قال مسؤولون إن العراق رفع مستوى استعداده الأمني بعد هجمات لفلول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وقعت يوم الثلاثاء، 24 أيار/مايو، في محافظتي كركوك وديالى وتسببت بسقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين ورجال الأمن.
وكان مسلحو داعش قد فتحوا النيران من أسلحة رشاشة وقنص على المزارعين أثناء قيامهم بحصاد أراضيهم من محصول الحنطة في قرية سامي العاصي بالقرب من ناحية تازة خورماتو جنوب كركرك.
ووفقا لخلية الإعلام الأمني العراقية، أودى الهجوم بحياة ستة مزارعين.
لكن هذه الحصيلة ارتفعت لاحقا بعد العثور على جثة مقطوعة الرأس لمزارع كان قد خطف أثناء الهجوم وهو من قرية بشير.
وأضرم المهاجمون النيران في حقول المزارعين التي التهمت مساحة 150 دونما من المحاصيل، كما حرقوا حاصدة وآليات زراعية أخرى قبل أن يلوذوا بالفرار.
وقبل أسبوع من وقوع الهجوم، طلبت قيادات الأمن من المزارعين توخي الحيطة وإبلاغ السلطات مسبقا قبل بدء موسم الحصاد لتوفير الحماية لهم.
وما يثير قلق قوات الأمن على نحو خاص هو عمليات الحصاد التي تجري خلال الليل أو في الأجواء المغبرة، حيث عُرف عن المسلحين أنهم يستغلون الظروف الجوية لتنفيذ هجمات خاطفة.
وفور وقوع الهجوم، وصلت قوة من قيادة المقر المتقدم في كركوك وبدأت عملية تمشيط واسعة بحثا عن المهاجمين.
هجوم ديالى
وتزامن الهجوم مع هجوم آخر لتنظيم داعش في محافظة ديالى.
فقد أفادت مصادر أمنية وشهود أن عناصر من داعش تمركزوا فوق إحدى تلال حمرين وأمطروا قرية الإصلاح في قضاء جلولاء بوابل من قذائف الهاون والرصاص.
واقتحموا أيضا أحد المنازل وأحرقوا سيارتين مدنيتين قبل أن يفروا إلى التلال بعد أن حاولت قوات الأمن والأهالي إيقافهم.
وقالت مصادر طبية في مستشفى بعقوبة العام بديالى أنها استقبلت جثث خمسة أفراد من ضحايا الهجوم، بالإضافة لتسعة جرحى من المدنيين وقوات الأمن حالة البعض منهم حرجة.
وارتفعت حصيلة القتلى لاحقا لتصل إلى ستة، بينهم أربعة من أفراد عائلة واحدة وعنصر أمن.
ويوم الثلاثاء، شيّع المئات من أهالي القرية ضحاياهم وسط هتافات تطالب بالقصاص من مرتكبي الجريمة.
وفي هذه الأثناء، أرسلت تعزيزات عسكرية إلى القرية.
وقال مواطن من جلولاء يدعى محمد الزهيري للمشارق، إن "تلال حمرين ما تزال مصدر خطر كبير" على القرى المجاورة لها، مثل قريتي الإصلاح وشيخ بابا.
وأضاف "نطلب من قوات الأمن سرعة التحرك للقضاء على خلايا داعش المتخفية في الأودية والكهوف، وأن تكثف انتشارها في التلال".
وبدوره، أيّد المحلل الأمني صفاء الأعسم مطالبات الأهالي، داعيا إلى "إدخال منظومة مراقبة حديثة" لصد عمليات الإرهابيين، ولا سيما أثناء العواصف الغبارية.
وأكد أن "وسائل الرصد بالعين المجردة والوسائل التقليدية لم تعد مجدية".
وتابع أن "العدو قادر على التخفي جيدا في التضاريس الوعرة والمباغتة بالهجوم في الأجواء المتربة التي تتيح له العودة سريعا لمخابئه السرية والإفلات من العقاب".
وأوضح أنه من أجل أن يكون لها اليد العليا، "من الضروري تجهيز مؤسسة الأمن والدفاع بالرادارات وأنظمة الكشف المبكر وتقنيات التصوير الحراري".
الحاجة لمزيد من الأمن
وشدد الأعسم كذلك على ضرورة وجود "استعداد أمني وخطط أمنية لإيقاف مثل تلك الخروقات الإرهابية"، مشيرا إلى أن مناطق حوض حمرين والصحراء الغربية معروف عنها بأنها ملاذ لفلول الإرهابيين.
وأفاد أن "فلول داعش استطاعوا اختراق تلك المناطق وتأسيس مقرات سرية لهم بمساعدة حواضن محلية وداعمين من خارج الحدود".
لكنه نوّه أن "الاستعداد الأمني والاستخباري الآن في أعلى مستوى له" منذ الهجمات الأخيرة، حيث نفذت عمليات تستهدف أوكار داعش في الأراضي الفاصلة بين إقليم كردستان ومحافظات ديالى وكركوك ونينوى.
وأوضح أن تلك المناطق تضم مناطق رخوة أمنيا بسبب اتساعها وتضاريسها الوعرة التي تكثر فيها المخابئ الطبيعية.
وأشار الأعسم إلى أن "الخطط الاستباقية تسير في إطار تنسيق وثيق بين الجيش العراقي وقوات (البيشمركة) الكردية".
وأكد أن "هناك دعم استثنائي من المواطنين وأبناء العشائر بتوفير أي معلومة تقود للإطاحة بالإرهابيين".
هذا وأثارت الحوادث الإرهابية الأخيرة غضبا في العراق.
ووصفها رئيس الجمهورية برهم صالح بأنها "محاولات خسيسة لضرب أمن مواطنينا واستقرارهم".
وأعلن النائب عن ديالى، مضر الكروي، عن وجود تحرك لمناقشة ملف أمن حمرين في البرلمان وإيقاف الخروقات الأمنية في المستقبل.
وذكر أن الهجوم في قرية الإصلاح "شاهد آخر على خطورة الأوضاع".
من جهته، أكد نائب رئيس البرلمان شاخوان عبد الله أنه "سيتم تشكيل لجنة نيابية للوقوف على حيثيات العملية الإرهابية في ناحية تازة وقصبة بشير ومحاسبة المقصرين".