عدالة

تقرير يكشف مقبرتين جماعيتين بالقرب من دمشق فيهما آلاف المقتولين على يد النظام

فريق عمل المشارق

صورة التقطت بالأقمار الاصطناعية نشرها المركز الوطني الفرنسي للأبحاث الفضائية وشركة أستريوم وجرى استلامها من منظمة العفو الدولية في 7 شباط/فبراير 2017، تُظهر سجن صيدنايا المدار من الجيش وهو أحد أكبر مراكز الاعتقال في سوريا ويقع على بعد 30 كيلومترا شمالي دمشق. [وكالة الصحافة الفرنسية]

صورة التقطت بالأقمار الاصطناعية نشرها المركز الوطني الفرنسي للأبحاث الفضائية وشركة أستريوم وجرى استلامها من منظمة العفو الدولية في 7 شباط/فبراير 2017، تُظهر سجن صيدنايا المدار من الجيش وهو أحد أكبر مراكز الاعتقال في سوريا ويقع على بعد 30 كيلومترا شمالي دمشق. [وكالة الصحافة الفرنسية]

برلين -- تحتوي مقبرتان جماعيتان سريتان خارج دمشق على رفات آلاف السوريين الذين قتل معظمهم تحت التعذيب في سجون النظام، حسبما كشفه تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز يوم الأربعاء، 16 آذار/مارس.

وقالت الصحيفة إن التحقيق الذي أدى إلى تحديد الموقعين، أجري على مدى عدة أشهر. وشمل مقابلات مع 4 سوريين كانوا يعملون في الموقعين أو بالقرب منهما، إضافة إلى تدقيق في صور الأقمار الاصطناعية.

وتقع المقبرتان الجماعيتان في مقبرة مدنية سابقة في بلدة نجها جنوبي دمشق وفي بلدة القطيفة شمالي العاصمة.

وتبعد نجها نصف ساعة بالسيارة غربا عن مطار دمشق الدولي.

لقطة من فيلم ʼتدمرʻ تظهر معاملة الأسرى القاسية في سجون النظام السوري. [من الأرشيف]

لقطة من فيلم ʼتدمرʻ تظهر معاملة الأسرى القاسية في سجون النظام السوري. [من الأرشيف]

أما القطيفة التي تضم قاعدة للجيش السوري، فتبعد 40 دقيقة تقريبا بالسيارة عن سجن صيدنايا العسكري ذي السمعة السيئة. وكان الموقع عبارة عن ميدان رماية سابق، بحسب ما ذكره أحد الرجال الذين تحدثوا إلى صحيفة نيويورك تايمز.

وتضم كل من المقبرتين آلاف الجثث.

وأشار أحد الرجال الذين أجروا المقابلة مع الصحيفة إلى أنه مع ازدياد الحرب عنفا، تزايد عدد الجثث الواصلة إلى موقع نجها.

وقال إنه كان ينقل قبل الفجر أكثر من 10 عمال إلى الموقع، مستخدما ترخيصا كان يمكّنه من اجتياز الحواجز الأمنية.

وأضاف أن حافلات كبيرة مبرّدة كانت تستخدم لنقل الأطعمة، نقلت الجثث من المستشفيات حيث تم تسجيل وفيات الأسرى في مراكز اعتقال النظام إلى المقابر.

وعند وصولها كان فريق العمل التابع له يلقي بالجثث على الأرض. وقال للصحيفة إنه كانت تظهر على العديد من الجثث كدمات وآفات وكانت أظافر البعض مقتلعة، في حين كانت بعض الجثث في حالة تحلل ما يشير إلى مرور وقت منذ وفاتها.

وفي فترة من الفترات، كان فريق العمل هذا يفرغ شاحنتين مرتين في الأسبوع، علما أن كل شاحنة كانت تحتوي بين 150 و600 جثة.

كذلك، كان الفريق يستلم عشرات الجثث كل أسبوع من سجن صيدنايا.

وقال إن الجثث التي كانت تأتي من سجن صيدنايا كانت في الظاهر وفيات حديثة، مضيفا أنه كان يبدو على بعضها آثار حبل حول العنق أو إصابات بطلقات نارية.

وذكر للصحيفة أن فريقه كان في بعض الأحيان يرمي الجثث في الخنادق ويغطيها بالتراب أو يعمل على تكديس حتى 8 جثث في مقابر مخصصة لشخص واحد.

