بيروت -- بلغت عمليات السلب والسرقة والسطو مستويات غير مسبوقة في مناطق لبنانية تخضع لسيطرة مفرطة من حزب الله، الأمر الذي أثار غضب اللبنانيين الذين يعيشون بغالبيتهم الآن تحت خط الفقر.
وقال سكان محليون إن أفرادا يستقلون دراجات نارية أو هوائية يقومون بسلب هواتف أو حقائب المارة، فيما يقوم آخرون بسرقة المحلات التجارية والسيارات.
ومنذ نيسان/أبريل، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات لسكان اشتكوا من استهدافهم في أعمال مماثلة، لا سيما في ضاحية بيروت الجنوبية (المعروفة بالضاحية).
وانتقد الأهالي الانفلات الأمني في تلك المناطق، مطالبين قوى الأمن اللبنانية بالتدخل لوضع حد لعمليات النهب والسرقة.
وفي هذا السياق، قال المواطن سميح مطر الذي يقيم في حي معوض بالضاحية، إنه تمت سرقة قوارير الغاز من شرفة منزله. كما تعرض هو وزوجته للنشل خلال الأشهر الماضية.
وذكر للمشارق أن "الوضع الأمني بالضاحية لم يعد يطاق بعد ارتفاع غير مسبوق بالسرقات والسلب والسطو المسلح".
وتابع أنه تم في كانون الأول/ديسمبر نشل هاتفه الجوال على يد شاب على دراجة نارية ادعى أنه يبحث عن عنوان محل.
وأضاف أن سيارته سرقت أيضا في آذار/مارس عندما كانت مركونة أمام محل إقامته، كما تعرضت زوجته في اليوم نفسه لسرقة حقيبة يدها فيما كانت تهم بدخول أحد المحلات.
ʼحزب الله يحمي السرقةʻ
هذا ويسيطر حزب الله المدعوم من إيران سيطرة شبه كاملة على أمن الضاحية، ونادرا ما يسمح للقوات الأمنية الحكومية بفرض سلطتها في المنطقة.
وقال معارض لحزب الله يقيم في الضاحية الجنوبية طلب عدم الكشف عن هويته إن الانفلات الأمني المتزايد في الضاحية ومحافظة بعلبك-الهرمل التي تشكل معقلا آخر لحزب الله، سببه تأمين الحزب الحماية للمتورطين بالسرقات وتجارة الممنوعات.
وأضاف أن حزب الله يسهل سرقة السيارات عبر إعطاء المرتكبين أوراقا صادرة عنه لئلا يتم توقيفهم عند حاجز ضهر البيدر أو نقطة الحدود اللبنانية-السورية.
وأوضح أنه يتم أخذ السيارات إلى سوريا وبيعها هناك، أو يتم تفكيكها لتستخدم قطعها في آليات الحزب العسكرية.
وتابع أنه بمعنى آخر، "شبكات السرقة منظمة وبالتنسيق مع مسؤولين حزبين على الأرض".
وقال المصدر إن سكان معاقل حزب الله يشتكون أيضا من ارتفاع نسبة متعاطي المخدرات وتجار الكبتاغون في مناطقهم.
وأشار إلى أن التجار هم رجال أعمال محسوبون على حزب الله، يهربون الكبتاغون من سوريا إلى لبنان قبل تصديره إلى باقي المنطقة العربية.
وأضاف أنهم يروجون لهذه المخدرات بالملاهي الليلية والجامعات في لبنان، وغالبا ما يستخدمون نساء لمثل هذه العمليات.
وقال المتحدث باسم المديرية العامة لمكافحة المخدرات الرائد محمد النجيدي إن السلطات السعودية أحبطت في السنوات الستة الماضية محاولات لتهريب أكثر من 600 مليون حبة أمفيتامين قادمة من لبنان وحده.
واتهم "ميليشيا حزب الله الإرهابية" بأنها "المصدر الرئيس لتهريبها وتصنيعها".
ووفق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يتم تصنيع الكبتاغون في الغالب بلبنان وسوريا.
وقد استخدم على نطاق واسع من قبل المقاتلين في الحرب السورية، حيث يقاتل حزب الله دعما للنظام في انتهاك واضح لسياسة النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية التي يتبعها لبنان.
سرقة المحاصيل الزراعية في الجنوب
وفي الإطار نفسه، لفت المعارض الشيعي حسين عز الدين إلى أن الانفلات الأمني الحالي "لا يقتصر فقط على معقل حزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت".
وأوضح أنه "تعداها لمناطق نفوذه بمختلف مناطق الجنوب والبقاع، بحيث بلغت عمليات السلب والسرقات والسطو والخطف لقاء فدية مالية والقتل مرحلة مخيفة".
وتابع "أمست الضاحية الجنوبية منطقة غريبة عن لبنان، بحيث تبدو وكأنها كانتون للمخدرات والدعارة والأعمال المخلة بالآدب".
وأشار إلى أن الوضع في الجنوب "لا يختلف كثيرا، لأن السرقات الصغيرة بدافع الحاجة رائجة".
وقال عز الدين إن سرقة السيارات القديمة والمحاصيل والمعدات الزراعية وسلب قوارير الغاز من الشرقات تكثر في الجنوب.
وأضاف أن حالات الخطف مقابل فدية تكثر في البقاع، بحيث يتقاضى الحزب لوساطته بين الخاطفين وأهالي المخطوفين حصته المالية.
وأكد عز الدين أنه آن الأوان لأن يتم التعامل مع مسألة سلاح حزب الله غير الشرعي الذي سمح بانتشار الأنشطة الخارجة عن القانون على يد عصابات محسوبة على الحزب.
يُذكر أن التظاهرات الشعبية تتواصل في لبنان للمطالبة بالتطبيق الكامل للقرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
ويدعو القرار لحل كل الميليشيات في لبنان، ومن بينها حزب الله، ونزع سلاحها، ويؤكد على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة الحكومة المطلقة والحصرية.