قال محللون إن على دول الخليج القيام بالمزيد لدعم الاقتصاد العالمي، عبر اتخاذ تدابير للجم أسعار النفط التي ارتفعت عقب هجوم روسيا على أوكرانيا.
وأضافوا أنه على السعودية التي تملك احتياطي نفط كافيا ضخ كميات إضافية منه للحد من ارتفاع الأسعار وإعادة الاستقرار إلى الأسواق العالمية.
وناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زلنسكي متحدثا في منتدى الدوحة عبر الاتصال بالفيديو يوم السبت، 26 آذار/مارس، الدول الغنية بالطاقة زيادة صادراتها من أجل تأمين بديل للدول الأوروبية عن النفط والغاز الروسي.
ويوم الأحد، ذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه سيناقش خلال اجتماعات مع الشركاء الإقليميين "العمل في هذه المنطقة من أجل دعم أوكرانيا والوقوف في وجه الاعتداء الروسي، ويشمل ذلك فرض عقوبات وضبط الصادرات".
وبعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، امتنعت دول الخليج باستثناء الكويت، في بادئ الأمر عن اتخاذ موقف ضد روسيا، مشيرة إلى الغزو على أنه "أزمة" وداعية إلى حل دبلوماسي.
ولكن في 2 آذار/مارس، أيدت الدول الست في مجلس التعاون الخليجي قرارا صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لمطالبة روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا وسحب كل قواتها من البلاد.
وذكر محللون أنه رغم ذلك، تبنت كل من السعودية والإمارات موقفا حذرا للحفاظ على الحياد لا سيما لأسباب اقتصادية، محذرين من عواقب محتملة لهذا الموقف.
وقال عبد الله الدخيل، وهو محاضر علوم سياسية في جامعة الملك سعود بالرياض، إن "غموض المواقف الخليجية وخصوصا السعودية من الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا... سيكون له انعكاسات سلبية على علاقات المملكة مع الدول الأخرى".
ما وراء المكاسب الاقتصادية
وبدوره، قال سامي غيط الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية للمشارق إنه في هذه الفترة الحاسمة، لا يكفي أن تفكر دول الخليج فقط بمبدأ الربح والخسارة.
وتابع "بات واضحا أن المملكة تريد أقصى استفادة ممكنة من ارتفاع أسعار النفط عالميا والتي وصلت لمستويات قياسية لم تصل إليها منذ 8 سنوات".
وأوضح أنه لهذا السبب، لا تريد المملكة زيادة إنتاجها النفطي، مع أن لديها القدرة على سد أي عجز طارئ في إمدادات النفط.
وحذر من أن روسيا تستفيد أيضا من سعر النفط المرتفع، لافتا إلى أن امتناع الخليج عن زيادة الإنتاج "يعتبر دعما لروسيا في حربها ويساهم في استمرارها".
وشدد على ضرورة أن يكون الموقف الخليجي "حاسما" في إدانة الحرب، قائلا إنه على دول الخليج "البدء بضخ كميات إضافية من النفط من المخزون الاحتياطي وزيادة الإنتاج للجم ارتفاع الأسعار".
وأضاف أن السعودية هي من الدول القليلة التي تستطيع زيادة الإنتاج بنسبة تصل إلى مليوني برميل يوميا في غضون فترة قصيرة.
وفي مقابلة أجريت في 28 شباط/فبراير مع موقع بوليتيكو، قالت المتخصصة في الشؤون الروسية والأوروبية فيونا هيل إن روسيا "لما كانت تستطيع تحمل كلفة هذه الحرب لولا ارتفاع أسعار النفط والغاز".
ولكنها أشارت إلى أن هذا الأمر لن يكون مستداما على المدى الطويل، مطالبة السعودية بزيادة إنتاجها النفطي "على الفوز كإجراء مؤقت" ومحذرة من أن المملكة "تمول الحرب في أوكرانيا بصورة غير مباشرة عبر الإبقاء على أسعار النفط مرتفعة".
موقف عالمي موحد
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس فخر الدين عوض الله إن "ما يوقف هذه الحرب هو موقف دولي موحد تجاهها وموقف حاسم تجاه الجانب الروسي".
ولفت إلى أن الموقف الموحد للغرب "يبقى ضعيفا بعض الشيء إذا لم تنضم دول الخليج إلى الموقف العالمي الموحد وتتخذ قرارات علنية وواضحة تدين روسيا وتقطع عليها الطريق للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط عالميا".
وحذر قائلا إن الاقتصاد العالمي مهتز في الوقت الحالي بسبب الحرب، وسرعان ما سيمتد هذا التأثير إلى دول الخليج "بشكل كبير"، لافتا إلى أن الأرباح الناتجة عن أسعار النفط المرتفعة لن تكون كافية لإصلاح الأوضاع.
ومن جهته، قال الخبير العسكري السعودي منصور الشهري إن "دولة كروسيا تعتمد من دون شك على [عائدات] مواردها الطبيعية وخاصة النفط لتغذية ترسانتها العسكرية".
وأضاف للمشارق "من دون مردود النفط، فان تكاليف [الحرب] ستكون باهظة وتهز الاقتصاد الروسي والداخل الروسي".
وتابع أن الدول الخليجية بيدها مفتاح الحل من خلال اتخاذ موقف حازم ضد غزو روسيا لأوكرانيا ومد الأسواق العالمية بما تحتاجه من كميات إضافية من النفط.
وأشار إلى أن "العلاقات السعودية-الأميركية والعلاقات السعودية-الأوروبية تعتبر أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها وهي أقوى بدرجات من العلاقات السعودية-الروسية".
وأضاف أن أية زعزعة لهذه العلاقات ستؤثر أيضا على الأمن الإقليمي، لافتا إلى أن الوجود الأميركي في الخليج يعد صمام الأمان في المنطقة.
يُذكر أنه تم في شباط/فبراير نشر مدمرة صواريخ موجهة ومقاتلات أميركية لدعم الإمارات عقب سلسلة من الهجمات الصاروخية التي نفذها الحوثيون على أراضيها.
كذلك، نشطت السفينة الحربية الأميركية يو.إس.إس كول في المنطقة، فنفذت دوريات وعمليات أمنية بحرية لضمان حرية الحركة التجارية ومنع نقل الشحنات غير الشرعية التي غالبا ما تهدف لتمويل الإرهاب وغيره من الأنشطة الخارجة عن القانون.