يُنظر لهجوم وقع مؤخرا في محافظة سيستان وبلوشستان في جنوب شرق إيران واستهدف ضابطا كبيرا بالحرس الثوري الإيراني على أنه جزء من نمط متزايد من الهجمات التي تستهدف مسؤولين وقادة بارزين في الحرس، ما يؤكد على تزايد سخط الشعب على سياسات النظام.
ففي يوم 23 نيسان/أبريل، فتح مسلحون مجهولون النيران على سيارة تقل ضابطا كبيرا بالحرس الثوري، ما أسفر عن مصرع حارسه الشخصي في معركة الأسلحة النارية التي اندلعت بعد الهجوم.
وكان العميد حسين الماسي قائد لواء سلمان الفارسي في الحرس الثوري في محافظة سيستان وبلوشستان هو المستهدف في الهجوم. وقالت وسائل إعلام تابعة للحرس إن الماسي نجا من الهجوم دون أي إصابات.
والحارس الشخصي الذي لقي مصرعه هو محمود آبسالان، نجل العميد برويز آبسالان نائب قائد لواء سلمان الفارسي.
وأظهرت أشرطة فيديو نشرت على قناة "رصد بلوش" على تليغرام بالمحافظة ما بدا أنه جثمان محمود آبسالان أثناء إخراجه من المستشفى.
وأعلنت وسائل إعلام حكومية أن المهاجمين المجهولين احتجزوا، دون أن تذكر المزيد من التفاصيل.
وكان قائد الحرس الثوري قاسم سليماني هو الذي أسس لواء سلمان الفارسي في بداية الحرب العراقية-الإيرانية. ومنذ ذلك الحين، ينشط اللواء في محافظات سيستان وبلوشستان وكرمان وهرموزغان.
يذكر أن سليماني قتل في كانون الثاني/يناير 2020 في بغداد.
ونفذ الهجوم الأخير على هامش فعاليات أقيمت قبيل 5 أيار/مايو، وهو تاريخ ذكرى تأسيس الحرس الثوري الإيراني في 1979.
تاريخ من الصراع في محافظة سيستان وبلوشستان
ولطالما شهدت محافظة سيستان وبلوشستان ذات الأغلبية السنية كما من الاضطرابات.
فكثيرا ما كانت المحافظة الواقعة في جنوب شرقي إيران على حدود باكستان وأفغانستان مسرحا لهجمات أو اشتباكات بين قوات الأمن والفصائل المسلحة.
وكثيرا ما يشتبك أيضا تجار المخدرات وعصابات تهريب المخدرات، ومعظمهم مسلحون، ينشطون بصورة رئيسة في محافظة سيستان وبلوشستان، مع قوات الحرس على الحدود وفي المحافظة، لا سيما في العاصمة زاهدان.
والهجمات على عناصر الحرس ومسؤوليه ليست نادرة، وبعضها تتبناه فصائل بلوشية تشتكي من التمييز والتهميش.
ففي كانون الثاني/يناير، لقى تسعة أشخاص حتفهم في اشتباكات بالمنطقة بينهم ثلاثة عناصر في الحرس الثوري الإيراني.
وقبل شهر، قتلت قوات الأمن مسلحا هاجم مكتب استخبارات ريفية تابع للحرس.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أوردت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن ثلاثة من عناصر قوات الأمن قتلوا في اشتباكات على الحدود.
في في شباط/فبراير 2019، قتل كذلك 27 عنصرا على الأقل من الحرس الثوري في تفجير حافلة تقل قوات شبه عسكرية في محافظة سيستان وبلوشستان. وقالت وسائل إعلام حكومية إن جماعة جيش العدل السنية المتمردة تبنت المسؤولية.
محافظة مهملة
وقال مراقبون إن 65 في المائة تقريبا من سكان محافظة سيستان وبلوشستان هم من البلوش، وغالبيتهم سنة. وكثيرا ما يعاني البلوش من الإهمال نظرا لأنهم أقلية عرقية.
هذا وكثيرا ما يشتكي السكان السنة في إيران من التمييز، الأمر الذي ينكره النظام.
وأدى الإهمال الحكومي في محافظة سيستان وبلوشستان إلى جفاف شديد ومستويات خطيرة من تلوث الهواء ونقص في مياه الشرب وانقطاعات طويلة للكهرباء.
وأضاف كل ذلك إلى المظالم التي يشتكي منها البلوش الذين يعانون بالفعل من البطالة ونقص الموارد.
ولطالما أهمل مسؤولو النظام المحافظات ذات الأغلبية السنية، مع أنهم يشيرون دائما إلى السكان السنة على أنهم متساوون مع نظرائهم الشيعة.
وكانت محافظة سيستان وبلوشستان قد شهدت اضطرابات في شباط/فبراير 2021 بعدما فتحت قوات الأمن وعناصر الحرس الثوري النيران وقتلت عددا من ناقلي الوقود بالقرب من بلدة سارافان على الحدود الإيرانية-الباكستانية.
وتسبب الاعتداء في اندلاع انتفاضة عنيفة قام خلالها النظام بحجب شبكة الإنترنت في المنطقة لمنع المزيد من الاضطرابات.
هذا وتركت ندرة فرص العمل في محافظة سيستان وبلوشستان للسكان البلوش بدائل قليلة عن الانخراط في تجارة السوق السوداء مع أشقائهم البلوش عبر الحدود، مثلما ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش في شباط/فبراير 2021.