وبدوره، قال سائق جرافة عمل في موقع نجها عام 2012، إن ضباطا في المخابرات كانوا يشرفون على عمليات دفن الجثث طلبوا منه حفر حفر مربعة كبيرة.

وأوضح للصحيفة أنه بعد إلقاء الجثث فيها، كان يقود الجرافة على سطحها لتغطية الحفرة بإحكام لمنع الكلاب من انتشال الجثث.

التغطية على الإعدامات الجماعية

وفي أيار/مايو 2017، نشرت وزارة الخارجية الأميركية صور أقمار اصطناعية قالت إنها تدعم ما جاء في تقارير عن قتل جماعي بصيدنايا، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضحت الوكالة أن الصور أظهرت أن النظام السوري الذي يحظى بدعم إيران وروسيا كان قد أقام محرقة في السجن بهدف إتلاف رفات آلاف الأسرى المقتولين.

وأظهرت إحدى صور الأقمار الاصطناعية التجارية التي تعود لكانون الثاني/يناير 2015، الثلج وهو يذوب على سطح مبنى مرتبط بمجمع صيدنايا، في حين ظهرت في صورة أخرى أقدم أنظمة تهوية ضخمة على المبنى.

وبدا ذلك كأنه دعم للمزاعم السابقة التي أطلقتها جماعات حقوقية، والتي مفادها أن صيدنايا هو بالحقيقة مركز إعدام.

وكان الدبلوماسي الأميركي ستورت جونز قد قال آنذاك "بدءا من العام 2013، قام النظام السوري بتعديل مبنى ضمن مجمع صيدنايا لدعم ما نعتقد أنه محرقة".

وأضاف أنه تم إنشاء المرفق "بهدف التغطية على حجم الإعدامات الجماعية التي تجري في صيدنايا".

وقال إنه يتم داخل صيدنايا احتجاز حتى 70 سجينا في زنزانات مخصصة لـ 5 أشخاص، مضيفا أنه "بحسب مصادر متعددة، فإن النظام مسؤول عن قتل نحو 50 معتقلا يوميا في صيدنايا".

ʼسياسة التصفيةʻ

وفي تقرير صدر في شباط/فبراير 2017، كشفت منظمة العفو الدولية أن النظام السوري أعدم نحو 13 ألف سجين في صيدنايا منذ العام 2011، واتهمت النظام السوري باتباع "سياسة تصفية".

ويستند التقرير، الذي يحمل عنوان "مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا بسوريا" على شهادات 84 شاهدا، بينهم حراس سابقون في السجن وسجناء وقضاة.

وأشار التقرير إلى أنه في الفترة الممتدة بين 2011 و2015، كانت تؤخذ مجموعات لا تقل عن 50 معتقلا بسجن صيدنايا كل أسبوع إلى خارج الزنزانات وكانوا يضربون ثم يشنقون في منتصف الليل في "سرية تامة".

وقالت منظمة العفو الدولية إن مثل هذه الممارسات تشكل "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

في عام 2017، وصف معتقل سابق طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لديارنا، وهو الموقع الشقيق للمشارق، كيف تم اعتقاله في دمشق في آذار/مارس 2011 على يد قوات المخابرات السورية التي كانت تنتشر في الشوارع.

فأوضح أنه تم التحقيق معه في مركز أمني حيث بقي لمدة أسبوع، وتعرض خلال هذا الوقت "لأبشع أنواع التعذيب" قبل أن ينقل إلى سجن صيدنايا حيث أمضى قرابة ثلاثة أشهر.

وذكر أن أعمال التعذيب كانت تمارس بشكل يومي على معظم السجناء، خصوصا المعتقلين الجدد الذين تم اعتقالهم بعد بدء الثورة في سوريا.

وتابع أن "السجانين كانوا يمارسون شتى أنواع التعذيب ويضربون السجناء على مدار الساعة وكانت الحياة عندهم لا قيمة لها، فقد كان الموت حاضرا في كل الأوقات، حيث لا تكاد تمر ساعة أو أكثر إلا وينتشر خبر موت سجين بسبب التعذيب أو الإعلان عن إعدامه".

منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، ظلت إيران داعمًا ثابتًا لنظام بشار الأسد، حيث زودته بالدعم السياسي والمالي والعسكري.

بدورها أعاقت روسيا، التي انضمت إلى الحرب عام 2015 إلى جانب النظام، العديد من الجهود لمحاسبة النظام السوري على جرائم الحرب المتهم بارتكابها ضد شعبه.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500