الرياض -- في الوقت الذي حذرت فيه منظمات الإغاثة من أن النقص في تمويل أعمالها سيكون له عواقب وخيمة على اليمن، بادر الحوثيون المدعومون من إيران في عطلة نهاية الأسبوع إلى شن سلسلة من الهجمات عبر الحدود على منشآت مدنية في السعودية، مستخدمين الطائرات المسيرة والصواريخ.
وبدأت آخر سلسلة من هجمات الحوثيين يوم السبت، 19 آذار/مارس، واستمرت حتى مساء الأحد حين تسبب هجوم استهدف محطة لتوزيع المنتجات النفطية تابعة لأرامكو في مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر في اندلاع حريق صغير.
وكان التحالف العربي قد دمر في وقت سابق من يوم الأحد زورقا مسيرا قبالة ساحل الحديدة، وذلك بعد استهداف مواقع في مناطق عدة من السعودية بينها منشآت تابعة لأرامكو ومحطة تحلية مياه.
وقال التحالف العربي إن الحوثيين أطلقوا طائرات مسيرة مسلحة على محطة كهرباء في ظهران الجنوب ومحطة غاز تابعة لأرامكو في مدينة ينبع الصناعية على ساحل البحر الأحمر، ومحطة بنزين في خميس مشيط.
وأضاف أن الحوثيين استخدموا صواريخ كروز إيرانية لمهاجمة محطة تحلية مياه في الشقيق ومحطة توزيع منتجات نفطية تابعة لأرامكو في جازان.
وذكرت وزارة الطاقة السعودية في بيان أن الهجوم بالطائرات المسيرة على معمل تكرير شركة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير (ياسرف) في مدينة ينبع الصناعية، "أدى إلى خفض مؤقت في إنتاج معمل التكرير".
من جانبهم، أكد الحوثيون أنهم شنوا هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ.
وحذرت السعودية يوم الاثنين من أن هجمات الحوثيين على منشآت المملكة النفطية تشكل "تهديدا مباشرا" للإمدادات العالمية.
وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الاعتداءات عبر الحدود تشكل "تهديدا مباشرا لأمن إمدادات النفط في هذه الظروف شديدة الحساسية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية".
’إيران تمكّن‘ الهجمات
من جهة أخرى، شجب مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان الضربات "الإرهابية"، وقال إن الولايات المتحدة "ستستمر في تقديم الدعم الكامل لشركائنا للدفاع عن أرضهم ضد الهجمات الحوثية".
وأضاف أن الحوثيين يشنون هجمات عبر الحدود "بتمكين من إيران التي تمدهم بالصواريخ ومكونات المركبات الجوية غير المأهولة والتدريب والخبرات".
وتابع أن ذلك "يجري في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي الذي يحظر استيراد الأسلحة إلى اليمن "، داعيا الحوثيين للتعاون مع الأمم المتحدة لخفض التصعيد في الصراع الدائر.
يذكر أن الولايات المتحدة نقلت في الأسابيع الأخيرة عدد كبيرا من بطاريات باتريوت الاعتراضية المضادة للصواريخ إلى السعودية، بحسب ما أفادت وكالة أسوشيتيد برس.
وقبل أيام قليلة من الهجمات الأخيرة، رفض الحوثيون دعوة من مجلس التعاون الخليجي لحضور مباحثات في الرياض في الفترة بين 29 آذار/مارس و7 نيسان/أبريل.
وقال المجلس يوم الخميس إنه يسعى لاستضافة مناقشات بين الأطراف المتحاربة في اليمن على أرض السعودية، على الرغم من رفض الحوثيين عقد المحادثات في "الدول المعادية".
وكان المجلس الذي يتألف من ستة أعضاء من بين الكيانات التي نددت بهجمات الحوثيين في عطلة نهاية الأسبوع، وذلك إلى جانب منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والبرلمان العربي والجامعة العربية.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية أن دولا أخرى، منها الإمارات وقطر والكويت ومصر والبحرين والأردن والسودان وموريتانيا، نددت أيضا بالهجمات.
وتعهد التحالف العربي إثر الهجمات بضبط النفس في رده لضمان نجاح المحادثات الوشيكة المقرر عقدها في الرياض، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط.
لكن التحالف العربي أكد أنه يحتفظ بالحق في الانتقام من الهجمات، محذرا الحوثيين من القيام بأي أعمال شبيهة أخرى.
أوقات عصيبة في اليمن
في هذه الأثناء، حذرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يوم السبت من أن عواقب وخيمة تنتظر اليمن بعدما فشل مؤتمر تعهد دولي في جمع ما يكفي من أموال لمنع كارثة إنسانية.
ونظرا لأن الاهتمام بالصراع في أوكرانيا قد طغى على اليمن المتعطش للمساعدات والذي يعاني بالفعل وفقا للأمم المتحدة من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فقد أصبح اليمن على شفا الانهيار الكامل.
ولأن البلد يعتمد بالكامل تقريبا على الواردات، قالت منظمات الإغاثة إن الوضع سيزداد تفاقما عقب غزو روسيا لأوكرانيا التي تنتج نحو ثلث إمدادات القمح اليمنية.
هذا ويعتمد نحو 80 في المائة من سكان اليمن البالغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة على المعونة من أجل البقاء، بعدما تسببت سبع سنوات من الصراع الذي اندلع جراء انقلاب الحوثيين في أيلول/سبتمبر 2014 في مقتل مئات الآلاف من الناس سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وأعربت الأمم المتحدة عن خيبة أملها بعدما جمع مؤتمر يوم الأربعاء أقل من ثلث المستهدف لمساعدة 17.3 مليون شخص محتاج في اليمن، إذ كانت تسعى لجمع 4.27 مليار دولار أميركي، لكنها لم تجمع إلا 1.3 مليار دولار أميركي.
وكانت قد حذرت مرارا وتكرارا من أن الأموال تنفذ من وكالات الإغاثة.
وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أوك لوتسما، إن "النقص في التمويل يعني أن احتياجات الناس لن تلبى".
وأضاف أن "التوقعات للعام المقبل بالنسبة لليمن تبدو قاتمة للغاية. هذا هو أسوأ وضع شهدناه في هذا البلد حتى الآن".
وأثناء مؤتمر التعهد الذي عقد يوم الأربعاء، شدد ممثلو السعودية والإمارات على ضرورة إيقاف أعمال الحوثيين "الإرهابية"، وقال المندوب الإماراتي إن الحوثيين "يعرقلون وصول المعونات ويغيرون مسارها".