طاقة

عرض إيران بتأمين الكهرباء للبنان ʼدعاية استعراضيةʻ

نهاد طوباليان

تظهر هذه الصورة التي التقطت في 11 تشرين الأول/أكتوبر منظرا من الجو عند مغيب الشمس لمبنى كهرباء لبنان الغارق في العتمة ببيروت خلال انقطاع للطاقة. [وكالة الصحافة الفرنسية]

تظهر هذه الصورة التي التقطت في 11 تشرين الأول/أكتوبر منظرا من الجو عند مغيب الشمس لمبنى كهرباء لبنان الغارق في العتمة ببيروت خلال انقطاع للطاقة. [وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت -- قوبل عرض إيران بمساعدة لبنان على بناء معملين للطاقة وسط أزمة طاقة تعاني منها أصلا، برفض لبناني على أنها دعاية استعراضية وباستهزاء في إيران حيث يعاني الشعب أيضا من انقطاع الكهرباء بصورة متواصلة.

وخلال زيارة أجراها لبيروت في 24 و25 آذار/مارس، جدد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان عرضا مسبقا قدمته بلاده بمساعدة لبنان على بناء معملين لتوليد الكهرباء.

وعندما طرح العرض للمرة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر 2021، اتهم منتقدون حزب الله بالسعي لاستغلال الأزمة لدعوة الخبراء والفنيين الإيرانيين من الحرس الثوري الإيراني إلى الأراضي اللبنانية.

وهذه المرة، سارع خبراء الاقتصاد اللبنانيون إلى الإشارة إلى أن إيران نفسها تعاني من أزمة في توليد الطاقة.

تظهر محطة الزهراني لتوليد الكهرباء جنوبي لبنان في هذه الصورة التي التقطت في 10 تموز/يوليو، بعد يوم من توقفها عن العمل بسبب نقص في الوقود وفي ظل انقطاع مستمر للطاقة وانهيار اقتصادي. [محمود الزيات/وكالة الصحافة الفرنسية]

تظهر محطة الزهراني لتوليد الكهرباء جنوبي لبنان في هذه الصورة التي التقطت في 10 تموز/يوليو، بعد يوم من توقفها عن العمل بسبب نقص في الوقود وفي ظل انقطاع مستمر للطاقة وانهيار اقتصادي. [محمود الزيات/وكالة الصحافة الفرنسية]

ولفتوا أيضا إلى أن قبول المساعدة الإيراني من شأنه مفاقمة علاقات لبنان مع جيرانه العرب والخليجيين، وهي علاقات سعى لبنان إلى إصلاحها وبدأت بالتحسن مؤخرا.

وفي بيروت، التقى عبد اللهيان بالرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وأمين عام حزب الله حسن نصر الله.

وإلى جانب تجديده عرض إيران بمساعدة إيران على بناء معامل كهرباء باستخدام شركات إيرانية، لفت إلى أن الشركات الإيرانية جاهزة للمساعدة بعمليات التنقيب عن النفط والغاز.

ونُقل ترحيب ميقاتي بأفكار إيران لجهة المساعدة بإنشاء معامل للكهرباء، لكنه ربط توقيت أية مساعدة بنجاح إيران في التوصل لاتفاق نووي مع القوى العالمية.

ويعود ذلك لمخاوف من أن يتعرض لبنان لعقوبات نتيجة تعامله مع إيران التي لا تزال مدرجة على لائحة العقوبات.

ويواجه لبنان أزمة كهرباء حادة، بحيث اعتمدت شركة كهرباء لبنان برنامج تقنين قاسيا في إمداد البلاد بالطاقة.

وتسبب قطاع الطاقة بعجز سنوي يقدر بملياري دولار، ما زاد الدين العام ليتجاوز المائة مليار دولار.

الدائرة السياسية لإيران

وفي هذا السياق، شبهت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة زيادة عبد اللهيان بـ "الغارة الدبلوماسية" على قرار بيروت السياسي الساعي لإعادة علاقات لبنان مع حاضنته العربية والخليجية.

وقالت للمشارق إن خطوة إيران هي محاولة لتعطيل هذه العلاقات و"إبقاء لبنان بالدائرة السياسية لإيران".

وأوضحت أن زيارة عبد اللهيان لبيروت تزامنت مع توجه ميقاتي لمنتدى الدوحة، على أمل أن يفضي هذا الأخير إلى مرونة للموقف الخليجي بشأن لبنان.

واعتبرت البلعة أن الاقتراح الإيراني ببناء معملي كهرباء في لبنان والتعاون بمجالات أخرى "غير جدي وغير قابل للتنفيذ، ويندرج بخانة الشعارات فارغة المضمون".

وأضافت أن "بناء معمل كهربائي يحتاج لشروط استثمارية قابلة للصرف قانونيا واقتصاديا، وأبرزها قانون المناقصات العامة الذي يعمل لبنان وفقه لتطوير بنيته التحتية".

وتابعت أن المدة الزمنية التي يستغرقها بناء معمل قد تبلغ سنوات عدة، وقد تتراوح كلفة مثل هذا المشروع ما بين 500 و750 مليون دولار.

ورأت أن الاقتراح الإيراني "بدا خاليا من أية ضمانات حيال امتثال لبنان موجبات قوانين العقوبات الأميركية"، لافتة إلى أن طهران لا تزال حاليا تحت طوق العقوبات الأميركية.

وأكدت "يستحيل على لبنان إقامة أي تعاون اقتصادي أو تجاري مع إيران، وإلا تعرض بنفسه [لخطر] عقوبات مباشرة".

أزمة الطاقة في إيران

وبدوره، اعتبر مدير المركز اللبناني للأبحاث والدراسات حسان قطب أن العرض الإيراني بإنشاء محطتين لإنتاج الكهرباء "عرض استعراضي وغير جدي، لأن إيران نفسها تعاني من أزمة إنتاج وتوزيع الكهرباء منذ 2021".

وقال إن هذه الأزمة أدت في تموز/يوليو الماضي إلى اضطرابات واحتجاجات واسعة في إيران، مقترحا أن يعالج النظام الإيراني أزمته الخاصة قبل أن يتدخل لمحاولة حل مشاكل لبنان.

وتابع قطب أن "الحل ليس بإنشاء معامل جديدة كما أشار الوزير الإيراني، خصوصا أن معامل الإنتاج [الحالية] تنتج حوالي 80 بالمائة من حاجة لبنان للكهرباء".

وقال إنه عوضا عن ذلك يجب "وضع حد للسرقة المتمادية للكهرباء التي تعتبر أحد أبرز شروط صندوق النقد الدولي لتمويل شراء الغاز والكهرباء من مصر والأردن".

ولفت إلى أن بعض بلدات منطقة البقاع معفية من دفع فواتير الكهرباء بحجة أنها "قرى مقاومة".

وقال إن "حزب الله وحركة أمل يتغافلان عمدا عن السير بالحل لأن جمهورهما يستفيد من الفوضى".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500