
ضغط متواصل على داعش
يُذكر أن فلول داعش في سوريا انسحبوا بغالبيتهم إلى الأوكار الصحراوية عقب هزيمة التنظيم، غير أن الخلايا عملت بصورة منتظمة على نصب كمائن للقوات التي يقودها الأكراد والنظام السوري أو القوات الحليفة، منفذة هجمات مماثلة في العراق.
ولكن كثيرا ما يلجأ كبار قادة التنظيم إلى المناطق الخاضعة لقوات أخرى، أو حيث لم يعد مقاتلو داعش نشطين.
وكان سلف القرشي، وهو أبو بكر البغدادي، قد قتل في غارة للقوات الأميركية الخاصة شمالي غربي سوريا، بعيدا عن منطقة عمليات داعش.
ولا يعرف إلا القليل عن الزعيم الجديد أبو حسن الهاشمي القرشي،وهو الزعيم الثالث للتنظيم المتطرف منذ إنشائه.
وكانت سرعة تغيير القيادات سمة ظاهرة في تنظيم داعش منذ إنشائه، ويعود السبب في ذلك إلى العمليات الناجحة المنفذة للقضاء على التنظيم المتطرف العنيف.
ويتخوف مراقبون منذ فترة طويلة من إعادة ظهور داعش في المناطق الواقعة على الحدود العراقية-السورية والتي شكلت في الماضي نواة دويلة التنظيم المزعومة مترامية الأطراف.
ولكن في ظل الضغط المتواصل الذي يمارسه التحالف الدولي على قيادة داعش ومصادر تمويلها، لا يزال التنظيم يفتقر إلى مواقع ثابتة له في أي من البدين، وقد بقيت حدة هجماته على المستوى نفسه إلى حد كبير منذ العام 2019.
اعتقال زعيم داعش في مالي
وقبل يوم، أعلن الجيش الفرنسي أن قواته في مالي ألقت القبض على مسؤول كبير في ذراع داعش بمنطقة الساحل الأفريقي في ليلة 11-12 حزيران/يونيو.
ويأتي اعتقال أمية ولد البقاعي بالتزامن مع استعداد فرنسا لإتمام انسحابها من مالي بعد عقد تقريبا من محاربتها حركة تمرد متطرفة في البلاد إلى جانب قوة برخان لمكافحة التمرد بقيادة فرنسا.
وذكرت وزارة الدفاع الفرنسية أن العملية التي نفذت بالقرب من الحدود مع نيجيريا استغرقت أسابيع عدة من التحضير، وقد شاركت فيها القوات الجوية ووحدات الجيش البرية.
وأوضح الجيش أنه سيتم احتجاز البقاعي لدى القوات الفرنسية لاستجوابه على مدى أيام، قبل أن يتم تسليمه إلى السلطات المالية.
وقال مصدر أمني طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن البقاعي اعتبر في الماضي خلفا محتملا لزعيم الجماعة عدنان أبو وليد الصحراوي الذي قتل على يد القوات الفرنسية في آب/أغسطس 2021.
وكان البقاعي خبير متفجرات وزعيما إقليميا في الجماعة، ويتحكم بمناطق غورما في مالي وأودلان في بوركينا فاسو المجاورة.
وقال الجيش إنه وراء عدد كبير من الاعتداءات التي طالت المدنيين في تلك البلدان.