القاهرة - قال مراقبون محليون إن مدينة تدمر السوريةومحيطها يشهدان حالة توتر بين عناصر الميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني من جهة وتلك المدعومة من روسيا من جهة أخرى.
وقال الناشط الإعلامي عمار صالح إن اشتباكا مسلحا وقع يوم 4 أيار/مايو بين عناصر من ميليشيا الفيلق الخامس الذي تدعمه روسيا وعناصر من ميليشيا كتائب حزب الله العراقية والموالية لإيران في نقطة تفتيش الدار الحمراء جنوبي تدمر.
وقد اندلع الاشتباك على خلفية قيام مجموعة من كتائب حزب الله مدعومة من عناصر سوريين ولبنانيين من ميليشيا حزب الله، بمداهمة أحد المنازل بنية اعتقال الشخص الساكن به، وهو أحد عناصر الفيلق الخامس.
وأضاف صالح أن الحادث تطور للعنف حين رفض العنصر الذي كانوا يلاحقونه تسليم نفسه، وسرعان ما تطورت الأمور إلى إطلاق نار مما أسفر عن مقتل عنصر الفيلق وإصابة رفيق ميليشياوي له كان يزوره.
وقد انتقم عناصر الفيلق الخامس المدعوم من روسيا بالهجوم على مقر الميليشيا التابعة للحرس الثوري، وذلك في اشتباك أسفر عن مقتل عنصر من الميليشيا وإصابة 10 آخرين من الطرفين.
وذكر صالح أن الاشتباك انتهى عندما تدخلت القوات الروسية، علما أن تقارير تحدثت عن فتح هذه القوات تحقيق لمعرفة أسباب ما حصل.
هذا وقد قام الحرس الثوري بزيادة عدد العناصر المنتشرين في سوريا، حيث أصبح عددهم الآن يفوق عدد قوات الميليشيات الموالية لروسيا، وفق ما ذكره ناشطون سوريون.
وأضاف الناشطون أن هذا الأمر تسبب بحالة توتر في المنطقة بين الجانبين، وقد يكون عاملا مساهما في الاشتباكات التي وقعت مؤخرا.
الإتاوات تؤجج المنافسة
وبدوره، قال الناشط الإعلامي جميل العبد وهو من دير الزور، إن ما يؤجج المنافسة بين القوات المدعومة من روسيا وتلك التي تدعمها إيران، هو فرض الرسوم أو الإتاوات على السائقين العابرين في المنطقة، وهو ما تعتبره الميليشيات مصدرا للدخل.
وأوضح أن الميليشيات الموالية لإيران تفرض إتاوات قد تصل أحيانا إلى 150 ألف ليرة سورية (60 دولارا أميركيا)، على الشاحنات التي تعبر من نقاط التفتيش الخاصة بها، مشيرا إلى أن الكثير من تلك الشاحنات تحمل بضائع مصدرها مناطق سيطرة الميليشيات الموالية لروسيا.
وأكد أن "هذا أمر يستفز الفيلق الخامس ويؤدي دائما إلى حالة استنفار بين الطرفين وإطلاق نار لتعود الأمور لتهدأ بعد تدخل قيادات الطرفين".
وأشار العبد إلى أن تدمر والبادية المحيطة بها ومدينة ومحافظة دير الزور تشهد سباقا محموما بين الطرفين لتجنيد المقاتلين الجدد.
وذكر أن "هذا السباق بدأ في المنطقة منذ العام 2018، والنتيجة الآن تبدو متكافئة تقريبا مع ميل لمصلحة الروس في بعض الأحيان، خاصة بعد فتح الروس الباب للتجنيد في صفوف الفيلق الخامس وميليشيا الدفاع الوطني والمؤسسات الأمنية التابعة لشركة فاغنر".
وبحسب العبد، فإن العديد من عائلات المنطقة تفضل الانحياز إلى جانب الروس على حساب الجانب الإيراني لأنها تعتقد أن النظام الإيراني غير قادر على تأمين الحماية والأمن الكافيين لها.
الحرس الثوري يهدف للتوسع
وقال بعض المراقبين إنه من المتوقع أن يحدث المزيد من التوتر بين الميليشيات المدعومة من روسيا وإيران، إذ يبدو أن الحرس الثوري والجماعات التابعة له تتحرك لزيادة أعدادها على الأرض في سوريا.
ومن جانبه، ذكر الصحافي السوري محمد العبد الله أنه يبدو أن الحرس الثوري يهدف للسيطرة على المزيد من المناطق المدنية والمواقع العسكرية.
وأضاف أنه في هذه الأثناء، لا يقوم الروس بزيادة قواتهم أو توسيع وجودهم، نظرا للحرب الدائرة في أوكرانيا، مشيرا إلى أن إيران قد استغلت هذا الوضع لتوسيع وجودها في سوريا.
وتابع أن "الوضع من دون شك سيصل إلى نقطة اللاعودة والانفجار بين الطرفين، لأن الروس لن يفرطوا بأي حال من الأحوال بمناطق نفوذهم في سوريا".
وأشار إلى أن الضغوط التي تتعرض لها إيران وميليشياتها في بعض أجزاء سوريا حيث تتعرض مواقعهم للاستهداف بغارات جوية يمثل سببا آخر لقيام الحرس الثوري بتعزيز نشر قواته.
وذكر أن ذلك " قد أجبر القوات المدعومة من إيران على التفتيش عن مخابئ ومقرات جديدة للحفاظ على تواجدها والحفاظ على الترسانة العسكرية المتمثلة بالصواريخ والأسلحة".
وأكد العبد الله أن منطقة تدمر "تعتبر خزانة أموال ممتلئة" بالنسبة للجانب الروسي بسبب وجود موارد طبيعية وفيرة كالفوسفات والبترول والملح، ولذا فإن الحفاظ على هذه المناطق تحت السيطرة الكاملة يعتبر من الأولويات بالنسبة له.
وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن كلا الجانبين أرسلا تعزيزات عسكرية إلى مدينة تدمر يوم 8 أيار/مايو.
وأوضح المرصد أن التعزيزات الإيرانية شملت آليات ثقيلة ومعدات حفر وتنقيب ميكانيكية، مشيرا إلى أن الميليشيات التي تدعمها إيران قد بدأت في حفر خنادق حول المنطقة وتحصين مواقعها ومراكزها هناك.